الحكومة والدعم التمويني: نقل العبء من الدولة إلى المواطن
رفعت الحكومة سعر السكر والأرز المدعوم، وهو الجانب الثاني من الدعم التمويني، بعد أن رفعت الحكومة سعر الجانب الرئيسي من الدعم التمويني وهو دعم رغيف الخبز، وخففت عن نفسها أعباء بمقدار يتراوح بين 12-17 مليار ل.س (حسب حجم إنتاج الخبز 5000- 7000 طن في اليوم)، وزادت على السوريين مستهلكي الخبز سعر الرغيف المدعوم بنسبة 66,6%.
ضمن جولة الارتفاعات ذاتها التي تنبئ بما هو أكثر، فإن الحكومة ستوفر 10 مليار ل.س من رفعها لسعر آخر المواد التموينية التي تدعمها، وهما مادتا السكر والأرز التين توزعان وفق البطاقات التموينية (البونات) بحصص استهلاك محددة، وفق ما صرح به وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لجريدة «تشرين» الرسمية، بتاريخ 11-7-2014.
حيث بلغت نسبة الرفع هنا: 100%، لينتقل السعر الموحد لكغ الأرز والسكر من 25 ل.س إلى 50 ل.س.
دعم الغذاء.. دعم حقيقي
يشكل الأرز والسكر المدعومان بسعر 25 ل.س، دعماً حقيقياً لدخل الأسر السورية، فعلى الرغم من الصعوبات الكبرى في الحصول على الحصة التموينية خلال الأزمة، ورفع بعض المؤسسات لسعر الكغ المباع، إلا أن طريقة الدعم هذه تعتبر طريقة هامة ومضمونة. حيث توفر الحصة السنوية لأسرة مكونة من خمسة أشخاص مبالغ مهمة قياساً بالإنفاق على الغذاء، فحوالي 60 كغ سكر مدعوم في السنة بسعر 1500 ل.س، توفر مبلغ 4500 ل.س التي ينبغي أن تؤمنه من السوق بسعر حده الأدنى 6000 ل.س، أما 30 كغ أرز لهذه الأسرة بسعر 750 ل.س، يوفر على هذه الأسرة مبلغ 2250 ل.س بالحد الادنى إذا اشترت الأرز من السوق بسعر 100 ل.س للكغ، وتوفر5250 ل.س إذا اشترت كغ الأرز بسعر 200 ل.س من السوق، وهذه الوفورات هي زيادة حقيقية وثابتة وأكثر ضمانة على دخول السوريين، من زيادة أجورهم النقدية، التي تسحبها السوق تلقائياً، كما تنص القوانين العلمية، والأهم كما لمسنا بتجربتنا الحية مع كل زيادة الأجور منذ عام 2000 وحتى الآن، والتي شكلت في كل مرة (مكرمة) للسوق، ونقلة نوعية في انخفاض أجورنا الحقيقية وقدرتنا على شراء السلع والمواد والحاجات بها.
طرحت الحكومة في موازنتها لعام 2014 أن حجم الدعم التمويني سيبلغ 170 مليار ل.س في عام 2014، ستنفق على دعم الخبز من جهة، وعلى دعم مادتي السكر والأرز من جهة ثانية، دون أن توضح التوزع بينهما.
سنحاول أن نقدر حجم الدعم التمويني للأرز والسكر بعد رفع السعر إلى 50 ل.س، من خلال تقدير للتكلفة، ولرقم المبيعات الحكومية التي ستتضاعف مع تضاعف سعر الكغ الموزع والمدعوم.
حجم الدعم: كميات وسعر عالمي وكلف نقل
الدعم محسوب على أساس كميات السكر والأرز المقنن الموزع وفق البطاقات التموينية، وتوضح بيانات حصلت عليها قاسيون عن عام 2012، طرق احتساب كميات السكر والأرز التمويني القائمة على الأساس التالي:
الكميات
السكر: تقدير حصة الفرد من الاستهلاك الشهري بـ 1 كغ، لتبلغ كميات الاستهلاك السوري الضروري سنوياً: 296 ألف طن.
الأرز: تقدير حصة الفرد من الاستهلاك الشهري بـ 0.5 كغ، لتبلغ كميات الاستهلاك السوري الضروري سنوياً: 134 ألف طن.
وذلك باعتبار أن عدد الأسر السورية 4 ملايين أسرة بمتوسط عدد أفراد 5، وهو المتوسط المحسوب على أساس عدد سكان سورية 20 مليون تقريباً.
كلفة الاستيراد
مجمل هذه الكميات مستوردة، بعد توقف طويل في عملية إنتاج السكر محلياً، ولحساب تكلفتها سنعتمد وسطي الأسعار العالمية للأشهر الستة الاولى من عام 2014، المأخوذة من منظمة الفاو (منظمة الأغذية والزراعة الدولية)، وسنفترض أن تكاليف النقل إلى سورية والتأمين والتفريغ وغيرها تضاعف من سعر الكغ المستورد، معتمدين سعر صرف 160 ل.س/$
سعر السكر عالمياً: 246 $/ للطن أي سعر كغ السكر عالمياً: 39,3 ل.س ×2= 78 ل.س.
سعر الأرز عالمياً: 235 $/ للطن أي سعر كغ الأرز عالمياً: 37,6 ل.س ×2= 75 ل.س.
الكلفة الإجمالية
كلفة كميات السكر والأرز الضرورية سنوياً المستوردة للبونات: 33 مليار ل.س
السكر: 296 مليون كغ × 78 ل.س/كغ= 23 مليار ل.س.
الأرز: 134 مليون كغ × 75 ل.س/كغ= 10 مليار ل.س.
المبيعات إلى 20,7 مليار
حصلت الحكومة من بيع 296مليون كغ سكر بسعر 25 ل.س: 7,4 مليار ل.س، أما من بيع 134 مليون كغ سكر بسعر 25 ل.س حصلت مبلغ: 3,3 مليار ل.س
أي إجمالي مبلغ: 10,7 مليار ل.س، ستتضاعف خلال عام بالبيع بسعر 50 ل.س إلى 20,7 مليار.
حجم الدعم وتغير وزن العبء
بالتالي حجم الدعم قبل الرفع يبلغ: 22,3 مليار ل.س، بينما يدفع المواطنون 10,7 مليار ل.س، أي تتحمل الحكومة 67% من التكلفة، بينما يتحمل المواطنون 33% من التكلفة.
حجم الدعم بعد مضاعفة السعر: 12,3 مليار ل.س، بينما يدفع المواطنون 20,7 مليار ل.س،
أي تتحمل الدولة 37% من التكلفة، بينما يتحمل المواطنون 63%.
أي نقلت الحكومة الأعباء الأساسية لتكلفة هذه المواد المدعومة إلى جيوب المواطنين.
اتجاه انخفاض الدعم خلال الأزمة
بلغ حجم دعم السكر والأرز في عام 2013: 30 مليار ل.س بحسب تصريح مدير الاستهلاكية هاجم الذيب بتاريخ: 31-7-2013 أي منذ عام، أما في عام 2012 فقد كان مجمل دعم الأرز والسكر 14 مليار ل.س وفق موازنة الحكومة لعام 2013.
وعلى الرغم من تقارب قيمة الدعم الرقمية بين عامي 2012-2014، بفارق 2 مليار ل.س، إلا أن القيمة الحقيقية لهذا الدعم قد انخفضت للنصف فعلياً، وذلك مع انخفاض قيمة الليرة التي يؤخذ سعر صرفها مقابل الدولار كمؤشر، حيث سجل وسطي صرف الدولار في السوق عم 2012: 75 ل.س/$. بينما وسطي العام الحالي 150 ل.س/$ أي تراجع بنسبة 100%.
وبكل الأحوال فإن هذا الدعم بحالته الأعلى: 22,3 مليار لا يشكل إلا نسبة 13% من الدعم التمويني البالغ 170 مليار ل.س لعام 2014، ليتبقى مبلغ: 148 مليار ل.س لدعم الخبز.
وفي حالته الأدنى مع رفع السعر فإنه يشكل نسبة: 7% من 170 مليار ل.س لعام 2014، ليتبقى مبلغ: 158 مليار ل.س لدعم الخبز.