روسيا «المتوحشة»... الشرق المتوحش
الشرق المتوحش.. الشرق الإرهابي، البربري، الشرير، معاني يتم تسويقها اليوم بكثافة ملحوظة في السينما الهوليودية والتي تعرضها قنوات الـ MBC مترجمة إلى العربية، عدا عن الأسواق المغرقة أصلاً بهذه الأفلام.
يتم التركيز الأكبر في هذه الحرب الإعلامية ذات الطابع الإيديولوجي على روسيا، وتحديداً على تاريخ المرحلة السوفياتية منه، ففي أغلب هذه الأفلام، يتم عرض المشاهد بصورة تظهر «بربرية» الإنسان الروسي ووحشيته من جهة، و«إنسانية» الأمريكي ومن جهة أخرى في محاولة واضحة بالطبع لتشويه التاريخ السوفياتي عند شعوب العالم، كما يتناول التشويه شعوباً شرقية أخرى منها الشعوب العربية وكوريا وكوبا والصين.
يظهر أحد هذه الأفلام شخص «ستالين» كديكتاتور وجزار مقابل إظهار اليانكي الأمريكي «محرراً» للشعوب و«منتصراً» على النازية في محاولة وقحة لتشويه الحقائق.
وينتصر الجيش الأمريكي «الإنساني» في فيلم آخر، على المقاومة الفيتنامية «الإرهابية» خلال حرب فييتنام في مفارقة ملفتة ومخالفة للحقائق والوقائع الفعلية في التاريخ.
وتتحدث أفلام أخرى عن حياة السجون في روسيا وقساوتها، وتظهر صوراً ومشاهد تمس المفاهيم والكرامة الوطنية للشعوب، فمثلاً يجري تسويق وتعميم نمط المنشقين والخونة في كوريا على أنهم «مقاومة وطنية» ضد الاستبداد، وكيف يتم دعمهم من أكثر الجيوش «الإنسانية» في العالم، من الجيش الأمريكي.
تندرج كل هذه الأفلام في إطار الحرب الإيديولوجية ضد الرموز والمعاني التي تحملها الذاكرة الوطنية للشعوب محاولة بشكل فظ تشويه حقائق التاريخ.
وقد كثفت مختلف القنوات الفضائية عرض هذه الأفلام خلال الشهرين السابقين ضمن إطار المواجهة المتصاعدة والجارية عالمياً بين روسيا وأمريكا.
تحتاج الشعوب اليوم إلى سينما تعبر عن ذاتها الوطنية، في مواجهة كل أنواع الابتذال الثقافي والتشويه الإيديولوجي لحقائق التاريخ.
وكتعبير عن تراجع تلك القوى المأزومة وعلى رأسها الولايات المتحدة وصعود قوى جديدة، برزت وتبرز اليوم المؤشرات الأولى لسينما جديدة تمثل الواقع الاجتماعي الحاد لشعوب العالم، كالسينما البرازيلية وأعمالها الأخيرة. ولاشك أن حركة التطور والأفق القادم، ستبلور نماذج للسينما تعبر عن الذات الحقيقية للشعوب والأمم في القرن الواحد والعشرين.