وسط الأزمة.. شباب من القامشلي يطلِقون نادياً سينمائيّاً
رغم ما تعانيه بلادهم من صراع مسلّح؛ عرض مجموعة من الشباب المهتم بالسينما في القامشلي - كبرى مدن محافظة الحسكة السوريّة- يوم الجمعة 23 آب الجاري فيلماً سينمائياً كخطوة أولى في طريقهم لإطلاق أول نادٍ سينمائي في محافظتهم، بعد غياب «الفن السابع» عنها لعقودٍ خلت.
وتم افتتاح النادي بفيلم «سينما باراديسو» (إنتاج 1988) الذي يتناول مرحلة ما بعد الحرب العالميّة الثانية، ويقدِّم المخرج «جوزبيه تورنتوري» قراءة واقعيّة لذاكرة مدينة صغيرة فقيرة في صقلّية -جنوب إيطاليا- من خلال الأحداث التي تدور داخل صالة العرض السينمائي، وما يتخللها من علاقات وإسقاطات، وربطها بالتطوّرات الاقتصاديّة والاجتماعيّة؛ من سيطرة رقابة المؤسسة الدينيّة، إلى هيمنة رأس المال المُحدَث نتيجة مصادفة، بعيون طفل يتيم يعشق السينما ويترعرع في غرفة تشغيل البكرة السينمائيّة، ليعيش داخلها تفاصيل حياته؛ من فرح مفرط، إلى حزن شديد، حتى العشق والوله، بلغة سينمائيّة بسيطة وأدوات واقعيّة معبِّرة.
وقال عضو النادي، فراس قس إلياس «قمنا بإنشاء النادي كمحاولة لإخراج الأهالي ومحبي فن السينما من حالة التشنُّج التي يعيشونها بسبب الأزمة التي تعصف بالبلاد، وكمحاولة لإحياء طقس السينما الذي كان مزدهراً في القامشلي وتوقّف على مدى عقود، من خلال تقديم عروض سينمائيّة مجّانيّة، معتمدين على تمويلنا الذاتي واشتراكات أعضاء النادي، دون الاستعانة بأي جهة سياسية أو اقتصادية، لتبقى غايتنا فنّية بحتة».
الخروج من عباءة السينما الهوليوديّة
ويعتزم النادي السينمائي الجديد عرض فيلم أسبوعي عالمي؛ من السينما الإيطاليّة، أو الفرنسيّة، أو الإيرانيّة... كمحاولة للخروج من هيمنة الإعلام الأمريكي، والسينما الهوليوديّة، لتعريف الجمهور بمدارس جديدة لا تلقى أفلامها رواجاً في الإعلام العربي.
وقال عضو النادي، إدوار مسعود «حاولنا من خلال الجلسة الحواريّة شرح ما خفي في الفيلم وإسقاطاته، وإعطاء الجمهور مفاتيح وأدوات لقراءة اللغة السينمائيّة، لتعريفه بمدارس جديدة بعيدة عن عباءة هوليود، والنظرة الأمريكيّة الاستهلاكيّة والمشوَّهة للجَمال، التي تحاول تسويق الحلم الأمريكي الوهمي، لنُخرِج المتلقِّي من المفهوم الضيّق للبطل الأمريكي، ونقدّم له وجبة سينمائيّة دسمة ثقافيّاً، بعيدة عن الوجبات السريعة الهوليوديّة».
وقال جورج قرياقس مدير المركز المستقل «إن مدينة القامشلي طالما كانت سبَّاقة في تأسيس صالات العرض السينمائي؛ الصيفية منها والشتوية في حقبة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ثم غاب طقس السينما عن مدينتنا تماماً، لذلك نحاول اليوم من خلال إطلاقنا لأول نادٍ سينمائي في المحافظة تجديد هذا الطقس، وتقديم فنٍّ راقٍ يرتفع بالذوق العام ويساهم في تنشيط ثقافة المجتمع، وما زاد من تفاؤلي بنجاح التجربة هو أن إدارة الجلسة تمّت من شباب جامعي يملك ثقافة عالية ترتقي إلى مستوى النقد الفنّي».
ازدهار الحالة الثقافيّة يشكّل ظاهرة متفرِّدة
وتنشط في مدينة القامشلي - التي تحظى باستقرار نسبي- جمعيّات ومنتديات ومراكز للثقافة، تمّ إطلاق معظمها بعد 15 آذار 2011 تاريخ بدء الحراك الشعبي في سورية وتتنافس تلك المنتديات فيما بينها من خلال الفعاليّات والنشاطات الثقافيّة؛ لتشكّل حالة متفرّدة قد تكون نادرة في عموم البلاد. هذا ويحتضن مركز «بارمايا» للثقافة والفنون فعاليّات النادي السينمائي.