دمشق لجميع سكانها وليست حكراً للمترفين
866 866

دمشق لجميع سكانها وليست حكراً للمترفين

صرح أحد أعضاء المكتب التنفيذي في محافظة دمشق، عبر إحدى الصحف المحلية منتصف الأسبوع الماضي، بأن: «آخر مخطط تنظيمي صدر لمدينة دمشق كان في عام 1969 عندما كان عدد سكانها 300 ألف نسمة، منوهاً بأن هذا المخطط وضع لاستيعاب 500 ألف نسمة بعامل نمو 200 ألف نسمة، في حين أن مدينة دمشق يقطنها نحو 6 ملايين إنسان، ولذلك تحتاج هذه المدينة الهامة تطويراً عمرانياً».

كما لفت إلى أنه: «خلال السنوات الماضية ونتيجة عدم استيعاب المخطط التنظيمي ظهرت 18 منطقة مخالفات وسكن عشوائي على أطراف المدينة».
دمشق مدينة خدمات وأموال!
التصريح أعلاه، بما فيه من اعتراف بحجم المشكلة، وقدمها زمنياً، لم يرافقه أية تعليلات أو أسباب عن عدم إصدار أية مخططات تنظيمية للمدينة «الهامة»، بالرغم من أن نتائجها كانت كارثية عليها وعلى قاطنيها، بظهور 18 منطقة مخالفات، وكأن هذه المناطق ظهرت من العدم بشكل فجائي، وعلى غفلة من المحافظة، وأولي الأمر في الإدارة المحلية والحكومة؟!
عضو المكتب التنفيذي عرّج أيضاً على مناطق القابون والقدم وجوبر، من بوابة بعض المعامل الموجودة فيها ومستقبلها، متسائلاً: «إن كان من المقبول استمرارها في ظل وجود مدينة صناعية في عدرا»؟ متحدثاً باسم أبناء دمشق: «نحن أبناء دمشق لا نريد مدينة دمشق صناعية ولا زراعية لأنها ليست كذلك، فدمشق هي مدينة خدمات ومدينة أموال».
الحديث أعلاه، بدت نتائجه المباشرة في الجملة التي تلت الكلام باسم أبناء دمشق، بأنه «من غير المنطقي أن يكون هناك البارك الشرقي في وسط دمشق، وتربى فيه الأغنام والأبقار والدجاج، وخسارة منطقة شاسعة يمكن أن يقام عليها أفضل الاستثمارات».
نوايا معلنة
بمعنى آخر، إن المحافظة لا تنوي إيقاف المعامل الموجودة في المناطق المذكورة أعلاه فقط، بل هي عازمة أيضاً على وأد المنطقة الخضراء الوحيدة المتبقية في المدينة كمتنفس، عبر وضعها بالاستثمار، بل وكأن النية عازمة أيضاً على اقتصار من يقطن هذه المدينة بشريحة الأثرياء من أصحاب رؤوس الأموال والمترفين، والعجيب في الأمر أن ذلك كله يتم باسم أبناء دمشق!.
فهل يستقيم هذا التصريح مع نتائجه المتوقعة منه، على مستوى تعهيد دمشق للمزيد من الاستثمار والتربح على حساب أبنائها الذين يتحدث باسمهم؟ في ظل كل اللامبالاة طيلة العقود الماضية بحق المدينة وأبنائها على أيدي المحافظة، بدليل ما فرض على غالبيتهم من ظروف العيش في مناطق المخالفات والعشوائيات، وبدليل استمرار استنزاف المساحات الخضراء فيها، بما في ذلك الحدائق والوجائب التي لم تسلم من التعديات عليها باسم الاستثمار والربح والعوائد المالية للمحافظة.
فنحن أبناء دمشق أيضاً، ونقول للمحافظة: إن المدينة ليست للبيع والتعهيد والاستثمار، وكفّوا أيديكم عما تبقى لنا من مناطق خضراء فيها.
فدمشق قبل أن تكون مدينة أموال وخدمات، هي مدينة لجميع سكانها بشرائحهم كافة، ولن تكون حكراً على أصحاب الملاءة من الأثرياء، الذين يتم العمل من أجل ضخ المزيد من الأرباح في جيوبهم على حسابنا كما على حساب مدينتنا..