إلى أين يسير الاقتصاد السوري؟! مسار الاقتصاد سيحدد مصير ملايين السوريين

إلى أين يسير الاقتصاد السوري؟! مسار الاقتصاد سيحدد مصير ملايين السوريين

بكثير من الواقعية نسأل، إلى أين يتجه الاقتصاد السوري؟! ولا نعني به الاقتصاد المجرد بطبيعة الحال، لأن المسار الاقتصادي هو من سيحدد مصير ملايين السوريين، فهل فكر أحد من حكومات (الازمة)  باستشراف مستقبل هذا الاقتصاد؟! أم أن الجميع منهمك في التبريرات لتجنب المسؤولية، لأن (مغرمي) السياسات الاقتصادية لا يتحدثون إلا عن حجم التخريب الكبير في البنية التحتية، وعن العقوبات الاقتصادية التي أنهكت الاقتصاد السوري، وبصفتها المسؤول الوحيد عن كل ما يجري من مآسي لهذا الاقتصاد، وهي الدافع - بحسب هؤلاء- لجملة من القرارات الاقتصادية التي أثقلت كاهل السوريين، على الرغم من مجافاة تلك الادعاءات للحقيقة..

يتبارى المسؤولون الحكوميون في استعراض أضرار الاقتصاد السوري، وفي كيل الشتائم، وتحميل العقوبات الاقتصادية، وعمليات التخريب التي تطال الاقتصاد السوري مسؤولية وصول الاقتصاد إلى حافة الانهيار وحدها، وهم بذلك يلعنون الظلام دون أن يكلفوا أنفسهم عناء إضاءة شمعة، ودون أن يتذكروا أن الحلول التي يقولون بها قد خلقت أزمات بالجملة، وقد أضرت بالاقتصاد السوري، وبالمواطن أيضاً، والذي هو منطلق وغاية كل السياسات الاقتصادية، وبما يوازي الضرر الذي أحدثته العقوبات الاقتصادية وعمليات التخريب التي طالت القطاعات الاقتصادية كافة، فهل فكر أحد من هؤلاء المسؤولين في تقييم نتائج قراراتهم الاقتصادية على امتداد العام الفائت وحده مثلاً؟! وهل تساءلوا، إلى ماذا أوصلت قراراتهم الحكومية الباحثة عن الموارد من جيوب الفقراء فقط؟!
الركود الاقتصادي وصل إلى الذروة
قرارات بالجملة أفرغت ما تبقى في جيوب السوريين، والهدف (السامي) هو تأمين الموارد، دون أن يعرف أحد أين تصرف تلك الموارد، ولِمَ جيوب الفقراء هي وحدها من ستمول عجز الحكومة؟ بينما هرّب مئات «رجال الأعمال» أموالهم إلى بنوك وأسواق دول العالم كافة، وأحد الاحصاءات يقول إن نحو 14 مليار دولار قد جرى تهريبها إلى البنوك اللبنانية لوحدها، وهم من «أكلوا البيضة والتقشيرة» في أيام الاستقرار، وهم من سيستعيدون مجدهم السابق في زمن إعادة الإعمار لاحقاً، فكل التشريعات والتسهيلات ستصب في مصلحتهم، وبما يخدم زيادة ثرواتهم على حساب الشعب السوري..
الركود الاقتصادي وصل إلى الذروة، وهذا لم يأتِ من فراغ، بل إن عشرات القرارات الاقتصادية التي طالت رفع أسعار جميع المواد الاساسية والرئيسية، بدءاً من المشتقات النفطية بكل موادها وصولاً إلى المواد التموينية وتعرفة الكهرباء والماء والاتصالات، هي من أوصلت الاقتصاد الوطني إلى هاوية الركود الاقتصادي، والمواطن إلى حافة الفقر المدقع..
كل تلك القرارات الحكومية، والمترافقة مع فلتان التجار في الأسواق، رفعت الأسعار بنسبة 310% منذ بداية الازمة حتى الآن، بحسب الأرقام الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء، على الرغم من أن الرقم غير الرسمي أكبر من تلك النسبة بالتأكيد، بينما لم ترتفع الرواتب إلا بنسبة لا تزيد عن 40% خلال الفترة ذاتها، ولموظفي القطاع العام وحدهم، فمن أين ستأتي الحركة الاقتصادية عندها؟! وما الفائدة من وجود آلاف السلع في الأسواق بأسعار مرتفعة، والمواطن غير قادر على اقتنائها، لأن دخولهم وإمكاناتهم الاقتصادية لا تسمح بذلك، فهذا هو المؤشر الذي يختصر كل نتائج السياسات الاقتصادية، لا كما يفعل أصحاب القرار والناطقون الحكوميون، بالهروب إلى الأمام فقط، عبر الحديث عن الدمار الكبير وتكاليفه الباهظة، للقول لاحقاً بضرورة اتخاذ قرارات اقتصادية محرمة منطقياً، وتطال الخطوط الحمراء لمعيشة السوريين، وأساسيات حياتهم..

المركزي يسطو على 2.5 مليار دولار من تحويلات المغتربين سنوياً

ووفق بيانات المصرف المركزي، فإن قيمة التحويلات المالية تصل وسطياً إلى 7 ملايين دولار يومياً، أي ما مجموعه 2.5 مليار دولار سنوياً، وهذا المبلغ يزيد عن 400 مليار ليرة سورية سنوياً، على أساس 160 ل.س للدولار الواحد..
هذا الرقم من تحويلات السوريين المقيمين في الخارج، هو الأعلى خلال السنوات الأخيرة، فهو يزيد بمقدار 800 مليون دولار عن مجموع تحويلات المغتربين السوريين في العام 2008، والبالغة نحو 1.7 مليار دولار، بحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء، ويزيد بنحو 1.5 مليار دولار عن مجموع تحويلات المغتربين السوريين في العام 2009، والبالغة نحو مليار دولار، ويزيد بنحو 1.6 مليار دولار عن مجموع تحويلات المغتربين السوريين في العام 2010، والبالغة نحو 900 مليون دولار، وبنحو 1.9 مليار دولار عن مجموع تحويلات المغتربين السوريين في العام 2011، والبالغة نحو 600 مليون دولار..
بعد أن ألزم مصرف سورية المركزي جميع شركات الصرافة المرخص لها العمل في سورية صرف الحوالات الخارجية التي لا تتجاوز قيمتها الــ 5000 دولار بالليرة السورية حصراً، أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى والحوالات الواردة بمبرر شخصي (غير تجاري) بغض النظر عن قيمتها، أصبحت أغلب تلك الحوالات بيد مصرف سورية المركزي، وفي الغالب تشتريها شركات الصرافة بسعر الصرف الرسمي، أو بسعر أقل من أسعار السوق السوداء في أحسن الأحوال، ليقوم المركزي ببيعها بمزادات علنية بسعر السوق السوداء، وفي هذه الحالة يموّل المركزي مزاداته العلنية من تلك الحوالات، ويؤمن جزءاً غير قليل من برنامجه لتمويل المستوردات من تلك الحوالات أيضاً، ليكون الخاسر هو المواطن السوري فقط، وقائمة المستفيدين تبدأ من شركات الصرافة وتنتهي في أروقة المركزي.