دور النساء خلال ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى
“خلال سنتين من حكم السوفيات، وفي أحد البلدان الأكثر تخلفا، تحقق للنساء من أجل تكريس المساواة مع "الجنس القوي" ما لم يتم تحقيقه خلال 130 سنة في كل جمهوريات العالم المتحضرة والمتنورة، "والديمقراطية".” (لينين)
رغم أن روسيا كانت بلدا فلاحيا، فقد ولّد تطور الرأسمالية طبقة عاملة عشية الثورة. وتتكون الطبقة العاملة في أغلبها من فلاحين تحوّلوا نحو الصناعة. وبعد برهة من الزمن، ومع انخراط الرجال في الحرب، تكاثر عدد النساء في المصانع والمعامل؛ وهكذا أصبح للنساء مشاركة فعالة خلال المرحلة التي سبقت الثورة، وخلال الفترة الثورية.
واقع المرأة العاملة
وإن كانت أوضاع العمال صعبة، فإن أوضاع العاملات أكثر صعوبة. فرغم كل النضال التي خاضه العمال، لا زالوا يعيشون يوم العمل بإثني عشر ساعة؛ فيما قد يصل يوم عمل النساء إلى أربعة عشر ساعة، ولا حق لهن في عطلة الأمومة. وكم من العاملات اللواتي يواصلن العمل حتى يأخذهن المخاض، وقد يلدن في موقع العمل دون أدنى مساعدة، ودون حماية طبية لأنهنّ يخشين الطرد إذا طلبن عطلة قبل الولادة. في تلك الفترة، كانت تموت حوالي ثلاثين ألف امرأة خلال عملية الولادة. وكان أجرهن لا يتجاوز نصف أجر العمال الذكور. وقد انتشرت الأمية في صفوف النساء، وكان التحرش الجنسي هو القاعدة.
ومع نمو الحركة الثورية لسنوات 1905- 1906 بدأت مطالب العاملات في التشكل، وما كنا لنرى منشورا واحدا يوزع في التجمعات العمالية النسائية يحمل إحدى مطالبهن ( عطلة أمومة بعشرة أسابيع، راحة خلال يوم العمل للرضاعة، محاضن في المعامل...)
وأمام هذا الوضع، كان لزاما على الحركة العمالية الروسية الناشئة أن تتبنى المطالب الخصوصية للعاملات وتجعل منها جزءا من برنامجها النضالي. وقد كتبت ألكسندرا كولونتاي عن ذلك ما يلي:
" إن حركة العاملات بطبعها جزء لا يتجزأ من الحركة العمالية العامة. فقد ساهمت المرأة بنفس القسط ، مثلها مثل العامل في كل الانتفاضات التي يخشاها النظام القيصري. فعلى سبيل المثال، فقد كانت عاملات النسيج في معمل ياروسلاف، المحرك الأساسي "لثورة أفريل سنة 1895". وكذلك الشأن بالنسبة للإضرابات التي عمت سنوات 1894- 1896، في بترسبورغ، وفي الإضراب التاريخي لعمال النسيج في سمنة 1896، إذ خرج كل من العمال والعاملات جنبا إلى جنب، وعبّروا معا عن غضبهم. وقد تحولت المرأة العاملة دفعة واحدة خلال هذه التحركات الاجتماعية من امرأة خجولة، ودون حقوق، إلى امرأة قادرة على الوقوف، رافعة الرأس...فالمساهمة في النضالات العمالية تقرّب العاملة من خلاصها، ليس قط كعاملة تبيع قوة عملها، بل كذلك كامرأة، كزوجة، وكأم وربة بيت"
دور النساء في النضال الاجتماعي والسياسي خلال السنوات 1905- 1913
لم تتأخر العاملات عن الالتحاق بالحركة الثورية في كلّ أشكالها؛ ورغم ظروف العمل القاسية واللاإنسانية، أو ربما لهذا السبب بالذات. وهذه بعض المؤشرات:
- ضمن الحركة الشعبوية، ومن ضمن الـ45 المناضل المحكوم عليهم من أجل "أعمال إرهابية" هناك امرأتين.
- تمثل النساء 14 ℅ من أعضاء الحزب الاشتراكي الثوري.
- كان عدد النساء أقل من ذلك في حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي ( 10 نائبات من أصل 171 نائبا في المؤتمر السادس للحزب في أوت 1917). كانت مناضلات الحزب تنتدبن في بداية الأمر من صلب الطبقات الراقية، ثم أصبح الانتداب يتمّ وسط الفصائل المتقدّمة داخل صفوف الطبقة العاملة ( الطباعة والسكك الحديدية...)
- ونذكر خاصة عديد المحاولات لتأسيس جمعيات خصوصية للنساء
فقد شهدت سنة 1905 تأسيس " اتحاد النساء من أجل المساواة في الحقوق". وتنحدر أغلب عضوات هذه الجمعية من الطبقات المتوسطة أو من المثقفات ( صحافيات(يين)، مدرسين(سات)، فالجمعية كانت مختلطة)، وهناك أيضا بعض العناصر المنحدرة من الطبقات البورجوازية الليبرالية. لقد عرف الاتحاد نموّا سريعا. فقد تمكّن خلال بضعة أشهر من تأسيس حوالي ثلاثين مجموعة محليّة موزّعة على تسعة عشر مدينة. وقد عقد الاتحاد مؤتمره الأول في ماي 1905، وكانت هذه الخطوط العامة للبرنامج الذي حدده المؤتمر:
- وحدة نساء كافة الطبقات الاجتماعية من أجل مقاومة الأوتوقراطية
- من أجل نظام جمهوري
- انتخابات عامة بدون تمييز على أساس الجنس أو القومية أو الدين
- الاستقلال الوطني لعديد الشعوب غير الروسية
- المساواة بين الجنسية أمام القانون
- حقوق مساوية للمرأة الفلاحة خلال عمليات الإصلاح الفلاحي
- قوانين من أجل ضمان الحماية الاجتماعية للعاملات
- تطوير القوانين المتعلقة بعاملات الجنس
ولكن، وبعد انتكاسة الانتفاضة في موسكو، سيفرض نظام القيصر حكم "الرعب الأعمى". وسيطال القمع كلا من العمال ومن المنظمات النقابية. وتراجعت الحركات الاجتماعية بصفة ملحوظة: ففي سنة 1905 هناك 1.8 مليون مضرب سياسي، فيما لا يوجد سوى 651.000 مضربا سنة 1906، و8.000 فحسب سنة 1909. وسيحصل التراجع حتى في مستوى الانخراط في النقابات، إذ كانت النقابات تضمّ سنة 1907: 245.000 منخرطا، وانخفض العدد إلى 40.000 سنة 1908، ليصبح 13.000 فقط سنة 1910.
وستعرف الحركة العمالية تقدّما جديدا خلال السنتين 1910- 1911، تقدما تزامن مع النموّ الاقتصادي الذي عرفته روسيا في حدّ ذاتها. وقد كانت أغلب الإضرابات اقتصادية، فيما عرفت بعض القطاعات المتقدمة إضرابات سياسية. وقد كان حضور النّساء في كل هذه التحركات أكثر بروزا مما كان عليه سنة 1905، وتمكّنّ من تحقيق بعض من مطالبهن مثل عطلة الأمومة، وحجرة ملابس مجهزة بالماء، والترفيع في الأجور...كما تنامى عدد الإضرابات المعلنة ضد التحرش الجنسي والمعاكسات.
التعبئة وارتفاع عدد العملات في الصناعة
انتقل عدد العمال في بتروغراد بين 1914- 1917 من 242.000 إلى 400.000 عامل ( في نفس السنة كانت روسيا تعدّ 3.4 مليون عامل، أي أن سان بترسبورغ تمثل 10% من جملة اليد العاملة). وتمثّل الأجيرات آنذاك حوالي 130.000 (من ضمنهن 83.000 عاملات منازل ) وهو ما يقابل حوالي ربع اليد العاملة سنة 1914؛ فيما أصبحن يمثلن حوالي 40% من مجمل الطبقة العاملة سنة 1917. تشغّل الصناعات الحديدية في بتروغراد، حوالي ثلثي اليد العاملة، وكانت النساء يمثلن خمس الأجراء، ويشتغل معظمهن في صناعة الخراطيش والقنابل وغيرها من أنواع الأسلحة. ويشتغل حوالي ربع اليد العاملة في قطاع النسيج، ويشغل هذه المهن أغلبية ساحقة من العاملات غير المختصّات. وكان العمل السياسي في أوساط العاملات يتعرّض إلى صعوبات جمّة.
الصعوبات التنظيمية وبدايات العمل البلشفي في أوساط النساء
يجرّ المجتمع الروسي العديد من الأحكام المسبقة ضد النساء. ففي عشيّة الثورة، لا زال الفلاحون يمثلون حوالي 80 % من السكان، جمهور كبير خرج لتوه من القنانة (العبودية). ولا يزال العيش داخل الأرياف خاضعا إلى عدد من القواعد التقليدية التي تتميز بالهرمية الأبوية القاسية و تحدّد المؤسسات القبلية توزيع الملكية داخل القرية، وتحديد وسائل عيش الفلاحين، كما تتداول تحقير النساء والحطّ من قيمتهنّ. لنرى شهادة هذه الفلاحة:
" تعتبر المرأة في الريف مثل الحصان تماما. فهي تشتغل طيلة حياتها من أجل زوجها، ومن أجل عائلتها، وتتحمل كل ضروب العنف والمهانة، ولكن لا ضرر، فلا مهرب لديها. فهي مقيّدة برابط الزواج".
لقد كانت النساء سنة 1914 يمثّلن ثلث اليد العاملة الصناعية في روسيا. لم يكنّ كثيرات، ولكنهنّ كن بالقوة بمكان. وقد اعتبر البلاشفة آنذاك أن العمل في أوساط العاملات أصبح ضرورة ملحّة. وإن كانت العاملات اللواتي لم يتخلصن من ثقل التقاليد والعائلة، معزولات عن الحراك الاجتماعي والسياسي يمثلن خزانا يجذب إلى الوراء.
بدأ البلاشفة اتصالاتهم بعاملات المصانع، وقد كان برنامجهم يسعى إلى الاهتمام بمطالب العاملات مثل " أجر مساو لعمل مساو" ومطلب عطلة الأمومة والمحاضن في المعامل... وقد سعى الحزب إلى الدّفاع عن العاملات ضد التجاوزات والعنف الزوجي؛ كما قاوم كل مظاهر التمييز والقمع التي تحصل، وحاول أن يلعب دور المحامي الشعبي كما شرح لينين ذلك في كتابه " ما العمل؟" (1902)
وشرع الحزب في تأسيس جمعيات انتقالية، وأصدر جرائد خصوصية مثل جريدة " الرابوتنتسا" (العاملة) التي أحرزت انتشارا كبيرا. وقد نظمت الجريدة لقاءات وتجمعات جماهيرية في بتروغراد ضد الحرب وضد غلاء الأسعار، إذ كانت أكثر المسائل التي يتمّ تعبئة العاملات حولها. وأصبحت الدعاية التي تقوم بها جريدة " الرابوتنتسا" عملا مركزيا بالنسبة للحزب. فقد ضمّت هيئة تحرير الجريدة شخصيات ذات صيت من أمثال: كروبسكايا، وإيناس أرماند، وستاهل، وكولونتاي وإليزابروفا، وكوديلّي وسميلوفا ونوكولاجيفا وغيرهن من عاملات بتروغراد. لقد تفرّغت كل هؤلاء المناضلات إلى القضية الثورية؛ وقد لعبن دورا مركزيا في تنظيم العاملات وتنامي الحراك الثوري. كان لكل معمل ممثّلة أو ممثّلات في هيئة تحرير " الرابوتنتسا". كنّ يجتمعن كل أسبوع، ويناقشن التقارير التي تأتيهن من مختلف الأحياء. وقد لعبت جريدة " الرابوتنتسا" دورا هامّا في تحسيس المنظمات النقابية والسياسية - والتي لا تزال متخلفة في هذا المجال- حول أهمية العمل في أوساط النساء.
ناضل أعضاء الحزب بعد ثورة فيفري ضد البطالة وتسريح العمال الذي استهدف النساء المتزوجات اللواتي يشتغل أزواجهن، وذلك لأن (البورجوازية) كانت تعتبر ذلك تهديدا لأنه قد يكون عنصر وحدة سياسية للطبقة العاملة خاصة وأن مئات من العاملات كنّ التحقن بصفوف الحزب قبل اندلاع الثورة. كنّ يساهمن في كافة أشكال النضال التي ينظّمها الحزب، سواء كعاملات اتصال أو داعيات أو معبئات للطبقة العاملة.
إلا أنّ العاملات لم يكنّ ليواجهن البورجوازية بمفردها، بل كنّ في ذات الوقت يحاربن الصّور النمطية التمييزية التي يحملها رفاقهنّ من الرجال. وهذا ما كتبته إحدى العاملات المناضلات، في جريدة العمال حول سلوك الرجال:
" عوض العمل اليد في اليد مع النساء العاملات، كان الكثير من العمال يتصرّفون وكأننا لسنا مساويات لهم داخل العائلة العمّالية، وغالبا ما يرفضون النضال معنا. وعندما تطفو مسألة التسريح والبطالة على السطح، كانوا يحرصون على ضمان مورد رزق العمّال وإن كان ذلك على حساب العاملات، آملين أن تكون النساء عاجزات عن الصّمود نظرا لضعفهن وانخرام تنظيمهن. وعندما تسعى النساء إلى أخذ الكلمة ليشرحن هذا السلوك غير السليم، كن يمنعن من التدخّل أو أنهن لا يحظين بالاهتمام. إنه لأمر صعب، حتى بالنسبة لأكثرهن وعيا النضال في مثل هذه الظروف، خاصة وأن الجزء الأكبر من الجماهير العمالية النسائية لا يفهمننا، ولا يرغبن في الإصغاء إلينا".
وبالإضافة إلى ذلك، تضاف صعوبات أخرى في النضال ضدّ التيارات النّسوية التي تسعى إلى فرض سلطتها على حركة النّساء العاملات. فمنذ انخراط العاملات في الحركة الاجتماعية والسياسية، تواجه تياران في هذا الحراك: من ناحية، الماركسيون الذين يعتبرون أنه لا يمكن القضاء على اضطهاد النساء إلا بالقضاء على الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، وأن انخراط النّساء في النّضال مع البروليتاريا يفتح أمامهن الطريق نحو الانعتاق؛ أي أن مشاركتهنّ في عملية الإنتاج تعطيهن القوة الاجتماعية اللازمة لتحقيق عملية التغيير، إلى جانب رفاقهنّ العمّال. فالماركسية تختلف عن الفكر النّسوي البورجوازي فيما يتعلق بالتناقض الأساسي الذي يشقّ المجتمع. ففي حين تعتبر النّسويات أن التناقض يفصل بين النساء والرجال؛ يدافع الماركسيون على فكرة أن التناقض الأساسي يكمن بين الطبقات، أي بين المستغِلين والمستغَلين. فالعاملة تشترك مع رفيقها العامل أكثر مما تشارك فيه ربّة العمل، وأن مهمّة تحرير المرأة العاملة هي مهمة الطبقة العاملة برمّتها.
وقد لخصت كولونتاي هذا الخلاف في قولها:
" إن المسألة النسائية، حسب رأي الّنسويات، هي مسألة حقوق وعدالة ؛ إلا أّنها، ومن وجهة نظر النساء البروليتاريات مسألة لقمة عيش . إنّ وعي المرأة وتطوّر حاجياتها ومطالبها الخصوصية لن يحصلا إلا متى التحقت شيئا فشيئا بجيش الأجراء. لا توجد مسألة نسائية مسقلّة؛ فقد ظهرت مسألة تحرير النساء كأحد العناصر اللّصيقة بالمسألة الاجتماعية في العصر الحالي. فتحرّر المرأة كعضو من المجتمع، كعاملة وكفرد، كزوجة وأم، لا يمكن تحقيقه إلا بالتوازي مع حلّ المسألة الاجتماعية، ومع انجاز التغيير الجذري للنظام الاجتماعي القائم."
1917: الثورة
من الثابت أن اندلاع ثورة فيفري كان تحت تأثير النساء اللواتي أخذن قرار الدخول في إضراب للاحتفال باليوم العالمي للمرأة إذ يقابل يوم 23 فيفري يوم 8 مارس بالتقويم الميلادي. خرجت عاملات المصانع وعاملات البيوت في الصفوف الأمامية، وكن يتظاهرن بطريقة سلمية. ولكن، وبعد بضعة أيام التحقت بهنّ مئات الآلاف من عمّال المصانع. وكانت الجماهير ترفع شعارات مثل " نريد خبزا! " تسقط الحرب! "؛ " تسقط الأوتوقراطية! ". وخلال أربعة أيام، انتصرت الثورة، وسقطت الملكيّة. وقد كان دور النساء محدّدا في التحاق كتيبة قويّة بـ 140.000 جندي، تلك الكتيبة التي ضمنت انتصار الانتفاضة.
وتواصل بناء المنظّمات النقابية في صناعات النسيج والصناعات الغذائية من فيفري إلى حدّ شهر سبتمبر. فقد مثّلت عاملات النسيج 66 % من جملة عمال القطاع و80 % من أعضاء النقابات؛ أما في الصناعات الغذائية فقد مثلن 69 % من جملة العاملين و70 % من النقابات.
ورغم هذا الحضور، فقد كنّ قليلات التمثيل في الهياكل الممثّلة مثل النقابات والسوفياتات أو غيرها من اللجان. وقد كتبت إحدى العاملات تصف هذا الواقع الذي تعاني منه كل امرأة في مواجهة للصور النمطية التمييزية :
" إن العمّال ذوي الوعي المتدني غير قادرين على أن يتخيّلوا قدرات النساء في تنظيم الجماهير؛ وهكذا فقد كانوا يسخرون من العاملات المنتخبات، وكأنهنّ وحوش مفترسة ويرمون في اتجاههن هل رأيتم هذا؟ هؤلاء هن ممثلاتنا المنتخبات ".
وهذا الوضع، سيطرح من جديد مسألة تنظيم النساء. هل يجب تنظيم النساء بصورة مستقلة؟ يجيب أعضاء الحزب على هذا السؤال بطرق مختلفة. ففي رسالة شهيرة وجّهها لينين إلى كلارا زيتكين، يقول:
" لا يمكننا تكريس ديكتاتورية البروليتاريا دون أن تلتحق بنا ملايين العاملات. ولا يمكننا التأسيس للشيوعية بدونهنّ. علينا أن نستنبط الأساليب الضّرورية من أجل الوصول إلى هذه الغاية...تولد أساليبنا التنظيمية من رؤيتنا الإيديولوجية. لا نريد تنظيمات خاصّة بالنساء الشيوعيّات. إن المرأة الشيوعيّة تنتمي إلى الحزب بنفس الشكل الذي ينتمي به الرجل الشيوعيّ، فلهن من الحقوق ما عليهن من الواجبات. ولكن، علينا أن نواجه الواقع كما ينبغي، وعلى الحزب أن تكون لديه الهياكل المناسبة لتعبئة الجماهير الواسعة من النساء."
وفي مارس 1917 أسس الحزب البلشفي مكتبا في بترسبورغ لتطوير العمل النسائي. وبفضل إصرارهنّ، تمكنت النساء من الالتحاق بقواعد الحزب، وقد تمكنّ من دعوة مؤتمر للعاملات في بتروغراد من أجل مناقشة أفضل السبل لتعبئة وتنظيم النساء في الحراك الثوري. وقد كتب لينين في تلك الفترة عدّة مقالات من أجل تحديد استراتيجيات جديدة، ومن أجل وضع أنماط تنظيمية ملائمة للمرحلة الانتقالية وتقريب الاشتراكية للعاملات. وقد تمّ تأجيل المؤتمر لأوّل وهلة نظرا للطابع الثوري لتلك الفترة، ثم انعقد المؤتمر بين نهاية 1917 وبداية 1918 من خلال السوفياتات.
هكذا إذا، أدّت هذه المشاركة الجماهيرية والنشيطة للنّساء في المسار الثوري، إلى إيجاد تغييرات عميقة في ظروفهنّ. فقد سمحت روسيا السوفياتية للنساء باكتساب عدد من الحقوق المدنية التي ما كانت لتسمح بها الرأسمالية في تلك الفترة. فمشاركة المرأة المباشرة في الإنتاج وتقديم الخدمات عبر السوفياتات فتح أمامها آفاقا رحبة من أجل انعتاقها الحقيقي.