«عداد» قياس الأضرار.. «أضعف الإيمان»
أكثر من أربعة آلاف مليار ليرة سورية أي حوالي 30 مليار دولار (بسعر صرف الدولار الجديد المرتفع خلال الأسبوع المنصرم) هي آخر أرقام خسائر جهاز الدولة السوري بعد حرب ثلاث سنوات، وهي ما رشح بتصريح لرئاسة مجلس الوزراء في الشهر الثالث من العام الحالي 2014 ونقلته صحيفة رسمية
يظهر من التصريحات المتتالية غير المنظمة لجهات رسمية، أنه لدى جهاز الدولة «عداد» لقياس الأضرار والخسائر الناجمة عن التدمير المباشر للمرفقات العامة في القطاعات كافة فقط، وهذا هو الحد الأدنى المطلوب للانتقال إلى المستوى الآخر وهو متطلبات إعادة الإعمار!. هذا المعطى الهام الآخر تتقاذفه التصريحات والتقديرات الدولية بشكل رئيسي، فمنذ بداية 2012 افتتح «عبد الله الدردري» وجه الخطة الخمسية العاشرة ما قبل الحرب، سلسلة التقديرات من موقعه الدولي الجديد في منظمة «الإسكوا» معلناً أن سورية ستحتاج أكثر من 100 مليار دولار حيث أردف أن البنك الدولي جاهز لتقديم 10 مليار دولار ولكن على أن نقبل بشروطه «التي لا تمس السيادة» بحسب توصيفه، أما التقدير الآخر فأتى من «مشروع مارشال الوطني» الناجم عن عقد قوى دولية في دبي لمؤتمر ترعاه ألمانيا والإمارات وفي واجهته ما يسمى «مجموعة عمل الاقتصاد السوري» والذي قدر أن إعادة الإعمار في سورية تحتاج من 60-200 مليار دولار، وهذه كانت أبرز التصريحات التي أعقبها العديد، مقابل صمت حكومي رسمي عن وضع خطة أو تقدير تكلفة أو تشكيل فريق!
من الطبيعي أن يسارع هؤلاء إلى تقدير الكلف المطلوبة، حيث أن الأزمة بالنسبة للجهات المالية الضيقة التي ترعاهم هي الوقت المستقطع لحين إعادة الإعمار والتحاصص، إلا أن المقابل الحكومي لا يقل «استفزازاً»! حيث لا تبدي الحكومة في ما تصرح به وتعلن عنه، اهتماماً وعملاً بحجم المهمة الوطنية المطلوبة للتخطيط لمرحلة إعادة الإعمار، حتى على مستوى إنجاز جدي للمرحلة الأولى منه، وهي توصيف الواقع أي حجم الخسائر المادية والبشرية والتنموية، والظواهر الاجتماعية التي نجمت عن الحرب، ليليها البحث عن جواب لسؤال شديد الإلحاح وهو من أية موارد ستنطلق العملية وكيف ستحدد مصادرها ثم جهة توظيفها، أي كيف ستترتب أولويات حل القضايا الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، في ضوء التداخل الكبير بينها، وما الآجال الزمنية؟! إن التعامل المتراخي مع هذه المسألة المعقدة، بقصد أو بغير قصد سيسهل الطريق على منظمات إعادة الإعمار الدولية التي ستدفع باتجاه إعادة التجارب الجاهزة وأقربها في لبنان والعراق لتحول إعادة الإعمار إلى محاصصة تعيد إنتاج الأزمة.
خارطة إعادة إعمار بلاد بعد الحرب هي مهمة وطنية معقدة، لا يبدو أن القائمين على القرار في جهاز الدولة السوري بأتم الاستعداد للدخول في عتباتها الأولى، وربما أبلغ ما يدل على ذلك هو مستوى الاستعداد والجدية في اعتماد الحل السياسي الذي يعتبر ألف باء الحديث عن عملية إعادة بناء البلاد بعد أن دمرتها الحرب والعنف والمستفيدون منه في كل الأطراف.