المحامي الثائر.. وداعاً
ربما لا يعرف الكثيرون المحامي جاك فيرغيس الذي رحل قبل أسبوع في باريس عن ثمانية وثمانين عاماً سوى من قرأ عن تاريخ الثورة الجزائرية، أو شاهد فيلم «جميلة بوحيرد» الشهير،الذي برز فيه المحامي فيرغيس مدافعاً عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد في محكمة القرن العشرين، وتحديه جبروت القوة الاستعمارية، وما اعتبره أبناء جلدته «خيانة».
دافع فيرغيس عن المناضلة الأسيرة وتعرّض لمحاولة اغتيال على أيدي سجانيه موكّلته التي تزوّجها فيما بعد، وكان مدافعاً عن قضية الجزائر باعتبارها قضية تحرر وطني وحارب محاولات استعباد واستعمار الشعوب وأرضها، ومصادرة مستقبلها، وتقسيمها الاستعمارية .
لم يتجاوز فيرغيس السابعة عشرة من عمره عندما التحق بصفوف القوات الفرنسية الحرة التي قاومت النازية خلال الحرب العالمية.
ثم أصبح رئيس الاتحاد الدولي للطلبة، وناشطاً في جبهة التحرير الوطني الجزائرية، ووسّع نضاله ليشمل قضايا عادلة أخرى، وفي مقدّمها القضية الفلسطينية .
أما المناضلة بوحيرد التي ساهمت في تحرير الجزائر فقد تعرضت للتهميش في بلد المليون شهيد، وصدمت الجميع بنداء الاستغاثة الذي وجهته، قبل ثلاث سنوات، عبر الصحف الجزائرية مطالبة فيه الشعب الجزائري أن يساعدها في دفع تكاليف علاجها بعدما غزت الأمراض جسدها، لكنّها ظلت وفية لمبادئها الوطنية وكبريائها الثائر، وكان جوابها على الطبيب الفرنسي الذي اقترح عليها تسجيل اسمها في «الشبكة الاجتماعية الفرنسية» لتستفيد من الرعاية الصحية: «كيف أعالج بأموال الدولة التي حاربتها؟».