البلاد طلبت أهلها
في الحكايات الشعبية الفلسطينية يقف البطل المغترب، عند لحظة معينة، ويبلغ مضيفيه أو من هو عندهم في ديار الغربة قائلا: «البلاد طلبت أهلها». يعني: لقد انتهت الرحلة، وحان موعد العودة إلى البيت. ثم يلم نفسه وأغراضه، ويمضي.
البلاد هي التي تطلب هنا، وعلى الشخص أن يخضع لطلبها. البلاد هي التي تأمر وعلى المغترب أن ينفذ أمرها. الأمر لا يتعلق بإرادته فقط. إرادته موجودة. لكن الإرادة الأعمق والأعلى هي إرادة البلاد، إرادة الأرض. هي السيد هنا والفرد هو العبد. هي تريد ابنها الغائب كما تريد أم طفلها، وعليه أن يستمع لصوتها الحنون الآمر.
كل شيء يشير الآن إلى أن البلاد طلبت أهلها.
عليهم أن يلملموا أنفسهم ويعودوا.
حان وقت العودة. الأرض لا تستطيع أن تصبر، بعدُ، على غربة أبنائها. لقد طالت هذه الغربة. طالت أكثر مما ينبغي، والأرض تضج بطلب أبنائها.
وقد فهم أبناؤها في ارض غربتهم طلبها، فجمعوا أنفسهم ومضوا إلى حدودها مشكلين نهرا طويلا من البشر.
نهر العائدين الذين طلبتهم بلادهم يتدفق. يتدفق من جنوب لبنان، ومن الجولان ومن شرق الأردن، ومن كل مكان.
نهر العائدين يتدفق. ويتدفق معه الدم الغض أيضا على أسيجة الحدود. لكن النهر لن يتوقف. فالبلاد طلبت أهلها.
هي تريدهم الآن.
هي تأمرهم أن يعودوا.
وهم ملزمون بتنفيذ أمرها الذي لا يمكن رده.
البلاد طلبت أهلها... هذا هو الوقت.
البلاد طلبت أهلها... هذا هو الشعار.
البلاد طلبت أهلها...
البلاد طلبت أهلها...
وكان أول من عاد حسن حجازي. طلبت يافا منه العودة، فلبى نداء يافا، وعاد.