ماذا يجري في أفغانستان؟
يجري مؤخراً عدد من التطورات المهمة داخل أفغانستان، بالنسبة لواشنطن كان الهدف الأساسي هناك هو الحفاظ على حالة من عدم الاستقرار، وتسخين بؤرة توتر دائمة في تلك المنطقة الحساسة، ما يشكل عامل ضغط على عدد من الدول، مثل: الهند وباكستان وإيران بالإضافة إلى كون التوتر في وسط آسيا يعد تهديداً مباشراً لروسيا والصين.
بعد الانسحاب الأمريكي العسكري من أفغانستان، كانت واشنطن تطمح لأن يخلق حالة هائلة من عدم الاستقرار تنجر بعدها أفغانستان إلى حرب أهلية كبيرة، لكن تطورات الأمور أبقت الوضع داخل البلاد ضمن حدود مقبولة. ففي الوقت الذي تظل الاحتمالات لانفجار داخلي قائمة، تحاول الدول المحيطة بأفغانستان بشكل صادق أن تؤمن مناخاً إيجابياً بهدف نزع أي بوادر ممكنة للانفجار.
فوالق قومية ودينية كبيرة
يدرك كل العارفين بالوضع في أفغانستان، أن عدد الفوالق القابلة للتفجير كبير جداً، والأخطر من ذلك، أن هذه الفوالق لا تنحصر داخل الحدود السياسية لأفغانستان، بل تتجاوز خطوط الحدود إلى دول الجوار، ما يعني أن ضبط الأوضاع الداخلية هناك لا يعتبر شأناً أفغانياً فحسب، وهو ما يفسر أن دول الجوار حاولت على الفور التعاطي بشكل من الإيجابية مع طالبان بوصفها القوة المسيطرة على الأرض، وذلك على الرغم من عدم التجانس الهائل الموجود ضمن قواها. وفي هذا السياق، لحظنا مؤخراً اشتباكات حدودية بين أفغانستان وجيرانها، باكستان في الشرق، وإيران في الغرب. وبالرغم من أن الأوضاع الأمنية الحساسة هذه لا تزال تحت السيطرة، إلا أنها ناقوس خطر، وتحديداً إذا ما تطورت إلى أكثر من ذلك.
لماذا الآن؟
لا شك، أن الأخبار الواردة من داخل أفغانستان مؤخراً تؤكد أن تطورات أمنية تتسارع، سواء على الحدود أو في الداخل، مثل: العمليات الانتحارية والتفجيرات التي تحصل مؤخراً، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن القول: أن ما يجري في أفغانستان اليوم هي تطورات عفوية تجري؟ أم أن أطرافاً خارجية تحرك هذه التناقضات؟ من دون شك، للولايات المتحدة مصلحة في تفجير الوضع هناك، وتحديداً في هذه اللحظة الحساسة بالذات، فإذا كان فتيل التوتر بين إيران والسعودية يجري نزعه برعاية روسية صينية، فهذا يعني أن واشنطن مضطرة لإيجاد بدائل، ويمكن لأفغانستان أن تغذي الفالق الطائفي مجدداً، إذا ما نجح المخطط الأمريكي، ويمكن لها أيضاً أن تتحول إلى نزاع على أراضٍ، على أساس الانتشار للقوميات على طول الحدود، وتحقق بذلك رغبة واشنطن في الضغط على دول، مثل: باكستان وإيران تحديداً. لكن ذلك يبقى مرهوناً بقدرة الدول المحيطة على لجم هذه المحاولات، وتحكيم صوت العقل، بدلاً من الانجرار لنزاعات تخدم واشنطن.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1126