كفى تضليلاً وتشويهاً وكذباً.. فـ«الكلمة الآن للرفيق ستالين»!

كفى تضليلاً وتشويهاً وكذباً.. فـ«الكلمة الآن للرفيق ستالين»!

ربما، لم يشهد التاريخ تشويهاً منظماً مستمراً لشخصية ما، كالتشويه الحاقد الذي طال القائد السوفييتي الأممي ستالين، إذ ما يزال خصومه وأعداؤه الذين طالما أنزل بهم الهزائم المتلاحقة، السياسية والفكرية والعسكرية، يجندون كل ما يستطيعون تجنيده من وسائل إعلام متنوعة ومراكز أبحاث وأفلام سينمائية روائية وتسجيلية وكتب وبرامج وندوات، وحتى نكات 

وأقاويل... للنيل منه، ليس كشخص مجرد، وإنما كرمز وممثل لإحدى أهم التجارب الإنسانية، تجربة العدالة الاجتماعية الأبرز في التاريخ: الاشتراكية.. وللأسف، فإن هذا التشويه الذي لم يتوقف طوال عدة عقود، استطاع أن يترك آثاره السيئة، حتى في قلب القوى والتيارات اليسارية بعد تغلغله البطيء إلى لاوعي كوادرها وقادتها، لدرجة أصبح قول كلمة طيبة بحق ستالين أمراً مرفوضاً بالمطلق، فسرعان ما سيُتهم قائلها بالتسلط أو بالتخلف أو بعبادة الفرد..

لقد آن الأوان لنفض الغبار الذي راكمته البروباغندا التضليلية للرأسمالية والتروتسكية والصهيونية عن ستالين، وإفساح المجال لقائد الانتصار على النازية ليقول كلمته.. هذا ما يذهب إليه كتاب «الكلمة الآن للرفيق ستالين»، الذي صدر منذ أيام قليلة عن دار الطليعة الجديدة بدمشق..

الكتاب من تأليف وجمع وتوثيق الكاتب الروسي ريتشارد كاسالابوف.. ويقع في 347 صفحة من القطع الكبير.

مقدمة الكاتب للطبعة العربية إلـى القـارئ السـوري:

جاءني خبر من ممثل اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، خلق لدي سعادة مفاجئة حول قرب إصدار كتاب «الكلمة الآن للرفيق ستالين» في دمشق!.

هذا الكتاب الذي شاركت بإنجازه، صدر لأول مرة في موسكو في أيار عام 1995 بمناسبة الذكرى الخمسين ليوم النصر في الحرب الوطنية العظمى، وقد صدر منه ثلاث طبعات متتالية في أعوام (1995، 2000، 2009).

وبصدور كتاب «الكلمة الآن للرفيق ستالين» أمكن حل قضية ذات أهمية كبرى. لأنه حتى ذلك الحين كان قد مضى نحو نصف قرن على الحملة المعادية لستالين، والتي بدأت بتقرير مشكوك فيه وبصدقيته لـ«نيكيتا خروشوف» أمام المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي في شباط 1956.

وقد مورست الحملة ضد ستالين بأشكال مختلفة في العقود اللاحقة، مع إخماد شبه كامل لصوت ستالين وأعماله التي سحبت من المكتبات ومُنعت طباعتها مجدداً.

كان الهدف الأساس لنشاطي وما قمت به في مواجهة جوقة الذين تقوَّلوا عن ستالين وقيموه دون أدنى مسؤولية، أو أدانوه وكذبوه، أن يظهر صوت ستالين نفسه المغيَّب في مواجهة أولئك، ومن جانب آخر أن يصبح صوته وموقفه معروفاً ومسموعاً لدى الشعب.

لم يكن من الصعب التوقع أن الحملة المضادة لستالين ستتلوها حملة مضادة للينينية، ثم ضد الماركسية والاتحاد السوفيتي، وبالتالي ضد الاشتراكية، وهذا يعني ضد الحركة العمالية، ويضاف إلى ذلك أن الرجعية والإمبريالية والبرجوازية الصهيونية لن تفوَّت الفرصة التي قدمها لهم خروشوف لوقف وتسويد وإرباك العملية الثورية التحررية.

في نهاية المطاف، إن قول الحقيقة حول ستالين بواسطة كلماته هو، وأفكاره وأعماله ورؤاه الاستشرافية، هو ما كنت أهدف إليه وأعدّه قضيتي، وإن حل هذه المسألة كما أظهر الزمن عبر نفسه مجدداً كسلاح، لا يخيب ولا يقبل الصدأ.

إن ستالين الذي سار على خطا معلمه لينين، لم يكن له نظير أو ما يماثله، سواء بين الثوريين أو بين القادة السياسيين في الدول الاشتراكية أو الرأسمالية منذ عشرينيات القرن الماضي. إن أعمال ستالين مازالت تعد كتاب الحياة في العصر الراهن، عصر التحول من الرأسمالية إلى الاشتراكية، على المستوى العالمي. لهذا كله فإن ستالين مخيف للرأسمالية، ويثبت حتمية هذا التحول نحو الاشتراكية والذي لا رجعة عنه، ومن الضروري معرفة كتاب الحياة هذا. ولكن من الضروري أكثر الاعتماد عليه للتقدم نحو الأمام.

إن إصدار كتاب «الكلمة الآن للرفيق ستالين» في دمشق، يحمل أهمية خاصة بالنسبة لي، حيث كنت في هذه المدينة العظيمة مرتين، وكان لي فيها شرف إلقاء مداخلة حول ذكرى الانتصار على الفاشية في منتدى الاشتراكيين والثوريين العرب في ربيع عام 1985. هذا بالإضافة إلى اللقاء مع الرفيق خالد بكداش والأجواء الأخوية التي أحطت بها وقتها.

بما أنني لم أكن محافظاً، بل نصيراً للديالكتيك الثوري الحي، لم أخن قيمنا ومثلنا، ولن أغادر خندقنا الكفاحي المشترك.

10/10/2010

قضيتنا عادلة وسننتصر معاً.

مع تحيات

ريتشارد كاسالابوف

من مُقَدَِمةُ المؤلِّف

في ربيعِ عام 1972، عندما كُنَّا نعملُ معاًً، أهداني المرحوم غريغوري أوغانوف قصيدةً أصبحتْ، بطريقةٍ ما، حَدَّاً فاصلاً في تَفَهُّمي لشخصيةِ ستالين ودوره.

كان غريشا صحافياً من مدينة باكو. ومن المحتمل، أنَّه كان يعرفُ أفضلَ مني، الأصولَ القفقاسية لِطَبْعِ ستالين. وكان غريشا  يهتمُّ أيضاً بجمعِ الوثائق والمواد التاريخية. ومع كل ذلك من المحتمل، أنَّهُ هو أيضاً، لم يَكُنْ يُحسُّ تماماً بالعاطفةِ المأساويةِ الحادَّةِ التي تَضَمَّنتها القصيدةُ الشعرية البريئة والشفافة التي كَتَبَها طالبٌ  بالُّلغة الروسية، وهو في سِنِّ السَّادسة عشرة من عمره.

هذه هي القصيدة:

طافَ من بيتٍ إلى بيت

طارقاً الأبوابَ الغريبةَ

برفقةِ مزماره الخشبي القديم

مُدَنْدِناً أغنيتَه البريئة

في أغنيتِهِ البريئة

كانت تُدَوِّي الحقيقةُ العُظمى

والحلمُ النَّبيلُ السَّامي

كنورِ الشَّمس السَّاطعة

استطاعَ دَبَّ الحياة

في القلوبِ المُتَحَجِّرة

أيْقَظَ عقولَ الملايين

الغارقة في الظَّلام الدَّامس

وبدلاً من العَظَمَة والمجد

قَدَّمَ شَعْبُهُ له

السُّمَّ في الكأس

قالوا له: عليك الَّلعنة

اشرَبِ السُّمَّ كُلَّه

فأغنيتُكَ غريبةٌ عنَّا

وحقيقتُكَ غير لازمة

نُشِرَت هذه القصيدة في صحيفة «إيفيريا» بتاريخ 15 كانون الثاني 1895. وكانت ستبقى محاولة شعرية مدرسية بريئة، لولا المستقبل العظيم والمجيد والمُرْعِب لكاتبها.

ها قد مرَّتْ 40 سنة، وها هو ستالين، الذي عايشَ أعظمَ الأمجادِ والانتصاراتِ التي كانت من نصيبه في يومٍ من الأيام، يرقدُ الآن بالقرب من ضريح لينين تارةً، وخلفه تارةً أخرى، تحت جدران الكرملين. وعلى مدارِ عشرات السنين، والعباراتُ النابية تنهالُ عليه من كلِّ حدبٍ وصوب، ويحاولُ الكثيرون تشويه سمعته.

كان الخطأُ الوحيدُ الذي ارتكبه الشّاعرُ الشّابُّ سوسو  جوغاشفيلي (أي ستالين) هو أنَّهُ أصبح منبوذاً داخل البيت العظيمِ الَّذي بناهُ بنفسه. لقد نُبِذ منه، ليس عندما كان على قيدِ الحياة، وإنما بعد وفاته. ويحاول اليوم الكثيرون، مِمَّنْ أراد ستالين إيقاظ عقولهم، الثأرَ منه بعد وفاته، موجِّهين له كلَّ الاتِّهامات الباطلة. وها هم يفعلون كلَّ ما في وِسْعِهم، كي تصبحَ حقيقتُه غريبةً عن الشعب، وكي تصبحَ أغنيتُه غير لازمة. وبسبب هذه الشتائم التي تَصُمُّ الآذان، سواء كانت بسببٍ (حيث كانت هناك أسباب) أوبلا سبب، أصبح ستالينُ الآن معروفاً أقل من الذين كتبوا وتحدَّثوا في يومٍ من الأيام، وأصبحت أفكارُهُ وأحكامُهُ تُذْكَرُ فقط، كقاعدةٍ عامة، أثناء سردِ نظرياتٍ معينةٍ وبشكلٍ منقوص. إنَّهم يحاولون التعتيمَ على مؤلَّفات ستالين. وتوقَّفوا تقريباً عن إعادةِ طباعتها، وصار محروماً من إمكانية إجراءِ حوارٍ مباشرٍ مع جيلين من القُرَّاء.

«كان ستالين كريهاً جداً، ومحبوباً جداً، ومحترماً جداً، وأكثرَ رجل دولة، احتقاراً في التاريخ ـــ هذا ما كتبه عنه أ. أفتورخانوف ـــ لم يكن في دولته أُناس عديمو الاكتراث به. كان الناسُ نوعين: إمَّا أنهم كانوامتحمِّسين له، وإمّا أنهم كانوا أعداء له. لم يستطعْ أحدٌ من المعاصرين رَسْمَ الصورة السياسية ـــ النفسية الدقيقة لستالين؛ فقد كان ذلك صعباً عليهم، لأنه لا يوجد بينهم مَنْ يُنْصِفَه حتى بعد وفاته. ولكي نستطيعَ فِهم نفسيته وتقييم مآثره بشكلٍ صحيح، وبالتالي تقويم مكانته في تاريخ روسيا والعالم، فنحن بحاجةٍ ل 100 ـــ 200 سنة من المسافة التاريخية عنه على أقل تقدير». (أفتورخانوف أ. لغز موت ستالين (مؤامرة بيريا)، موسكو1992، الصفحة 104).

أعتقدُ أنَّ الذاكرةَ التاريخية خانتْ أ. أفتورخانوف. وها هي قد بدأت، أخيراً، تنقشعُ الغمامةُ التي حاولت قوى معروفة لفّها حول اسم ستالين وصورته، لدوافع مغرضة تحت تأثير أعمالها الشنيعة نفسها. لقد غَسَلَت الثورةُ المضادَّة في الاتحاد السوفياتي وفي روسيا عيون العديد من مواطنينا بدماء ضحايا 4 تشرين الأول.

موسكو– تموز 1993 ـــ آذار 1994

■ ريتشارد كوسولابوف

تقديم

ليس المطلوب إعادة الاعتبار لستالين، فهو كان قد تنبأ أن قاذورات كثيرة ستلقى على قبره، ولكن رياح التاريخ كفيلة بإزالتها.. بل المطلوب أولاً، وقبل كل شيء، استعادة تلك المنصة المعرفية التي حققت الحركة الثورية العالمية في النصف الأول من القرن العشرين على أساسها، انتصاراتها العظمى، ابتداءً من ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى 1917، إلى الانتصار الكبير على النازية في عام 1945، والتي بمجموعها غيرت ميزان القوى العالمي ضد مصالح الرأسمالية العالمية... ذلك الذي بدأ بالمراوحة، ومن ثم التغير السلبي منذ المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي عام 1956، وصولاً إلى انهيار الاتحاد السوفياتي 1991، الذي يعد علامة فارقة هامة دلّت على اختلال جدي في ميزان القوى العالمي لمصلحة  الإمبريالية العالمية..

واليوم، يتبين أن الهجوم على ستالين من جانب وسائل الإعلام الغربية والصهيونية ومن لفّ لفّها، كان المقصود منه إطلاق ستار كثيف من القنابل الدخانية لمنع الأجيال اللاحقة من الثوريين من الاقتراب من تلك المنصة المعرفية الهامة التي وصل إليها ثوريو النصف الأول من القرن العشرين، الذين غيروا وجه العالم... والحقيقة أن ساتر النيران الكثيفة على تلك المنصة قد فعل فعله، وإذا أضيف إليه التزوير الممنهج والمقصود للتاريخ نفهم كم كانت تلك المنصة هامة وخطيرة.

وإذا كان المطلوب اليوم استعادة تلك المنصة، فليس للوقوف عندها، بل للانطلاق منها إلى الأمام، فهي التي ستضمن اتجاه البوصلة الصحيح في الصراعات الحادة الجارية اليوم على كل مساحة الكرة الأرضية...

والمفارقة اليوم، أن الخلاف حول ستالين لم يعد قضية مطروحة في الحركة الشيوعية الروسية والسوفياتية، فهناك إجماع بين كل مكوناتها بمختلف تياراتها على التقييم الموضوعي، الإيجابي بالمحصلة، لدوره التاريخي... ولكن النقاش حول دوره ما يزال محتدماً خارج الحدود الروسية والسوفياتية سابقاً، ويعود السبب على الأرجح، إلى ضعف القاعدة المعلوماتية لدى قراء غير الروسية، الذين يعيشون حتى اليوم على ما ضخته أهم مدرستين معاديتين لستالين منذ أوائل الستينيات، وهما المدرسة الشرقية «البونوماريوفية » والمدرسة الغربية «الدوتشرية  والنشتينية ».. اللتان لعبتا دوراً هاماً في تزوير صفحات التاريخ. بينما تتيح الوثائق الحديثة التي أفرج عنها باللغة الروسية، إعادة تقييم وجرد شاملة، أكثر موضوعية لتلك المرحلة.

إن هذا الكتاب المترجم للعربية، هو محاولة لإعطاء ستالين الفرصة لكي يعيد التعريف بنفسه لدى تلك الأجيال التي سُوِّدت صفحتُه في ذهنها بفعل فاعل، وبشكل مقصود..

إذاً المطلوب اليوم ليس إعادة الاعتبار لستالين، لأنه بقول الحقيقة عنه إنما تبدأ الحركة الثورية بإعادة الاعتبار لنفسها أمام التاريخ وأمام جمهورها.

دمشق 30/10/2010

■ د.قدري جميل

 

مقتطفات من الكتاب

أنا مُنِحْتُ أوسمة بما فيه الكفاية

رسالة إلى الرفيق ي. ن. باجانوف

الرفيق ي. ن. باجانوف المحترم!

تلقيتُ رسالتكَ التي تنازلت فيها لي عن وسامك الثاني، كمكافأة لي على عملي. أنا ممنونٌ لك على كلماتك الودِّية وهديتك الرفاقية. أنا أعرف أنك حرمت نفسك من أجلي، وأنا أُقَدِّرُ مشاعرك نحوي.

ومع كلِّ ذلك، فإنني لا أستطيع قبول وسامك الثاني. لا أستطيع، ولا يجوز لي أصلاً أنْ أستلمه، ليس لأنه يعودُ لك أنت فحسب، لكونك أنت مَنْ استحقَّه، وإنما لأنَّ رفاقي كافؤوني وكرَّموني بما يكفي من الاهتمام والاحترام. ولهذا السبب لا يجوز لي أنْ أسلبك حقَّكَ.

لقد خُلِقت الأوسمةُ لِتُمْنَحَ ليس للأشخاص المعروفين أصلاً، وإنما لأولئك الأشخاص ـــ الأبطال المجهولين ـــ الذين لم يسمع بهم الآخرون، والذين من الواجب تعريف الناس بهم.

وبالإضافة إلى ذلك، أريدُ أنْ أُخبرك بأنني قد حصلت على وسامين، وهذا بالتأكيد أكثر مِمَّا أستحقُّه. المعذرة على التأخر في الرد.

مع التحية الشيوعية

ملاحظة : أُعيدُ الوسامَ إلى من استحَقَّه

 16 شباط 1933.

ضرر بقضيتنا العامة

رسالة إلى دار النشر «ديتسكايا»

أنا ضد فكرة نشر «قصص حول طفولة ستالين»

توجد في هذا الكتيب الكثير من الأخطاء والتحريفات والمبالغات والمديح الذي لا مبرر له.

لقد ضلَّل قناصو الحكايات والأكاذيب (من المحتمل أنهم يكذبون عن حسن نية) الكاتبَ، غير أنَّ الحقيقة تبقى حقيقة ولا يمكن إخفاؤها.

لكن ليس هذا هو المهم. المهم هو أنَّ هذا الكتاب يحاول أن يرسِّخ في عقول الناس السوفييت (و الناس بشكل عام) خرافة تقديس الشخصيات والزعماء والأبطال. هذا الأمر خطير جداً وضار في آنٍ واحد. إنَّ نظرية «الأبطال» و«العامة من الناس» لا تمت للبلشفية بأية صلة. إنها نظرية الإيسيريين. يقول الإيسيريون: «الأبطالُ يصنعون الشعب، حيث يحولونه من حشود إلى شعب». أما البلاشفة فيقولون للإيسيريين: «الشعبُ يصنع الأبطال». إنَّ هذا الكُتيب يخدم مصالح الإيسيريين. وكل كتاب من هذا القبيل يخدم مصالح الإيسيريين. لذا فأنا أنصح بحرق هذا الكتيب.

16 شباط 1938