من مذكرات جندي تركي
هذا هو عنوان كتاب، يحتوي مذكرات جندي في الجيش التركي شارك في الحرب والحملات العسكرية التي شنتها القوات التركية على كردستان تركيا عامي 1984 – 1985 ، ولم يعرف اسم الكاتب الحقيقي، ويبدو أنه نشر كتابه الذي صدر في آذار عام 1986 تحت اسم مستعار هو «ياووزأرقال» خوفاً من الملاحقة والاعتقال آنذاك.
كان هذا الجندي شاهداً على الفظائع التي ارتكبها النظام الأكثر رعاية من الولايات المتحدة الأمريكية بعد الكيان الصهيوني، ويحكي كيف كان الشعب الكردي موضع تجربة لكافة أساليب التعذيب الممنهج،والتمييز والاضطهاد.
سجل في هذه المذكرات جزءاً مما شاهده وما مارسه الجند من تنكيل بالشعب الكردي بحجة ملاحقة وتصفية الانفصاليين لكن الرسالة الحقيقية للطغمة الحاكمة في تركية كان الهدف منها تصفية شعب..!
يصف الكاتب كيف قامت فرق الكوماندوس الخاصة والجندرمة التركية في تلك السنوات بإفراغ 4500 قرية من سكانها، ومارست التهجير والتطهير العرقي تجاه السكان، ومات خلال هذه الحرب 40 ألف شخص، وارتكبت مجازر جماعية وحشية، حيث لا يزال ذوو الضحايا لا يعرفون عنهم شيئاً، وزج بالآلاف في معتقلات ديار بكر وتكرداغ السوداء، وأقيمت حفلات التعذيب الجماعي للقرويين نهبت المنازل وأحرقت مدن ومشت المجنزرات على أجساد المدنيين واغتصبت النساء ومسحت قرى بأكملها عن الوجود وأحرقت الغابات.
في مقدمة الناشر العربي الذي ترجم الكتاب ببيروت شهر آب عام 1992، أهدى العمل من أجل انتصار القضية المشتركة لشعوب الشرق، وكتب أن السياسة التركية الداخلية والخارجية مرتبطة أشد الارتباط بالسياسة الأمريكية الخاصة بالشرق الأوسط بعد حرب الخليج الأولى والثانية، وإعلان واشنطن نفسها سيدة العالم بلا منازع بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
سلطهذا الكتاب الضوء على ما يقوم النظام التركي في إطار سياسته القمعية ضد الطبقات الشعبية التركية، داعياً إلى مزيد من التضامن بين حركات التحرر الشقيقة في المنطقة رداً على ذلك وهي حركات التحرر الكردية والعربية والتركية والفارسية لتحقيق الأهداف المشتركة لشعوب المنطقة وتمتين علاقاتها واستكمال بناء العلاقات التاريخية التي تجمع هذه الشعوب على أسس صحيحة والتي حاول الغرب الاستعماري ووكلاؤه الإقليميون تمزيقها.
كتب الرفيق أوليغ شينين رئيس مجلس اتحاد الأحزاب الشيوعية – الحزب الشيوعي السوفييتي عام 1998 أن الحرب التي يشنها النظام التركي على كردستان، ليس لأن سكانها أكراد بل لأن هذه المنطقة استراتيجية بالنسبة للنظام الرأسمالي العالمي الذي يحاول تطبيق مشاريعه بالحديد والنار أي أن الرأسمالية شنت هذه الحرب وغيرها ضد شعوب المنطقة هرباً من أزمتها القادمة التي نشاهدها حالياً.
لقد سلط الجندي المجهول الهوية «ياووزأرقال» الضوء على حقيقة ما كان يحدث بعيداً عن أكاذيب وسائل الإعلام التركية والعالمية، ومنها قضية قيام النظام التركي بتصفية مئات الجنود من أجل أن يثبتوا أنهم يتعرضون لإرهاب مدعوم من روسيا وبالتالي جعلها حجة لشن حربهم المجنونة لقد كانت هذه المذكرات وثيقة دامغة تعري أحد وكلاء الولايات المتحدة في المنطقة وهو النظام التركي أيام حكم العسكر في الثمانينيات.