بين السيرقوني والسيكلما : في النظرة الثالثة
على سطحي بيتين متلاصقين كانا واقفين، التقت نظراتهما فجأة رغم جهد كل منهما في التمويه –كما تتطلب مهمة القناص- عنصر المفاجأة باغتهما، فكل منهما كان يعتقد نفسه وحيداً في هذه المساحة الصغيرة
استل كل منهما سلاحه في استعداد سريع للفتك بالآخر، لكن القذيفة التي سقطت على السطح كانت أسرع منهما، ارتميا كلٌ في اتجاه جريحين جروحاً حدت من حركتهما بشكل واضح، هدأ الغبار وبدآ يستعيدان وعيهما بعد الصدمة، نظرا مرة أخرى إلى بعضهما البعض، كانت نظرة أخرى حتماً، اقتربا وبحركة شبه غريزية شق كل منهما كم قميصه وبدأ يساعد الآخر في ربط جرحه النازف.
جلسا على الأرض قرب حافة السطح يتحدثان، ما الذي أوصلنا إلى هنا؟ قال سليم: بعدما استشهد أخي أصبحت ملزماً تجاه عائلتي وقريتي أن أقاتل، فمن المعيب ألا أدافع عن شرف الشهيد، وها أنذا هنا، قال حميد: تطوعت بعدما لم يعد لدي من مخرج سوى هذا لأتمكن من خطبة فتاتي، فأنا بلا عمل كمعظم شباب قريتي، وهنا وصلت، وكانت النظرة الثالثة حاسمة، تحدثا في وقت واحد بكلام واحد كرجل واحد، «وماذا الآن؟».
اتفقا على أن يفككا طلقات بندقيتيهما، لتطلق طلقات خلبية، ويستمرا في القنص بطلقات خلبية، لتصل رسالتهما لكل الناس، فمن يسمع صوت طلقة موجهة إليه بالذات ويدرك أنها فارغة سيعرف الرسالة، إنها «نحن لا نريد القتل».