النظام الأردني وأكذوبة الخوف من الفاشية
ــ «إن تنظيم داعش قد يجعل من الأردن الهدف المقبل له وإن أنصار التنظيم الإرهابي يكسبون «تأثيراً» في الأردن. «ديلي تيليغراف».
ــ «داعش يوسع قبضته باتجاه الأردن». «معهد ستراتفورد للدراسات الاستراتيجية».
ــ «داعش معادية للنظام الأردني بلا ريب، ولم تتمكن الاستخبارات الأردنية من اختراقها، أقله على مستوى التأثير في القرار». ناهض حتر (الأردن... الصمت الذي يسبق الاستدارة).
إنها عينة، من بين عشرات التقارير والمقالات التي تحذر من نية «داعش» الدخول إلى الأراضي الأردنية. فهل وصلت التقارير الإعلامية حد التهويل، أم أن سيناريو سيطرة «داعش» على بعض الأراضي الأردنية أمر واقع؟
الأردني في خدمة الأمريكي
بالنظر إلى «التقرير السري» الذي نشرته وسائل إعلام أمريكية مؤخراً، والذي كشف عن تورط سعوديين وباكستانيين وجنسيات أخرى في تمويل ودعم «داعش», فمن الواضح أن الولايات المتحدة تحاول التغطية على دورها في دعم التنظيم وتمويله. أما التدريب، فتحديداً في الأردن التي تلقى عناصر «داعش» تدريباتهم على أراضيها، عام 2012، بإشراف مدربين أمريكيين في إحدى القواعد السرية، طبقاً لما صرح به مسؤولون أردنيون مطلعون.
لربما لم يسترع نظر الساعين إلى تلميع النظام الأردني، وإيهام القارئين باستدارة (لا يعلم أحدٌ موعدها) سياسية للحكم في الأردن، إلى السلوك الذي أبداه النظام الأردني فيما يتعلق بالمتشددين التكفيريين خلال الأسابيع الماضية. فبينما صار عصام البرقاوي (أحد أبرز منظري السلفية الجهادية) طليقاً من السجون الأردنية، ينتظر «رفيق دربه» أبو قتادة الفلسطيني (المتهم بقضية «تفجيرات الألفية») إطلاق سراحه بعد أن برأه القضاء الأردني من التهمة الموجهة إليه.
تلك الإجراءات التي تزامنت مع الحدث العراقي تؤكد سياسة أمريكا وحلفائها في المنطقة، بما فيها النظام الأردني, والقائمة على استصدار أدوات فاشية جديدة وزجها في الصراعات الدائرة إقليمياً.
«داعش» تهدد أنظمة أمريكية الهوى؟
هنا لا يعود من الممكن فصل العلاقة بين أمريكا و«داعش» من جهة، و«داعش» والأردن من جهة أخرى، في إطار مشروع الحريق الممتد من المتوسط إلى الحدود الروسية. والحديث هنا عن دول مستهدفة بعينها كسورية والعراق وأوكرانيا.. وليس الحديث عن أية دولة تحظى برعاية أمريكية صهيونية خاصة، باعتبارها أحد حوامل المشروع الفاشي الجديد في المنطقة.
لا يتعدى تضخيم تهديد الفاشية للأردن كونه امتداداً لما بدأه الإعلام الغربي، ومكملاته العربية، في العراق إثر سيطرة «داعش» على الموصل في غضون ساعات قليلة, فصورت بزخم كبير قدرة تلك الفزاعة الممولة من مراكز القرار داخل الإدارة الأمريكية، والتي تؤدي وظيفتها في تغطية الصراعات الأساسية في المنطقة، وتظهير «داعش» على أنها اللاعب الأساسي الذي يجب الوقوف في وجهه, باستجداء التدخل الأمريكي لحماية المنطقة من خطر الإرهابيين! إن كان مطلوباً الحرص على الأردن، وعلى بلاد المنطقة جميعها، من خطر الفاشية الجديدة، غير أنه ليس من المفهوم تصوير الأخيرة وكأنها تهديد جدي سيداهم أنظمة تابعة تاريخياً للمشغِّل الأمريكي.