محاكاة النهاية
آلان داوود آلان داوود

محاكاة النهاية

تثير هوليوود الهلع عند المشاهدين في الكثير من أعمالها السينمائية، تريد إقناع العالم أجمع بوجود نهاية مأساوية للعالم وشيكة الحدوث وكل عمل ينفرد بعرض إحدى هذه النهايات المفترضة للبشرية بطريقة تختلف عن الأخرى تماماً، فماذا تريد هوليوود أن تقول فعلاً من خلال هذه الأفلام؟

يصور فيلم يوم الاستقلال حدوث غزو فضائي للكرة الأرضية ونشوب معارك حول العالم وتدمير جميع العواصم ووصول البشرية إلى حافة الانقراض، وفجأة يظهر بعض الأبطال الأمريكيين ينقذون العالم من الغزو الفضائي ويعيدون إعمار العالم.

يتحدث فيلم 2012 عن براكين وزلازل وفيضانات تعم الكرة الأرضية وتدمر الحضارة الإنسانية وتصل البشرية إلى حافة الانقراض لولا قيام الولايات المتحدة ببناء سفينة نوح في أحد الجبال حملت كل أشكال الحياة على متنها ومن ثم أعيد بناء العالم.

يحكي فيلم رجل البريد عن قيام كارثة عالمية وانهيار كل الدول وعودة الناس إلى شكل حياة بدائية حتى مجيء رجل بريد أمريكي يقوم بتوحيد الأمريكيين في الولايات المتحدة الجديدة التي تنقذ الكرة الأرضية من الفوضى وضياع الحضارة.

خصص فيلم آخر ليعرض حلول عصر جليدي جديد على البشرية والقضاء على النصف الشمالي من الأرض ومن ثم يقوم بعض الأمريكيين بإنقاذ الحضارة البشرية، وتصور أفلام كثيرة نهايات أخرى للبشرية وفي اللحظة الأخيرة يتدخل البطل الأمريكي وينقذ الحضارة مثل أفلام «الزومبي» الموتى الأحياء أو أفلام انتشار الأمراض والفايروسات المبيدة للحياة أو الغزو الفضائي وغيرها.

تختلف القصص والحكايات في هذه الأعمال السينمائية لكنها جميعها تحمل فكرة واحدة، وهي قيام الأمريكيين بإنقاذ الحضارة والبشرية من الهلاك وتصدير هذه الفكرة للعالم كله عبر شركات بيع وتسويق الأفلام بجميع اللغات.

يصور الأمريكيون أنفسهم كمنقذين للعالم من المشاكل والنهايات المفترضة، فماذا يعني ذلك؟ إنهم يريدون إخفاء النهاية الحقيقية التي تنتظر البشرية على يد الرأسمالية، يقدمون أنفسهم كحل لكل مشاكل العالم بينما تؤكد الوقائع الحقيقية أنهم هم  سبب المشكلة أساساً، المشكلة التي يقفون على رأسها ويمكن أن تصل بالعالم فعلاً إلى النهاية بما تنتجه من حروب ومجاعات ونشر الأوبئة والفقر والقضاء على البيئة تلك الممارسات الهادفة إلى الربح على حساب الحياة على كوكب الأرض.

الرأسمالية تعرف بأنها هي سبب المشكلة التي قد تسبب النهاية، لكنها لا تريد أن يعرف الناس ذلك ولذلك تقوم بالتشويش والتأثير في الوعي  الاجتماعي من خلال إنتاج هذه الأعمال السينمائية وتسويقها للتوجيه وعي شعوب العالم نحو اتجاهات غيبية خيالية لا وجود لها في الواقع الفعلي.

هكذا تتم محاكاة النهاية في رؤية الرأسمالية بقصد إخفاء النهاية الحقيقية التي تنتظرنا جميعاً إن لم نساهم في توجيه الضربة الأخيرة إليها وهي مأزومة وإن لم نساهم في الكفاح ضدها.