رئيس الحكومة.. أرقام عشوائية أم «هجوم استباقي» على المازوت؟!
تحولت المشتقات النفطية إلى «مكسر عصا» الحكومة الحالية في القرارات والتصريحات، فبعد إنهاء الحكومة أولى خطواتها على صعيد رفع أسعارها، بكل ما تركه من غليان في الأسواق وفي قلوب السوريين، أتت التصريحات الحكومية التي اعقبتها لـ«تزيد الطين بلة»،،
عبر الإصرار على الحديث عن الدعم الكبير من جانب الحكومة لتلك المشتقات بعد كل هذه القرارات وكان آخرها حديث رئيس الحكومة وائل الحلقي، «أن سعر ليتر المازوت يكلّف الدولة 200 ليرة، وتبيعه بـ 60 ليرة، أي أنها تدعمه بنسبة 500%»، مجدداً سلوكاً طالما اعتادته الحكومات المتتالية في تضخيم فاتورة الدعم، وهذا ما أثبتناه في الماضي عبر المقارنة مع أسعار المشتقات في دول الجوار، حيث كنا في حينها منتجين لا مستوردين، ولهذا سنعود لتلك المقارنات علنا نثبت ما أكدناه في الماضي من التضخيم المتعمد لفاتورة الدعم لاتخاذها ذريعة في تنفيذ قرارات جديدة على هذا الصعيد!!..
«هجوم استباقي»
إن نسبة الدعم الحالي لمادة المازوت التي قدمها الإعلام على لسان رئيس الحكومة لا تطابق الرقم مطلقاً، فإذا كان ليتر المازوت يكلّف الدولة 200 ليرة سورية، فهذا يعني أن الدعم على الليتر الواحد سيكون بمقدار 140 ليرة سورية، وبنسبة تصل إلى 233%، أما في حال كان المقصود أن الدعم يبلغ 200 ليرة سورية على الليتر الواحد، فهذا يوصلنا إلى أن نسبة الدعم الحالي لا تتعدى نسبتها الـ 333%، أي أنه، وفي الحالتين لن تكون نسبة الدعم على ليتر المازوت الواحد 500%، إلا إذا كانت تكلفة الليتر تصل إلى 360 ليرة سورية، أو أن الليتر ما زال يباع بـ 35 ل.س في أحسن الأحوال، وهذا يناقض الواقع، ولهذا نسأل: من أين أتى رئيس الحكومة بهذه الرقم وهذه النسبة الكبيرة للدعم المقدم على مادة المازوت؟! وعلى اعتبار أن النسبة المعلنة للدعم على المازوت انتشرت في الصحافة والإعلام الرسمي بعناوين عريضة، ودون أن يسعى أحد للتدقيق بهذه الأرقام والنسب، فإنه يتوجب التساؤل عن الغاية من طرح هذه النسبة لدعم المازوت في هذا التوقيت بالذات؟! وهل تحضّر الحكومة لقرار جديد لرفع سعر المازوت؟! ولهذا قررت البدء بهجوم إعلامي استباقي على لسان رئيس الحكومة علّها تصل إلى غايتها!!..
معادلة التكلفة غير واقعية
طُرحت نسبة للدعم، إلا أنها لم تطابق الرقم المعلن بأية حال من الأحوال، ولكن هل الرقم المقترح للدعم دقيق هو الآخر؟! إن التدقيق بأرقام النشرات نصف الشهرية الصادرة عن الوزارات المعنية في كل من لبنان والأردن تدعم النفي الذي نقول به، لكونها دولاً تستورد حاجتها من المازوت والمشتقات النفطية كما نفعل نحن حالياً، على الرغم من أن سورية حتى في هذه الأيام، تستورد النفط الخام لتكريره في المصافي أحياناً، وليس جميع ما نستورده يكون على شكل مشتقات نفطية فقط..
في لبنان، يُسعّر مبيع كل 20 ليتر من المازوت من جانب وزارة الطاقة بنحو 25500 ل.ل، أي أن سعر الليتر بحدود 1275 ل.ل، وبالنظر إلى النشرة الرسمية لسعر الصرف، نجد أن كل ألف ليرة لبنانية تعادل نحو 69 ل.س، وفي هذه الحالة يكون سعر الليتر الواحد من المازوت بحدود 88 ل.س..
أما في الأردن، فإن سعر الليتر الواحد من المازوت يبلغ نحو 645 فلس لليتر، وانطلاقاً من النشرة الرسمية لسعر الصرف، نجد أن الدينار (1000 فلس) يصل إلى 147 ل.س، وبهذا نصل إلى أن سعر الليتر لن يتعدى حدود الـ 95 ل.س..
«وراء الأكمة ما وراءها!!»
الليتر يكلّف الدولة 200 ل.س، هذا إذا ما كانت حسابات رئيس الحكومة تتم على أساس دولار السوق السوداء، والذي يصل إلى 250 ل.س للدولار الواحد، والذي لم يكن قد وصله الدولار عند الإدلاء بهذا التصريح، وهذا غير وارد، لأن الحكومة هي من تستورد المازوت، وبدولار من المصرف المركزي، ولا تٌجبر على الشراء من السوق السوداء لتلبية احتياجاتها من القطع الأجنبي، ولهذا من غير المنطقي قياس دعم الليتر على أساس السوق السوداء إلا إذا كان «وراء الاكمة ما وراءها!.!»
كما أن حساب رئيس الحكومة فاتورة الدعم على أساس سعر الدولار في السوق السوداء، يعني أنه اعتراف بشكل صريح بأسعار الدولار في هذه السوق كبديل للسعر الرسمي، والذي يتعارض مع الحديث اليومي لكل المسؤولين عبر وسائل الإعلام، بمن فيهم رئيس الحكومة ذاته، بأن سعر الدولار وهمي، وبأنه ناتج عن المضاربة في السوق!!..