«التثبيت» تحت رحمة الجهات التنفيذية!
سمير علي سمير علي

«التثبيت» تحت رحمة الجهات التنفيذية!

أقر مجلس الوزراء قانوناً «يجيز» إعادة تعيين «تثبيت» العمال المؤقتين، وذلك بجلسة يوم الثلاثاء 11/10/2016.

بعد طول انتظار، وبعد الكثير من التعبئة الإعلامية المصاحبة والمواكبة، «والعشم» الذي تأمل به العمال المؤقتون بأن يتم إنصافهم بالتثبيت الموعود، وبعد المطالبات المكررة على مدى سنين والمترافقة مع الكثير من المعاناة وهضم الحقوق، تأتي عبارة «يجيز» بالقانون المُقر من قبل الحكومة لتجهز على كل تلك الأمال، وكل ذاك «العشم»، بالإضافة طبعاً للفارق الكبير بين عبارة «إعادة تعيين»، ومفردة «تثبيت».

إعادة تعيين أم تثبيت؟

فعبارة «إعادة تعيين» تقضي على سنين الخدمة السابقة، مع الحقوق المرتبطة بهذه المدة كلها، بينما مفردة «تثبيت» تحافظ على تلك الحقوق وتزيد عليها، وفقاً للنصوص القانوينة والتعلميات التنفيذية، ومن نافل القول أن الحكومة  تعرف الفارق بين هذه وتلك، وهو ما يجب أن يتم توضيحه صراحة والتأكيد عليه، فهؤلاء المنتظرون من العمال من مصلحتهم أن يتم تثبيتهم، لا أن يتم إعادة تعيينهم، وذلك حفاظاً على حقوقهم، ومن أجل الحصول على البقية الباقية من هذه الحقوق عبر القانون المزمع إقراره.

سنوات انتظار قادمة!

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل (حرصاً على انتظام سير العمل وكفاءته وتوطين القوى العاملة وأصحاب الكفاءات وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي) سيتم ذلك على مراحل بشكل تدريجي!، وذلك حسب ما نُشر على موقع رئاسة الحكومة، أي أن مدة استكمال تنفيذ مضمون القانون على العاملين المشمولين بحكمه كافة قد تستغرق عدة سنوات!.

مترادفات تقضي 

على مفهوم تكافؤ الفرص

مفردة «جواز» أو «يجوز»، وغيرها من المترادفات، التي ترد بالتشريعات وبالنصوص القانونية والتعليمات التنفيذية، والتي تمررها الحكومات، أو تعمد على إدراجها، كانت على الدوام السبب المباشر بالإجهاز على مفهوم العدالة وتكافؤ الفرص، والتي من المفترض أن يحرص عليها كل مُشرع اعتماداً على النصوص الدستورية، وهي بالوقت نفسه بوابة عبور واسعة للفساد والمحسوبيات والوساطات، بأيدي الجهات التنفيذية من إدارات ووزارات، وهو ما جرى ويجري، وعليه الكثير من الشواهد والأمثلة، بما في ذلك جزء من الدعاوى المنظورة لدى الجهات القضائية.

كما أن هذه المفردات كانت على مدى سنين مصدراً للخلاف عند الجهات الاستشارية والقضائية والقانونية على المستويات كافة، وذلك لورودها في الكثير من التشريعات الصادرة، والسبب الأساسي لهذه الخلافات هو التفسيرات والتأويلات التي تستقر عليها الاجتهادات من قبل هذه الجهات، وكله بالاعتماد على مثل هذه المفردات بالنصوص القانونية، التي تُقر الحق للبعض وتمنعه عن آخرين عند التنفيذ.

المغلوب على أمره هو الضحية

فإلى متى سيستمر المٌشرع باعتماد مثل هذه المفردات «حمالة الأوجه» بتفسيراتها وتأويلاتها على مستوى الحقوق التي كفلها الدستور وفق مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة؟.

أم أن المواطن المغلوب على أمره سيبقى ضحية دائمة لمثل هذه المفردات، التي تُفسر إيجاباً لمصلحة البعض، وسلباً لمصلحة البعض الآخر؟!، بما يتوافق وينسجم مع السياسات التمييزية كلها التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة منذ عقود، لمصلحة حفنة من المتنفذين والفاسدين وأصحاب رؤوس الأموال والناهبين، وغيرهم وسواهم.