«الباركود»: تكاليف اضافية سترفع الأسعار
تتجه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى تطبيق نظام «الباركود» على المنتجات جميعها في السوق مع بداية العام القادم، مهددة بسحب البضائع المخالفة من الأسواق مباشرة، بمعنى أنها ستفرض هذا النظام على الصناعيين والتجار جميعهم، وبالتالي الباعة جميعهم أيضاً.
تقول وزارة التجارة الداخلية، إنها بهذا التوجه، ستقوم بتعرية البضائع المهربة في الأسواق، إضافة إلى أنها ترى في ذلك النظام بمثابة هوية للمنتج يحمل بياناته كافة من حيث المصدر وتاريخ الإنتاج وتاريخ الاستيراد، والسعر والتفاصيل الأخرى كلها، لكن ماهي أهمية ذلك بالنسبة للمستهلك؟
تاريخياً: لا فائدة تذكر
يرى نضال مقصود مدير الأسعار بوزارة التجارة الداخلية، إن «تطبيق نظام الباركود على مستوى السوق المحلية سيحمي الصناعة الوطنية من التقليد بالدرجة الأولى، ويعيق طرح ماركات مزورة، أو بضائع مهربة»، رغم عجز الجهاز الحكومي بأدواته وأساليبه المتبعة كلها سابقاً عن ضبط ما ذكر كله خلال سنوات طويلة، علماً أن نظام «الباركود» مستخدم في سورية منذ عام 1998، وهناك الكثير من الصناعيين والمتاجر الكبيرة يستخدمونه، دون أي تأثير ايجابي بالنسبة للمستخدم.
يبدو أن وزارة التجارة تريد عبر هذا الاجراء تسهيل عمل دورياتها التي تعترف بأن قوامها غير كافي لضبط فلتان الأسواق، حيث أكد مقصود على أن « تطبيق الباركود يسهل التعرف على بيانات السلعة ومعرفة صلاحيتها ومكوناتها واسم المستورد أو المصنع والتفاصيل التي تكشف المخالفات كلها».
الباركود يزيد من التكاليف
ويؤكد مقصود في حديث إذاعي، أن تطبيق نظام «الباركود» سيضيف «بعض النفقات على الصناعيين» أو بمعنى آخر سيزيد من سعر السلعة عكس ماهو مطلوب شعبياً لضبط فلتان الأسعار، وبهذا تكون الوزارة زادت من الأسعار على المستهلكين بغرض تسهيل عمل إداري بينها وبين الأطراف الصناعية والتجارية، عبر أسلوب اعتبره البعض «شكلي».
التكاليف المترتبة على تطبيق نظام «الباركود» الإلزامي، هي سعر الأرقام التي يتم شراؤها من وكيل منظمة «الباركود» الدولية في سورية، إضافة إلى توجه أصحاب المتاجر الكبيرة والصغيرة «مجبرين» إلى شراء حواسب وأجهزة كشف وقراءة «الباركود».
طرف واحد يتحكم بالأسعار
رئيس غرفة صناعة دمشق سامر الدبس، يقول في حديث إذاعي، إن وزارة التجارة تريد إلزام الصناعيين جميعهم بنظام «الباركود»، رغم وجود شكاوى كثيرة من سعر «الباركود» الذي يتحكم به طرف واحد في سورية وهو وكيل المنظمة الدولية، فشكاوى الصناعيين أشارت إلى أن الوكيل يتحكم بالأسعار دون أية منافسة.
الصناعيون يعتبرون «المنظمة الدولية للباركود» شركة خاصة على حد تعبير الدبس، الذي طالب بوجود بديل محلي ينهي احتكار هذا الطرف وتحكمه بالأسعار، «فالصناعيون يرفضون فرض الأسعار فرضاً من قبل وكيل المنظمة».
شكاوى الصناعيين، تؤكد أنهم غير مستعدين لدفع تكاليف إضافية، وهنا يؤكد الدبس أن غرف الصناعة تفاوض المنظمة حول خفض أسعار الباركود وعدم التحكم بها ورفعها لاحقاً».
«الباركود»
لن يفيد المستهلكين نهائياً
ويؤكد الدبس أن تطبيق نظام «الباركود» لن يفيد المستهلكين، والفائدة ستكون فقط في مجال ضبط هوية المنتجات، ما اعتبره مستهلكون وتجار أمراً ثانوياً جاء بوقت غير مناسب، فالأولوية حالياً لضبط فلتان الأسعار، وتقديم منتجات ذات جودة.
وأيضاً، غرفة تجارة دمشق، وجدت بتطبيق نظام الباركود بشكل ملزم على الجميع، ليس في وقته، ولن يساهم بخدمة المستهلكين نهائياً، حيث قال عضو مجلس ادارة غرفة تجارة دمشق منار الجلاد إن «الوقت غير مناسب لتطبيق الباركود، فهذا النظام بحاجة إلى معدات لقراءة الباركود وفكه، ويحتاج ذلك لقطع أجنبي كون هذه الأجهزة تأتي عبر الاستيراد».
وطالب الوزارة بعدم فرض هذا النظام على الجميع وتحميلهم مصاريف إضافية، كون «هذا النظام بحاجة لجهاز في المحلات جميعها كبرت أم صغرت مع جهاز كمبيوتر وبرامج، ماقد يخلق أعباء جديدة وخاصة على المحلات الصغيرة غير المستعدة على دفع هذه التكاليف»، بحسب الجلاد.
ويشير الجلاد إلى عدم وجود بنى تحتية مناسبة لتطبيق النظام الذي يحتاج إلى تيار كهربائي متواصل، وكادر يتعامل مع برامج الحاسب، وشبكات ربط لا تنقطع، مؤكداً أن هذا النظام لن يخدم المستهلكين من ناحية خفض الأسعار، بل قد يزيد من التكاليف.
ويشار إلى أن نظام «الباركود» هو نظام ترميز خطي، تابع لمنظمة دولية لها فروع بدول العالم كلها ومنها سورية منذ عام 1998 حيث يبدأ الترميز السوري بالأرقام 621، ويفيد الترميز الخطي أو «الباركود» بمنح هوية للصناعة السورية.
صناعيون وتجار: هكذا تخفّض الأسعار
وطرح الجلاد عدة طرق لخفض الأسعار، ومنها خفض الرسوم الجمركية وخاصة على المواد الغذائية والمواد الأولية والأعلاف، مطالباً بأن تكون الرسوم على الأقل مساوية لرسوم دول الجوار.
وتحدث الجلاد عن «مساوئ» تقنين الاستيراد الذي تتبعه وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، الذي «زاد من التهريب ورفع من الأسعار «على حد تعبيره، حيث تقوم الوزارة « بخفض الكميات المطلوب استيرادها عبر إجازات الاستيراد أو تأجيلها، ولو كانت تلك المواد غذائية أو مواد أولية للصناعة» على حد تعبيره.
وكشف أنه منذ حوالي الشهر «تراجعت وزارة الاقتصاد عن سياسة تقنين المستوردات غير المجدية، كون حاجة السوق كانت تدخل إلى البلاد عبر التهريب، فالسوق له حاجة يجب أن يتم تلبيتها، وخاصة المواد الأولية والأقمشة والخيوط والمواد الغذائية».
وأكد أن الوزارة باتت تمنح إجازات الاستيراد بالكميات المطلوبة «وفقاً لحاجة السوق»، وقد يلمس المستهلكون فارقاً بالأسعار من جهة الإنخفاض خلال الأشهر القادمة، وفقاً لحديثه.
تفعيل مؤسسات التدخل الإيجابي وإلغاء الحلقات الوسيطة
ومن وجهة نظر رئيس غرفة صناعة دمشق سامر الدبس، فإن قضية فلتان الأسعار لها مشاكل من نواحي أخرى، و»الباركود» ليس له أية علاقة بها، مشيراً إلى ضرورة تفعيل دور مؤسسات التدخل الإيجابي من قبل وزارة التجارة الداخلية لتحقيق هذا الهدف.
إلغاء دور الحلقات الوسيطة أمر مهم بالنسبة للدبس في سبيل خفض الأسعار لنسبة تصل إلى حوالي 40 %، طارحاً مثالاً عن معرض التسوق الذي تقيمه الغرفة في مدينة الجلاء بدمشق والتخفيضات التي طبقت نتيجة إلغاء دور الحلقات الوسيطة، وقال «الحلقات الوسيطة هي المسؤولة عن رفع الأسعار، فهي ترفع الأسعار 40%».
وأضاف «الصناعي قادر على التكيف ضمن هامش ربح بين 7 و10%، إلا أن منفذ البيع يزيد هامش الربح إلى 30%، وتاجر نصف الجملة يريد تحقيق الربح بهوامش معينة، وكذلك تجار الجملة، فتجار سوق الهال على سبيل المثال لن يقبلوا بربح قليل نهائياً».
وكشف الدبس عن خطوة قادمة في سبيل خفض الأسعار، عبر اتفاق تم بين غرفة صناعة دمشق ووزارة التجارة الداخلية، سيتم تطبيقه مع بداية العام القادم، لاستثمار صالات «سندس» وعرض منتجات الصناعيين النسيجية دون وساطة وبالأسعار والأرباح التي تحددها الوزارة، مشيراً إلى أن «أجرة صالات العرض المرتفعة تزيد من التكاليف على المواطن».
وتتجه وزارة التجارة الداخلية رغم تلك الانتقادات، نحو تطبيق نظام «الباركود» الإ جباري خلال أشهر فقط من طرح الفكرة، بينما لم تستطع الوفاء بوعودها المتكررة مراراً بخفض الأسعار، ومنها الوعود السابقة بخفض أسعار المنتجات النسيجية والألبسة التي مرت عليها سنوات دون تنفيذ.
المستهلك الغائب
أخيراً وبعيداً عن ملابسات وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، بين مؤيد ومعارض على مستوى تطبيق هذا النظام، فإن الغائب الوحيد من المعادلة كان وما زال هو المواطن المستهلك، الذي وإن تحدث البعض باسمه، إلا أن مصلحته الحقيقية غائبة عن دائرة النقاش، فلا الوزارة التي من المفترض أن تعنى بمصلحته كانت حريصة على ذلك، ولا الصناعيون الباحثون عن مخرج من فرض هذا النظام ولو بذريعة مصلحة المستهلك، ولا التجار القادرون على الالتفاف على القوانين الملزمة، والقادرون على تحصيل أرباحهم، تعنيهم مصلحة هذا المواطن، ناهيك عمن له المصلحة بتلك العملية كلها وهي تلك الشركة التي تم الحديث عنها، بأنها محتكرة وحيدة لهذا النظام، وبالتالي من مصلحتها تطبيقه والإلزام به، لما يحققه ذلك من عائدات كبيرة لمصلحتها.
والحال كذلك، فإن الأولى على مستوى إمكانات الوزارة في فرض ما تريده على هذا أو ذاك من القطاعات الاقتصادية، الصناعية أو التجارية، أن تكون قادرة على فرض أسعارها ومواصفاتها المعتمدة، وتطبيق قوانينها، قبل أن تقوم بخطوات ستكون عبئاً إضافياً على المستهلك بنهاية المطاف.