نصف أسر «أمريكا» لا تؤمن حاجاتها الأساسية

نصف أسر «أمريكا» لا تؤمن حاجاتها الأساسية

51 مليون من الأسر الأمريكية لا تحصل على دخلٍ كافٍ لتأمين الضرورات الشهرية! وبينما يتفاخر ترامب بأقل أرقام رسمية للبطالة مسجلة منذ 45 عاماً فإن للاقتصاديين الأمريكيين رأياً آخر.
نسبة 43% من الأسر في الولايات المتحدة الأمريكية لا يحصلون على دخل كافٍ لتأمين الحاجات الأساسية وفق المعايير الأمريكية، وهي: السكن والغذاء ورعاية الأطفال، والرعاية الصحية، والنقل، والاتصالات. هذا ما وضحته دراسة صادرة عن United Way ALICE Project.

لا يصنف الأمريكيون كل هؤلاء إلى فقراء، رغم أن عدم القدرة على تلبية الاحتياجات الاجتماعية الأساسية، لا يمكن أن تسمى إلا فقراً. بل يقسمونهم إلى قسمين، فحوالي 16 مليون أسرة من الـ 51 مليون، يعتبرون فقراء. بينما الباقي وحوالي 35 مليون أسرة تسميهم الدراسة محدودي الدخل، حيث يبقيهم دخلهم المنخفض خارج متطلبات الاستمرار وفق معطيات «الحياة الحديثة» وفق الدراسة.
تقارب نسبة فقر الأسر في ولايات كاليفورنيا ونيومكسيكو وهاواي 49% من مجمل الأسر في كل منها، وهي النسب الأعلى. بينما أقل نسبة في ولاية نورث داكوتا 32% ولكنها نسبة مرتفعة أيضاً.
معظم هؤلاء الفقراء هم أسر العمال، ممن لديهم أطفال يرعونهم، ويعملون بأجور منخفضة، ويملكون مدخرات قليلة أو لا يملكون. حيث أن أكثر من 66% من الأعمال في الولايات المتحدة تدفع أجراً أقل من 20 دولاراً للساعة. ومقابل هذا الرقم فإن الميزانية الضرورية للمعيشة الوسطية لأسرة من أربعة أشخاص ضمنهم رضيع وطفل قبل مرحلة الدراسة، تبلغ 85 ألف دولار سنوياً. ولتأمين هذه الميزانية السنوية الضرورية للأسرة، ينبغي أن يكون الأجر الساعي يقارب 42,2 دولار، بينما 66% من الأعمال تعطي أجوراً أقل من 20 دولاراً في الساعة كما ذكرنا سابقاً، و14% فقط من الأعمال تقدم أجوراً أكثر من 40 دولار!
البطالة 12% وليست 4%
أما فيما يخص إحصائيات البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الإحصائيات الرسمية أشارت الأسبوع الماضي إلى أن معدل البطالة قد انخفض إلى مستويات قياسية بلغت 3,9% فقط!
وقد احتفى الرئيس الأمريكي بهذا الرقم، ناسباً هذه الإحصائية لجهوده بتطبيق شعار «التشغيل ثم التشغيل». ولكن المفارقة أن ترامب ذاته كان قد انتقد في عام 2012 وخلال حملته الانتخابية ما أسماه التضليل الرسمي لتقليص أرقام البطالة.
بعض الاقتصاديين الأمريكيين يشيرون إلى موضع الخلل في الحساب الرسمي لأرقام البطالة، حيث لا يدخل ضمن تعداد العاطلين عن العمل، كل الأشخاص اليائسين من البحث عن العمل، وغير المسجلين في سجلات الباحثين عن عمل. كما لا يسجل من يعملون أعمالاً جزئية مؤقتة بخمس ساعات أسبوعياً كعاطلين عن العمل، أو كباحثين عن عمل، رغم أن هؤلاء يشكلون شريحة واسعة من القوى العاملة الأمريكية، وهم في حالة بحث دائمة عن عمل ثابت بساعات كاملة. حيث يشير البروفسور روبرت بولين في جامعة ماساتشوستس في الولايات المتحدة، إلى أن معدل البطالة مع تقديرات أولية لإضافة هؤلاء سيفوق 12% في الولايات المتحدة، وهو معدل غير مسبوق.
معدل البطالة على أهميته لا يعكس الوقائع كاملة، بل أن الأجور الحقيقية هي ما تعكسه. ويشير البرفسور بولين إلى أنه قد يعمل كثيرون ولكن بشكل غير مستقر، وبساعات عمل قليلة، أي بأجور منخفضة بشكل قياسي.
وقد أشار إلى توسع الفجوة بشكل قياسي بين ما ينتجه العامل وما يحصل عليه، فمنذ عام 1972 وبمراقبة كل من مؤشري وسطي الأجور، والإنتاجية الوسطية للعمال في الولايات المتحدة وحتى اليوم، يتضح أن الإنتاجية قد تضاعفت مرتين بنسبة 210% بالقياس لمستويات بداية السبعينيات، بينما الأجور الوسطية قد انخفضت بنسبة 5% بالقياس بمستواها في المرحلة ذاتها.
ما يعني أن الزيادة التي ينتجها العامل في الساعة أصبحت تذهب بمجملها للأرباح، وهو ما يفسر بعمق التباين في توزيع الثروة والدخل، وارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة كما في غيرها مما يسمى «دول العالم المتقدمة».

آخر تعديل على الإثنين, 28 أيار 2018 11:15