صندوق النقد الدولي ودروسه المنسية!
سنسلط الضوء في هذه القراءة المقتضبة على ما كتبته مؤخراً مديرة برامج الحوكمة الاقتصادية العالمية في جامعة أوكسفورد، نغاير وودز، في مقالتها (صندوق النقد الدولي وأزمة اليورو) المنشورة على موقع Project-syndicate بتاريخ 27 تموز الماضي، حول أزمة اليورو والتي تشير إلى تصاعد الأصوات الأكاديمية الناقدة بشدة للمؤسسة الدولية وبحث مصيرها.
ترى نغاير وودز، أن صندوق النقد الدولي ارتكب «أخطاءً» جسيمة في معالجة أزمة اليورو، خلافاً لدروسه التي تعلمها من تجاربه في الأزمات الدولية السابقة، وأن أول الدروس هو التأخر والتباطؤ والتردد في عملية الإنقاذ، فتقول: (كان أحد الدروس المتجاهلة في كارثة اليونان هو أنه عندما يصبح الإنقاذ ضرورياً، فإنه لابد أن يتم على الفور وبشكل حاسم(.
حلقة التقشف المفرغة
تضيف نغاير أن الدرس الثاني الذي تم تجاهله وهو (ضرورة عدم إنقاذ البنوك) وهو أحد الدروس المستفادة من تجربة أزمات حكومات أمريكا اللاتينية في ثمانينات القرن الماضي وتوضح أنه: (وفي حالة اليونان، تم نقل القروض الرديئة التي تصدرها بنوك فرنسية وألمانية إلى الدفاتر العامة، وبهذا امتد التعرض ليس فقط لدافعي الضرائب الأوروبيين، بل وأيضاً إلى عضوية صندوق النقد الدولي بالكامل).
وترى وودز وهي عميدة جامعة بلافتنيك، أن الدرس الثالث هو أن (التقشف يؤدي غالباً إلى حلقة مفرغة)، فتخفيض الإنفاق يؤدي إلى مستويات أعلى من الإنكماش بالمقارنة مع احتمالات ذلك الانكماش فيما لو لم تطبق خطط التقشف. كما توضح وودز أن (صندوق النقد الدولي يعرف أن تنفيذ الإصلاحات لن يتم في الأرجح إلا إذا كان عددها قليلاً وتركيزها دقيقاً) وهو ما عمل على خلافه في الأزمة اليونانية، وتضيف الباحثة حول أحد الدروس التي تجاهلها الصندوق هو أن (الإصلاحات من غير المرجح أن تنجح ما لم تلتزم الحكومة بمتابعتها إلى النهاية... كما أن الدرس السادس الذي تجاهله صندوق النقد الدولي هو أن إنقاذ البلدان التي لا تسيطر بشكل كامل على عملاتها ينطوي على مخاطر إضافية(.
الدول الصاعدة
كمحدد لاستمرار الصندوق
وخلصت نغاير وودز إلى التشكيك بمستقبل استمرار وجود هذه المنظمة، وتحديداً لجهة فقدان الدول الصاعدة الثقة بها ببسبب هيمنة الولايات المتحدة وأوربا عليها، وتقول أن: (صندوق النقد الدولي اتخذ قراره في حين كان يواجه أزمة وجودية.... الحق أن مشاركة صندوق النقد الدولي في أزمة منطقة اليورو أعطت الاقتصادات الناشئة القوية سبباً آخر للتحرر من وهم صندوق النقد الدولي. وبعد أن أحبطت الولايات المتحدة مطالبها بقوة تصويت أكبر في الصندوق، فإن هذه الاقتصادات تكتشف الآن أن المنظمة كانت تنفذ أوامر أوروبا. وسوف يكون من الصعب أن يستعيد صندوق النقد الدولي ثقة هذه البلدان الأعضاء المتزايدة الأهمية).