كيف صُنّعت الحملة المعادية لستالين؟
بعد انتصار الاتحاد السوفييتي كتب «آلين داليس» أحد منظري الحرب الباردة: «سوف تنتهي الحرب، وسوف يستوي وينتظم كل شيء وسوف نلقي بكل شيء نملكه، كل الذهب وكل القوة المادية من أجل استغفال وتحميق الناس فالعقل البشري وإدراك الناس قابلان للتحول، وبعد نشر الفوضى هناك سوف نبدل من حيث لا يشعرون قيمهم بأخرى كاذبة ونجبرهم على الإيمان بهذه القيم الكاذبة كيف؟ سوف نجد أنصاراً وحلفاء لنا في روسيا نفسها، ومشهداً بعد مشهد سوف تحدث مأساة كبيرة من حيث أبعادها لهلاك أقوى شعب وانقراض وعيه بشكل نهائي وللأبد»
فهم الغرب الرأسمالي حينها أنه لا يمكن هزيمة الاتحاد السوفييتي عسكرياً لذلك ابتكر منظروه حرباً أخرى ومنهم «داليس» الذي أسس لهذه الحرب بكثير من جوانبها الخفية والظاهرة آنذاك واستطاع بعد عقود إنجاز ما عجز عنه هتلر فأين يكمن السر وراء ذلك؟
بين برنامجين..
فهم «آلين داليس» بدقة خلال عمله على بناء الأسس النظرية لحرب السينما والأدب أن مشروعه يجب أن يتناقض تحديداً مع مشروع ستالين في هذا المجال للنيل من شعوب الاتحاد السوفييتي.
قامت نظريته على استئصال الجوهر الاجتماعي للأدب والفن وإرغام الفنانين على الإقلاع عن الإبداع، وقتل الرغبة في البحث عن العمليات التي تحدث في أعماق الجماهير الشعبية.
أما الأدب والمسرح والسينما فتم تمثيله بتمجيد العواطف الإنسانية الخسيسة، ودعم وتشجيع من يسمون بالفنانين الذين غرسوا في الوعي الإنساني تأليه العنف والجنس والسادية والخيانة بشتى السبل، وبعبارة مختصرة دعم الانحلال الأخلاقي.
الفوضى وتغيير الوعي
خصصت جهود مادية وبشرية ضخمة من أجل نشر الفوضى والتشويش في قيادة الدولة، ودعم هؤلاء بشكل غير ملحوظ ولكن بنشاط كثيف عناد الموظفين الفاسدين حتى تحول الروتين والبيروقراطية إلى ظاهرتين جيدتين، وسخر كل هؤلاء من الشرف والأمانة، واعتبروها غير لازمة في سعيهم إلى تحويل هذين المبدئين إلى رواسب من الماضي لتحل محلها النذالة والوقاحة والكذب والخداع والإدمان على الكحول والمخدرات والخوف الحيواني بين الناس وعدم الحياء والخيانة والنازية ومعاداة الشعوب وقبل كل شيء معاداة وكره الشعب الروسي.
كل ذلك انتعش وانتشر خلال عقود بشكل منظم وغير ملحوظ حتى أصبح ممثلوه لهم مركز قرار تنظيمي في الظل واستطاعوا التغلغل إلى مفاصل الدولة والمجتمع.
تحطيم الرموز الوطنية
خلال هذه العملية كان لابد من هذه المراكز الخفية أن تبث الأكاذيب المختلفة بين الناس تمس الشخصيات التي لعبت دوراً مؤثراً في حياة المجتمع وبشكل خاص الأدباء والفنانين والسينمائيين والعلماء لكن كل هذا لن يتم دون المساس بشخصية ستالين، فانطلاقاً من الهجوم على ستالين، انطلق الهجوم العام على الشعوب السوفييتية وإنجازاتها الثقافية والاجتماعية والسياسية.
يقول داليس: «والقليلون فقط سوف يحزرون أو حتى يفهمون ماذا يحدث وحتى هؤلاء الناس سوف نضعهم في وضع سيئ جداً إذ سوف نحولهم إلى أضحوكة للآخرين وسوف نجد الطريقة المناسبة لتكذيبهم وإعلانهم قاذورات المجتمع، وسوف ندفن الجذور الروحية ونقضي على الأخلاق والقيم الروحية وسوف نربي الناس منذ الصغر وفي سن الشباب ويجب أن نركز بشكل رئيسي على جيل الشباب كي نجعله فاسداً ومنحلاً أخلاقياً وسوف نجعل جيل الشباب فاسداً ونذلاً وكوسموبوليتياً».
بالفعل لقد فهم الرئيس يوري أندروبوف «1982-1984» الكثير وحاول تنظيم دفاع سياسي، لكن آنذاك كان السادة هم عملاء التأثير الذين شعروا بخطورته فنظموا له مرضاً لا شفاء منه تخلصوا منه.
لذلك يشكل ستالين نموذجاً لكفاح الشعوب وإفلاتها من السجن الكبير الذي يدعى «الإمبريالية» وتخليصها من السموم الثقافية التي تحطم الأسس المادية والروحية لتطورها.