أوراق رياض نـجيب الريِّس المنسيّة
يستعيد الصحافي رياض نجيب الريِّس في كتابه «أوراق منسية، أحاديث هزت الخليج 1979 - 1985» الصادر حديثاً عن «دار الريّس- بيروت،2011» حوارات أجراها مع شخصيات خليجية في ثمانينيات القرن العشرين، عندما كان يكتب في عدد من المطبوعات العربية الصادرة في أوربا وخصوصاً مجلة «المستقبل» التي كان يرأس تحريرها الصحافي اللبناني- الفلسطيني الراحل نبيل خوري.
حيث أهدى رياض الريِّس كتابه إلى صديقه وزميله نبيل خوري رئيس تحرير مجلة المستقبل. فقد بقي الريّس وفياَ لنبيل خوري حتى بعد وفاته.
يقول الريِّس في المقدمة هل هي أوراق منسية، أم هوامش سياسية نسيها التاريخ؟ طرحت هذا السؤال على نفسي وأنا أنبش في ملفاتي الصحافية القديمة، إنه كتاب في الحاضر المعاصر.
لقد كان رياض الريّس أحد الأعمدة الرئيسية في الصحافة العربية في باريس، وكانت حوارات الريس في ذلك الوقت تتسم بالجدية والاحترافية المهنية على مستوى عالٍ، أهمية تلك الحوارات ليست فقط في الشخصيات الأربع التي حاورها الريّس إنما في طريقة الحوار التي تتميز بالجدية والرصانة والخبرة الصحافية.
لرياض الريّس الصحافي المتمرس تجارب خارج عالمنا العربي فقد غطى أكثر من منطقة ساخنة في العالم من تشيكوسلوفاكيا إلى تغطية الانقلاب في اليونان، وثورة اليمن.. يؤكد رياض الريّس على أنه كان يبعث برسائله بالحرف اللاتيني، فكانت مهمة شاقة جداً، إذ كنت أكتب النص العربي بالحرف اللاتيني وأعطيه لعامل التلكس.
ويلاحظ قارئ كتاب الريس، مدى الفارق الكبير بين صحافيِّ الثمانينيات الذين لم يكونوا يملكون من الوسائل سوى البدائية منها وصحافيِّ اليوم حيث الفضاء المفتوح ووسائله المتطورة تقنياً من إنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف مسمياتها، فالفارق يتبدى في جرأة صحافيِّ الثمانينيات حيث الوسائل البدائية في العمل الصحافي، إضافة إلى ثقافة إجراء الحوارات مع شخصيات لها وزنها على الساحة الدولية، فكثيراً ما قرأنا حواراً أجراه أحد صحافيي الثمانينيات مع رئيس دولة إلاّ وكان له صدى واسع في أروقة السياسة، وكان هناك دور للصحافي في إيصال رسائل معينة أثناء إجراء حوار مع هذا الرئيس أو ذاك فقد ساهم عدد من الصحافيين أنذاك في ترطيب الأجواء بين بلد وأخر وزعيم وأخر يختلفان إما بسبب الحدود أو الموقف السياسي من إحدى قضايا المنطقة. «وكان أي صحافي يمكنه أن يقابل أي مسؤول. أما اليوم ومع فورة الاتصالات صارت هناك أسئلة مكتوبة وعليك أن تنتظر شهرين حتى تأتيك الإجابة».
كانت صحافة الثمانينيات تساهم في إطفاء الحرائق الدبلوماسية والسياسية لا إشعالها كما تساهم بعض وسائل الإعلام اليوم على طول وعرض الوطن العربي.
ومن الحوارات في كتاب الريّس حوار مع الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي قال: «الاتحاد السوفيتي ليس عدواً لنا ووجوده في أفغانستان شرعي، موضحاً أن وجود قوات التدخل السريع الأميركية مساس بسيادتنا ويشجع موسكو على التدخل». وكانت تلك التصريحات في ذلك الوقت بمثابة قنبلة سياسية من العيار الثقيل. يعيدنا الريّس إلى أجواء الثمانينيات التي مازالت تلقي بظلالها على المنطقة وإنْ بدت بشكل مختلف في الوسائل والأهداف وربما حتى النتائج.