«جنون أسعار الخضار قادم»!
اُحيل القرار القاضي بوقف تصدير جميع أنواع الخضار مع نهاية العام السابق 2013 إلى التقاعد المبكر مع بدء العام الجديد، وتفاءل رئيس اتحاد غرف الزراعة السورية محمد الكشتو بالتوقف، وهو من حذر من أن وقف التصدير سيؤدي إلى خسارة المنتج، وإلى خروج المزارعين من العملية الإنتاجية، ولكن، هل فكر رئيس الاتحاد يوماً، كم عدد السوريين الذين سيخرجون من دائرة مستهلكين الخضار بعد السماح بتصديرها؟!
رئيس اتحاد غرف الزراعة يسلم بفرضية خسارة المنتج الوطني، وبأن الفلاح هو المستفيد من تصدير منتجاته الزراعية، بينما في واقع الامر، لا نجد من مستفيد أوحد سوى المصدرين والتجار، فالكثير من المنتجات الزراعية التي يشتريها المستهلك بسعر مرتفع يتجاوز الـ 100، لا يبيعها الفلاح بأكثر من 30 – 40 ل.س في أحسن الاحوال، وبالتالي، فإن هذا الارتفاع في الاسعار لم ينعكس على الفلاح بطبيعة الحال، بل بقي الفلاح والمستهلك هم أكثر الخاسرين من ارتفاع الاسعار..
السماح بتصدير الخضروات مؤشر على ارتفاع قادم في الاسعار، وهذا ليس بالادعاء، بل إن الانتاج الزراعي بعمومه لا يكفي حاجة القطر حالياً، بعد التراجع الكبير في حجم الاراضي المزروعة، وقلة عدد العاملين بالزراعة، والسماح بالتصدير في هذه الحالة، سيعني بالضرورة نقصاً في المعروض من هذه المنتجات في السوق المحلية، وسينتج عن هذا النقص ارتفاع في الأسعار، وهذا ما نحذر منه في حال السماح بتصدير تلك المنتجات مع النقص الحاصل في الإنتاج..
هل الواقع الحالي لمحاصيل الخضراوات يسمح بانتهاء مفعول القرار القاضي بوقف تصدير جميع أنواع الخضار؟! هو الأرضية التي يجب أن يبنى عليها أي قرار يسمح بالتصدير، لا أن يكون القرار ارتجالياً، وعلى وزارة الزراعة والاقتصاد قبل اتخاذ مثل تلك القرارات متابعة حركة الإنتاج والأسعار في الأسواق المحلية، ودراسة انعكاس انتهاء مفعول قرار وقف تصدير الخضار على المستهلك أولاً؟! إن لم نقل إن من واجبهم دراسة مفعول أي قرار يسمح بتصدير المنتج الوطني على منتجه بالدرجة الأولى، فهو سيستفيد بالطبع، ولكن ما هي حصته من الاستفادة الإجمالية مقارنة بالحلقات الوسيطة من تجار ومصدّرين؟!
إذا ما سلمنا بفرضية اتحاد غرف الزراعة السورية، والقائلة «إن قرار منع تصدير الخضراوات لم يؤثر كثيراً ولم يحدث فرقاً ملموساً في السوق، حيث ظلت الأسعار مرتفعة بشكل قياسي»، فإننا نكاد نجزم بأن السماح بالتصدير سيزيد من عدم قدرة السوريين شراء حاجتهم من تلك المنتجات، وسيخرج عدداً كبيراً منهم من دائرة المستهلكين، لما سيتركه هذا القرار من ارتفاع في الأسعار..