تعددت الرعيان والكذب واحد
لاشك أن المواطن العربي، يتحمل قسطاً من مسؤولية ما يجري في بلاده. لكن ذلك لا يمكن أن يُقارن، بما يجب أن يتحمله أصحاب الأمر والنهي في البلاد العربية. لذا من غير المفيد ولا الصحيح، أن نلوم اليوم، هذا المواطن المستلب والمقهور. إذا ما عبّر، أخيراً، عن استيائه وتذمره وغضبه، مما وُصِّلنا إليه من أزمة كارثية مستعصية، تفتقت عن تظاهرات واحتجاجات وتجييش واغتيالات.
فليس من الإنصاف ولا العدالة. أن نضع الحق على المواطن، لعدم تصديقه قياداته المتعاقبة وحكوماته ومسؤوليه. القيام بالإصلاحات والتغييرات الضرورية المطلوبة، العادي منها أو «المرهون بأجواء وظروف مناسبة».
كما ليس من المنطق. تحميل ذلك المواطن، فوق ما يحمله أصلاً من أعباء معيشته –ولا أراها قليلة ـ أو التسبب في شحّ وفقدان بعض المواد من السوق. هذا على الرغم من مشاركته فعلياً، من حيث يدري أو لا يدري، أحياناً، بذلك.
أمّا المبرّر الذي اعتمدته واستندت إليه في تبرئة المواطن، أو بالأصحّ، تحميله القسط الأخف من المسؤولية، فأعزوه لسببين رئيسيين:
أولهما: هو أن المواطن في بلادنا ـ وعلى عكس ما هو منصوص في القوانين ـ متهم حتى تثبت براءته، التي غالباً ما تأتي مع إثبات حسن نيته، بالانضواء في صفوف الحزب الحاكم.
والثاني: هو أن المواطن عندنا منذ الصغر ، وقصة «الراعي الكذّاب» حاضرة في ذاكرته . يسمعها من جدته وأمه طفلاً.. يقرؤها على مقاعد الدراسة في الصفوف الأولى يافعاً.. ويتندّر بها أمام زملائه وصديقاته مراهقاً. وما زال الرعيان «الأكارم» على اختلاف عديدهم وعُدَدِهم ومستوياتهم وأنواعهم، حتى تاريخه، يتناوبون الكذب على مواطنهم. في الوقت الذي اكتسب فيه أخونا المواطن، مناعة ضد تصديق تصريحات المتجشمين رعايته، ووعودهم، حتى ولو حدث وصدقوا مرّة ـ في طرف الزمان ـ أو بعض مرّة!
سؤال بتّ أقضُّ مضجعه. بمحاولاتي الإجابة عليه، دون جدوى..
سؤال، أضعه على طاولة الحوار الوطني الشامل المزمع – في حال جرى وشمل - أمام المسؤولين، سلطة وموالاة ومعارضة وفريقاً ثالثاً. هو، لِمَ لَمْ نستفدْ طوال السنين والأجيال والعهود الماضية، من العبرة والعظة والتحذير الموجود في قصة الراعي الكذاب!؟