أحمد فاروق مرضعة أحمد فاروق مرضعة

الدعم في حلب.. دون شيكات!!

من المعروف أن عملية توزيع الدعم النقدي لمادة المازوت قد بدأت في 15/12/2009 بواقع عشرة آلاف ليرة سورية لكل عائلة، ضمن شيكين يصرف الأول بدءاً من 15/12/2009، والثاني بدءاً من 15/02/2010، وفق شروط لاقت وماتزال استياءً كبيراً من المواطنين.

وقد دفعت بداية عملية توزيع الدعم النقدي لمادة المازوت بالمواطنين إلى النوم أمام كوات المراكز للفوز بسباق الدور المبكر، وهذا إن خفت حدته قليلاً في الأيام الأخيرة، إلا أنه ما يزال منظراً يومياً ناشزاً، ففي أحد المراكز التي قمنا بتغطيتها مؤخراً في محافظة حلب، تجمع ما يقارب من (400) شخص أمام النافذة الوحيدة اليتيمة (فهل نافذة واحدة تسمى مركزاً؟).. وبعيداً عن التنظيم المطلوب، عم الصراخ وحدثت المشادات الكلامية والمدافعة (المطاحشة) بين المواطنين المزرقّين من البرد، ناهيك عن التحرش بالنساء، وعدم احترام كبار السن والعاجزين، وطغى على المشهد والمسمع الكلام النابي الذي رافق عصي الشرطة التي لا ترحم أحداً..
والجدير بالذكر بأن أحد أعضاء اللجان المختارة بـ(عناية قصوى)، ظل يعامل المواطنين بطريقة مهينة جداً، حيث حصلت مشادة كلامية بين شخصين على الدور، فتدخل عضو اللجنة بكلماته المحترمة: «ما بيكفي إنكم عم تشحدوا وعم تتخانقوا كمان»؟! . فهل وصل إذلال المواطن لهذه الدرجة!؟، وأي حق يعطيه الموظف لنفسه ليتفوه بكلام يسيئ لكرامات الناس؟ أهذا الدعم مقدم من الدولة أم من جيب والد  الموظف!؟ وهل أصبح الجزء المقدم من  الحقوق  المشروعة (شحادة)؟
أما عن اللجان فأصبح لكلٍ منها قانون جديد، نذكر منها المطالبة من أحد المواطنين بإحضار سند إقامة وذلك تعجيزاً (لدفع رشوة ربما)، ولو فرضنا مكان إقامته بمحافظة حمص وسجلاته بمحافظة أخرى، ألا يحق له استلام الدعم من مكان إقامته أم عليه استلامه من بلد مولده؟؟
وقد تجولنا بين الحشود المزدحمة، وحاولنا وضع نقطة الضوء على جميع المشاكل ولكنها طالت الأقلام والعبارات والذهول سيطر على الموقف، حتى التعهد الخطي الذي يوزع مجاناً يتم دفع مبلغ (50) ليرة للحصول عليه..
وذكر أحد المواطنين والحرقة تخترق صدره، أنه ظل ينتظر دوره طوال أربع ساعات وعندما وصل دوره أعيدت عملية تسجيل الأسماء من جديد من أحد أعضاء اللجنة الموقرة، فخسر دوره وانتهى الدوام، وترتب عليه العودة في اليوم التالي للانتظار من جديد، علماً أنه يعمل في القطاع الخاص وكل يوم عطلة فيه خصم الإجرة ليومين، وعلى هذه الحالة قد يخسر مرتب أسبوع بسبب مزاجية موظف يعامل المواطن وكأنه نزيل أحد السجون.
دون أن ننسى أمر فتح النافذة في ساعة متأخرة وأحياناً إغلاقها مبكراً، والنفسيات المريضة للموظفين وأعضاء اللجان، والمعاملة الفوقية التي لا تبالي بشعور المواطن. أما عمليات الرشاوى فهي متعددة، وتتم بطرق مختلفة وجديدة تحت شعار( كل عقدة إلها ألف حلال)، نذكر منها الأوراق الثبوتية التي يتوجب تقديمها للحصول على الدعم، فهنا يبدأ دور السماسرة بتسهيل عمليات النصب والاحتيال بتقديم الشيكات دون الحصول على دفاتر العائلة مقابل مبلغ يتراوح بين (1000-1500) ليرة لكل شخص، وبالتنسيق مع أحد أعضاء اللجان المختصة. وهناك أيضاً شراء السمسار للشيكات بمبلغ ثمانية آلاف ليرة وتوقيع المستفيد على الشيك متنازلاَ  للشاري، على أن يرافقه في الشهر الرابع لقبض المبلغ لمصلحة السمسار..
فهل بهذه الطريقة يصل الدعم لمستحقيه؟؟
واليوم، وبعد مرور عدة أسابيع على بدء التوزيع، فوجئ المواطنون بنفاد الشيكات من اللجان.. فما معنى ذلك؟ هل كانت الشيكات غير كافية، أم ذهب بعضها لغير المستحقين، أم أن اللجان لم تتوقع كل هذا الإقبال رغم دراسة استمرت عاماً  كاملاً؟
فإن كانت عملية توزيع دعم للمواطنين تدرس لمدة عام وتفشل، فكيف لنا أن نثق بالقائمين على الوضع الاقتصادي بمسائل أكبر وأخطر؟!!
حقاً إنها حالة مخجلة لفريق اقتصادي أنهك البلد وأذل المواطن بتجاربه الفاشلة، وقد اتضح أن الخلل والتخبط سمة الحكومة.. إذ كانت التقديرات الأولية حسب تصريحات الحكومة أن 1.5 مليون أسرة ستحصل على الدعم، لكنها ارتفعت بعد ذلك لتصبح 3 ملايين أسرة حسب تصريحات وزارة الإدارة المحلية !!الآن حصلت المفاجأة بـ 4.5  مليون أسرة .. حسب تصريحات رئيس مجلس الوزراء ..!!فما هي المكاسب التي حققها الفريق الاقتصادي من هذه الطريقة التي أنهكت الحكومة والشعب وبددت الكثير من الأموال، وحرمت شريحة كبيرة جداً من المجتمع من هذا الدعم!؟
فإلى متى سنبقى نتأرجح في مكاننا، دون تقدم، ألا يستحق بلدنا النهوض اقتصادياً وفكرياً وثقافياً.. أما آن الأوان؟