هل تضيع فرصة الائتماني الإيراني!
ليلى نصر ليلى نصر

هل تضيع فرصة الائتماني الإيراني!

هل نستطيع أن نجيب على سؤال مثل: لماذا لا توجد مشتقات نفطية؟! مهما حاولت أن تتبع الأرقام، في ماراتون التصريحات الحكومية فإنك لن تبلغ الهدف أو الحجة المطلوبة، ولن تستطيع عملياً أن تثبت إلا ما يعرفه الجميع: مثل أن سياسة التقشف تدفع إلى تقليص كميات المحروقات، ومثل أن جزءاً هاماً من قطاع المحروقات الحكومي ينتقل أرباحاً للسوق السوداء كما قبل الأزمة وأكثر، ومثل أن إدارة الأزمة اقتصادياً فشلت بكل المقاييس، وأهم مؤشراتها الفشل في استمرار تأمين الطاقة، دون توقفات كبرى وأزمات.

 

وهنا نود أن نتحدث عن آخر ما تبين من أزمة المحروقات الأساسية الحالية، وهي الأكبر منذ بداية الأزمة، دون التوغل في الأرقام..

توقف النفط الخام مؤجل الدفع!

النجاح النسبي الوحيد في إدارة أزمة قطاع الطاقة، أتت بمبادرة من الحكومة الإيرانية، عبر تأمين نواقل النفط الخام تبين أنها منذ عام 2014، تتدفق بمعدل 3 مليون برميل شهرياً، انخفضت إلى اثنين ولكنها استمرت حتى نهاية الشهر التاسع من عام 2016 تقريباً.

وهذه التدفقات الدورية، أمنت تشغيل المصافي، وبالسعر العالمي، دون عمولات، والأهم من هذا وذاك أنها مؤجلة الدفع، أي أن 3.5 مليار دولار خط ائتماني إيراني للمشتقات النفطية، شكلت الكتلة الأساسية من إنتاج المشتقات النفطية خلال عامين ماضيين، غير مدفوعة، ومسعرة بالسعر العالمي الذي انخفض بشكل حاد منذ عام 2014، ومع أزمة النفط..

أما لماذا توقف هذا التدفق، فالحكومة لا تجد نفسها مضطرة للتصريح بشكل واضح عن الأسباب، ولكن المصادر والمعلومات أشارت لقاسيون أن التوقف هو من الطرف الإيراني المصدر، رغم إعادة التوقيع على خط جديد في الزيارة الاخير لوفد الحكومة إلى إيران، عندما أشارت التصريحات الإعلامية لرئيس الحكومة بإزالة العوائق التي تواجه العلاقات الاقتصادية، مع إيران.

ومع ذلك يبدو أن الحكومة بدأت تتكيف، مع توقف تدفق النفط الخام، مؤجل الدفع، واختارت أن تلجأ إلى الشراء المباشر (كاش) للمحروقات. لأن إزالة العوائق أصعب على ما يبدو، من الدفع المباشر!

اللجوء للجزائر ولبنان؟!

بدأت الحكومة بتخفيض مخصصات توزيع المحروقات إلى النصف لكثير من المجالات، والسعي لتأمين نواقل النفط من الجزائر بالدفع نقداً وليس مؤجل، ويتم الحديث اليوم عن العودة إلى استيراد المشتقات عن طريق البر من لبنان بالتحديد، حيث استيراد المشتقات مباشرة، مع كلف النقل البري، والعمولات ترفع التكلفة إلى نسبة 50% في بعض الحالات! حيث أن موردي المادة وشركات الشحن تتحكم بالحاجة الملحة. ويتم العودة للحديث عن قيام مستثمري القطاع الخاص بأنواعهم باستيراد المادة، ما قد يرفع الطلب بشكل كبير على الدولار، وينهي مركزية توزيع الطاقة من شركة محروقات.

ما يعني بأن أزمة المحروقات لن تجد طريقها للحل بشكل سريع ومجدي، حتى الآن، ولا يوجد حل عملي في الظرف الحالي أكثر من تدفقات النفط الخام عبر البواخر الإيرانية، أو من دول أخرى كروسيا مثلاً، محسوبة بالسعر العالمي ومؤجلة الدفع حالياً.. وعلى المعنيين باستعادة هذه التدفقات، أن يوضحوا للسوريين الأسباب الحقيقية للتوقف، والمصالح الكامنة وراءها!

بغض النظر عن مصدر المحروقات، إلا أن صعوبات تدفق النفط بشكل دوري، تزداد تعقيداً وتكلفة، وتقل جدواها الاقتصادية والسياسية، مع استمرار حصة السوق السوداء المصانة في سورية، والتي تعتبر من أهم مشاكل القطاع. حيث تكشفت خلال الفترات الماضية العديد من طرق تسريب المحروقات إلى السوق السوداء، والتي تعتمد على نفوذ الفساد الكبير في قطاع النفط على عمليات التوزيع الحكومية عبر شركة محروقات، وتصل حصة هامة من المحروقات إلى مستثمرين سياحيين وصناعيين رخصوا منشآتهم، لهذا الغرض كما يبدو، ويحصلون على مخصصات لمحروقاتها دون أن تقلع بالعمل، وغيرها من الحصص التي يوزعها بعض أصحاب النفوذ في السوق السوداء..

إن استمرار هذه الحصة الهامة للسوق السوداء، تعرقل وبقوة أي جدوى اقتصادية وسياسية للمساعدات النفطية، وتؤدي إلى مضاعفة خسائر المال العام من عمليات الاستيراد عبر البيع المباشر..

لذلك فإن أزمات القطاع لا يمكن أن تحل إلا بتكامل أمرين: الاول تأمين مصادر الطاقة على شكل نفط خام، وعبر الأصدقاء، والثاني الإنهاء التام لحصة الفساد الكبير وطويلة الأمد في سوق المحروقات السورية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
798