في حوار مع الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار 15-20 شخص.. قلة احتكارية تعمل تحت سقف القانون!
هاشم اليعقوبي هاشم اليعقوبي

في حوار مع الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار 15-20 شخص.. قلة احتكارية تعمل تحت سقف القانون!

أصدرت الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار دراسة حول ارتفاع الأسعار المحلية، وعدم تناسبها مع انخفاض الأسعار العالمية، لافتة النظر إلى قضية هامة تدل على مستويات احتكار عالية في ظروف الأزمة، فما رأي الهيئة من ارتفاع الأسعار وما مدى مساهمة الاحتكار في رفع الأسعار المحلية..

اسيون التقت بالدكتور أنور علي المدير العام للهيئة حول السياسات الاقتصادية وأوضاع السوق السورية وعمل الهيئة وكان لنا الحوار التالي.

حول دور الهيئة القانوني ومجال عملها، وضح رئيس الهيئة بانها مفوضة وبالقانون عبر الرقابة والضابطة العدلية بمهام مراقبة السوق بجوانب نشاطه كافة، فهي معنية بالتأكد من تأمين انسياب السلع والمواد، ومتابعة العوامل المؤثرة في السوق ومراقبة المؤثرين بها، ومن يؤمن هذه المواد، ومن يتلاعب بها..

وبرأي الهيئة فإن (السوق السورية تتوفر فيها المواد  بشكل كامل تقريباً، ولكن هناك ارتفاع بالأسعار)!

ارتفاع الأسعار له مبرراته!

 

الهيئة ترى أن ارتفاع الأسعار له مبرراته، وأهمها ارتفاع سعر صرف القطع الأجنبي وعدم استقراره، وشح مواد معينة نتيجة خروج العديد من المنشآت الإنتاجية عن العمل، وهروب رأس المال خارج البلاد وضعف الاستثمار، مما أخل بالتوازن بين العرض والطلب.

أما حول الحالات الاحتكارية، فإن الهيئة تتابع المعطيات والمؤشرات الاحتكارية التي تدل على الاستغلال السلبي لبعض القوى الاقتصادية لوضعها وإمكانياتها في السوق، لتقوم بالمحاسبة ضمن القانون والصلاحيات..

العلاقات والنفوذ 

تتيح احتكار القلة..

 

لا يخفى على الهئية، كما يقول مديرها، وجود حالات احتكار القلة، إلا أن قدرات وعلاقات هؤلاء تحميهم، من حدود القانون الذي تعمل وفقه الهيئة.. حيث صرح علي بأن هؤلاء معروفون، وعددهم لا يتجاوز 15-20 شخص، إلا أنهم بنوا علاقات قوية مع المرفأ والجمارك والتموين ومع بعض المتنفذين في السلطة، ولهم تاريخ تجاري طويل وعلاقات مع المصارف الخارجية، وهذا كله يحميهم بوسائل متنوعة. 

تقول الهيئة بأنها لا ترضى بأن يحدد هؤلاء وضع السوق، إلا أنها كما تقول محكومة بالبحث عن مستمسك قانوني يشير إلى مخالفة قانون المنافسة، وما أن تجده فستقوم بتطبيق القانون فوراً..

تركز تحت سقف القانون!

 

إلا أن إدارة الهيئة ترى بأن هؤلاء القلة يحرصون على ألا يحوزوا نسبة تركز اقتصادي أكثر من 30%، ما يجعل أعمالهم تبدو قانونية. حيث يقول الدكتور أنور علي بأنه بالنظر إلى وثائق هؤلاء الفعلية الموجودة في السوق فإن الهيئة لا تجد أكثر من 30% تركز، وذلك بسبب جملة من التلاعب بإجازات الاستيراد والبيانات الجمركية، ووضع أكثر من اسم على الوثائق العائدة لشخص واحد..

التلاعب يمر 

عبر إجازات الاستيراد

يعتبر مدير الهيئة أنه يجب على المعنيين المانحين للإجازات والممولين للمستوردات، أن يضعوا قيوداً حقيقيةً، كي لا تمنح أية إجازة إلا لفاعلية تجارية حقيقة، تقوم بعملها لصالحها، ليستنكر بعض الإشارات الواضحة التي تدل على التلاعب، مثل منح إجازة استيراد مادة السكر لتاجر عمل 20 سنة في تجارة اللحم! ليرى بأنه لا يمكن منح أية إجازة إلا لأصحاب السجلات التجارية المشهود لها بالنزاهة والتاريخ التجاري النظيف.

ويضيف بأن  الهيئة ضد هذه الطريقة في تمويل المستوردين، التي أثبتت عدم نجاحها، وقدرة استغلالها، حيث من المفترض على التاجر الراغب بجلب البضائع أن يأتي ببيان مصرفي من المصرف الخارجي الذي موله، وهذا لا يتم!

هربوا وزورا وتمولوا بالقطع!

مدير عام الهيئة يؤكد بأن معظم أموال قوى السوق السورية خارج البلد، وهناك جزء منها قد نهبوا أموال البلد وهربوها للخارج، وهم يعملون بالتجارة للداخل السوري! وبناء على ذلك ترى هيئة منع الاحتكار أنه من الضروري وضع قيود وشروط حقيقية قبل أن تفرغ خزينة الدولة من الدولارات، مقابل تمويل بعض هؤلاء من الناهبين الذي هربوا ثم زوروا وقدموا بيانات وهمية وهذا ليس سراً فقد تم الإعلان أكثر من مرة عن ضبط متهرب هنا وشركة صرافة هناك وحالات أخرى، وفق ما قاله مدير عام هيئة المنافسة.

مواد تحت يد الدولة.. 

ويمكن تسعيرها

 

حول موقف هيئة المنافسة من عمليات التسعير، وتحديداً لمواد سلة الاستهلاك الرئيسية، فإن الهيئة لا ترى مانعاً بعملية التسعير هذه، بل تطلبها من الدولة، حيث قال بأن الهيئة لا تمانع بل تطلب من الدولة تسعير مواد السلة المكونة من 12 مادة كالسكر والرز والشاي والخبز والزيت والمحروقات وغيرها، حيث أن الدولة قادرة على التحكم بأسعار هذه المواد، وهي (تحت يدها)..

أما أن تحتكر الدولة، مواد السلة الاستهلاكية الأساسية، فالهيئة ضد الاحتكار من حيث المبدأ، إلا أنها تعتبر بأن الظروف الاستثنائية يجب أن تجعل كل شيء جائزاً، كما يقول رئيس الهيئة، مضيفاً بأن القانون قد أتاح للدولة التدخل في الظروف الاستثنائية بإصدار مرسوم مرتبط بالحالة، على أن تدرس تغيرات الظروف بعد هذه المدة فإما ينتهي العمل بها أو تصدر بمرسوم جديد..

كانت الهيئة قد تحدثت سابقاً، وذكرت في هذا اللقاء بموقفها من الأثر السلبي لتوقف طرح السكر والرز المدعوم على أسعار السوق فالكميات المطروحة بالأسعار المدعومة هي وسيلة ناجعة لخلق منافسة بالسوق من مستويات أسعار منخفضة، وتخفف نسبة الطلب وترفع العرض مما يخفض الأسعار، ورغم اعتراض الهيئة على توقيف البونات، إلا أنها ترى أن مؤسسات التدخل الإيجابي الحكومية هي بالتأكيد تفعل فعلها التنافسي بالسوق!.

مع (العقلنة) ولكن.. 

ماذا عن التهرب الضريبي؟!

 

أما عن رأي الهيئة في فكرة (عقلنة الدعم) على أسعار السلع في السوق وخاصة بما يخص المحروقات التي تؤثر بشكل كبير على ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي وأجور شحن ونقل البضائع, فالهيئة تقول أنها مع عقلنة الدعم كفكرة عامة، ولكنها ترى أنها يجب أن تقوم على دراسة السوق، وإبقاء الدعم للمفاصل المتأثرة بشدة من التراجع عنه، ومن أثاره على ارتفاع الأسعار، حيث نسبة 80% من الشعب متأثرة لذلك يجب مراعاة درجة التأثير، وترى الهيئة أنه كان من المجدي أكثر اتباع سياسة الإحصاء الفعلي للتهرب الضريبي، لتحديد مصادر الضريبة الكبرى ومنها ضريبة الرفاهية، لزيادة موارد الدولة..

نجاح في ملف 

المبيدات الزراعية

 

ذكرت الهيئة مثالاً تعتبره نجاحاً لها، يوضح آلية عملها، حيث تم البحث المعمق المستند على مستندات وأوراق وأرقام، فيما يخص سوق المبيدات الزراعية، وقد تطلب  ثمانية أشهر، حيث تبين سيطرة مجموعة احتكارية فاسدة، استطاعت الهيئة أن تلغي القرار الاحتكاري الذي كان يسود، دعماً لها.

ويقول مدير الهيئة أن هذا الملف، كان مستعصياً لمدة 40 سنة، حيث يستمر نفوذ هؤلاء المحتكرين في المجالات كافة نتيجة تحويل الفساد لكثير من الإدارات والمؤسسات إلى ما يشبه المزارع الخاصة بهم، حيث يبتعدون عن العمل المؤسساتي، ولكنهم يعتمدون على نفوذهم عليه..

القطاعات السيادية.. مسموح احتكارها!

 

سألت قاسيون إدارة هيئة المنافسة عن وضع شركات الاتصالات الخليوية، وكان الرد بأن قانون المنافسة ومنع الاحتكار، قد استثنى الأعمال السيادية للدولة والمرافق العامة والاتصالات من ضمنها، ولذلك فشركتي الخليوي اللتان تتقاسمان السوق، تعتبران من الاستثناءات فهي تصنف قطاع سيادي وخاص في آن معاً.

الهيئة تقول بأنها تدخلت سابقاً، حين كان يجري الحديث عن مشغل ثالث، إلا أنها تراجعت مع ظروف الأزمة، وتوقف طرح هذه المسألة!.

آخر تعديل على السبت, 09 نيسان/أبريل 2016 15:03