قراءة في كتاب (الغداء والغلاء)
صدر كتاب الغداء والغلاء للباحث محمد سليمان إبراهيم في العام 2009، وقد بحث الكاتب قضية أساسية تشغل العالم اليوم، وهي قضية الغذاء ولامس قضايا أخرى في الأزمة الرأسمالية العالمية والصراع الدولي الجاري بين الأقطاب الرأسمالية من جهة وبين الشمال والجنوب من جهة أخرى. بدأ الباحث كتابه بسؤال هام وجوهري يقول «إلى أين تتجه البشرية عامة في السنوات القادمة مع أزمة الغذاء العالمي والجوع القادم والذي يتهدد دول الجنوب خاصة؟»
ويشبه الكاتب العالم الآن بسفينة فقدت مرساها، ويحاول القبطان إنقاذها من الغرق وسط بحر متلاطم الأمواج. ويضيف نحن مقبلون على أزمة بشرية قادمة من قلب الأزمة الاقتصادية للرأسمالية العالمية، هي أزمة الغذاء وخطر الجوع القادم.. فدول الجنوب الفقيرة ينتظرها الكثير من الحروب والكوارث التي يسببها الشمال الرأسمالي المتوحش ستنتهي بالتنازل عن ثرواتها وسيادتها الوطنية مقابل سيطرة اقتصادية وعسكرية وإعلامية تعيد هذه البلدان إلى عصر العبيد. حيث يجري تراجع التعليم والتلوث البيئي والفساد والاستبداد وهجرة الأدمغة والنمو السكاني العالمي وفقدان موارد المياه في الجنوب..
يشرح الكاتب أدوات الرأسمالية المتوحشة للسيطرة على الجنوب من خلال حرب تجارية عالمية بواسطة شركات عملاقة متعددة الجنسيات تأخذ كل شيء خام من الجنوب وتعيده إليه أضعاف قيمته مصنعاً، أي أن هناك حرباً عالمية بدون جيوش تديرها القوى العالمية بواسطة أدواتها تستخدم فيها المتطرفين الفاشين والإرهاب وسيلة أساسية لفرض سيطرتها المطلقة واستخدام أشخاص وتيارات وأحزاب موالية لأصاحب هذه الشركات.
ويؤكد الكاتب حتمية تراجع وضعف الإمبراطورية الاميركية على المدى المتوسط وانهيارها، حيث تتوقع الكثير من مراكز الأبحاث والدراسات عن انتقال الثقل العالمي من الولايات المتحدة غرباً إلى الصين شرقاً بحلول العام 2025 ولذلك فإن الوحش الأميركي لن يستسلم بسهولة وسيحاول الخروج من أزمته بإشعال الحروب وتحدث الكاتب عن أهمية النفط كمحرك أساسي لقوى الطاقة الصناعية.
ويربط الكاتب ارتفاع أسعار النفط عالمياً وتأثيره على فاتورة الغذاء العالمي خاصة لدول الجنوب، بمخطط امريكي واضح لأنها المستفيد الأكبر من ارتفاع أسعار النفط فشركاتها النفطية هي الرابح الأكبر كمنتج وموزع وارتفاع سعر النفط يخدم الولايات المتحدة لأنه متسعر بالدولار، وتوفر الولايات المتحدة مليارات الدولارات لتغطية نفقات حروبها الخارجية، وأن اهتمام بعض دول العالم كالولايات المتحدة والبرازيل والهند على تصنيع الوقود الحيوي قد تخدم قضية البيئة والتلوث في العالم ولكن سينتج أزمة غذاء عالمية تنتهي بالجوع لأن مواد مثل «الذرة ـالصوياـ السكر» هي مواد أساسية في الغذاء. ويتحدث عن ظواهر أخرى كظاهرة التعلم والاحتباس الحراري التي تهدد حياة البشرية وإن سلاح الغذاء هو السلاح الفتاك الأقوى للسيطرة على الجنوب فهل يستيقظ لمواجهة «الخطر القادم» أم إننا مقبلون على عصر عبيد جديد؟