وداعاً يا رفيقة
«أنا لست ذاهباً في نزهة، وداعاً يا رفيقة» بهذه الكلمات ودع قائد عمال النسيج في سانتياغو زوجته في الحادي عشر من سبتمبر عام 1973 قبلها بحرارة وودع أطفاله حيث لم يكن ذاهباً في نزهة بل كان ذاهباً إلى المتاريس للدفاع عن الثورة حبيبته الأخرى وحمايتها من مخالب الفاشيين
الثورة الاشتراكية في التشيلي 1970 – 1973 ثورة حيث الجائع والفقير لمحوا الأمل في الرئيس سلفادور إليندي، حيث غناها فيكتور غارا على غيتاره، وألقى قصائدها بابلو نيرودا، عاشت ثلاث سنوات لقد غناها الجميع بأن الشعب المتحد لا يمكن أن يهزم.
يصور فيلم «مطر على سانتياغو» هذه الملحمة البطولية لشعب التشيلي وقد جرى تصويره في بلغاريا عام 1975 رغم أن أحداثه تدور في تشيلي وهو من إخراج التشيلي إلفيو سوتو وانتهى تصوير الفيلم عام 1976 ويعتبر من الأعمال الدرامية المشتركة للبلغار والفرنسيين.
يتحدث الفيلم عن تأييد العمال للتأميم وللإجراءات الثورية لحكومة الاتحاد الشعبي التي قادها أليندي وكذلك طلاب الجامعات وتشكيلهم ميليشيات ثورية لمقاومة الخطر الفاشي وفي مقابل الطبقة الكادحة وقفت الطبقة الوسطى التي ضمت التجار ومالكي الشاحنات والأطباء وضباط الجيش الذين شكلوا عصب الحركة الفاشية الانقلابية.
كانت مجزرة ملعب سانتياغو من أفظع المجازر الدموية التي ارتكبت بحق الشيوعيين والثوريين حيث جمع بأمر من بينوشيه أكثر من ثلاثة آلاف معتقل سياسي في ساحة الملعب وتم إعدامهم رمياً بالرصاص.
في الملعب حدثت أروع صور المقاومة حيث وقف الفنان فيكتور غارا أمام الجلادين وهو يقول تشجعوا يا رفاق وغنى نشيده الثوري « فينسيريموس» أي حرروها قطع الجلاد أصابعه بالفأس فحمل غيتاره وعزف النشيد بالأنامل المقطوعة فأغتاظ الضابط الفاشي وأنهال عليه بالضرب ثم أطلق النار عليه.
توجه أليندي إلى الشعب في خطابه الأخير قبل معركة القصر الرئاسي وقال بعزيمة الثوري: «لن أتنحى وسأدفع حياتي ثمناً من أجل الشعب» داعياً الفقراء إلى الاستفادة من تجربة الثورة التشيلية بعد موته.
أثناء توديع الشاعر بابلو نيرودا قبل معركة القصر الرئاسي قالت له زوجته باكية: « أنتم الثوريون مملون، لو أستطيع أن أثنيك عن الذهاب لفعلت المستحيل، أحبك» قال لها بأعصاب باردة إنه الإدمان على الصراع الطبقي، لا أستطيع.
لقد سقط الرئيس سلفادور إليندي والفنان فيكتور غارا والشاعر بابلو نيرودا دفاعاً عن الشعب الفقير والثورة والاشتراكية عندما كانت تمطر على سانتياغو بالفعل فقد أمطر العام 1973 فاشية بينوشيه وجرى سحل الثوريين في الشوارع والطرقات.