من الذاكرة: الشباب سيكملون الطريق

صباح يوم الأربعاء 22 آذار 2006 ودعنا الراحل الكبير الرفيق الأديب عبد المعين الملوحي (الشيوعي المزمن)، وأمام نعشه أمام جامع الشيخ رسلان قرب باب توما – قبيل انطلاق موكب التشييع إلى مدينة حمص

- وقفت لألقي كلمة الوداع باسم الشيوعيين السوريين، بدأتها بالقول: (ماذا تراني أقول في وداعك أيها الرفيق والمعلم والأب، وأنت تغادر دمشق التي أحببتها للمرة الأخيرة إلى حمص والعاصي والصفصاف الذي ستنام في ظله المشتهى، بعد غياب بدأ قسرياً ثم تحول إلى واقع فرضته ظروف الكفاح والعيش.. أقول والكل يعرف.. أنك قد جهرت دون تردد أو خشية بانحيازك الواعي إلى صفوف الفقراء الكادحين، وأنك جابهت وبكل عنفوان الثوار الأحرار جبروت القهر والاستغلال والاستعمار، فكنت صيحة المظلومين المحرومين المستضعفين، في وجه أعداء النور والحرية، أعداء البشرية جمعاء، فحق لك أن تكون ملء عقولنا وقلوبنا حباً وعطاءً وتضحيةً).

وختمت الكلمة بـ (وحسبي في وداعك أن أردد قولك الرائع:

 وإن ثار في الأرض العبيد وجدتني             

نصيراً لزحف الثائرين مواليا

وإن أرهق الشعب الطغاةُ رأيتني

على كل طاغ فيه أنقض بازيا

وهبت عيوني للشعوب بصيرةً                 

ويعمي عيون الغاصبين رماديا

أمانيّ للدنيا والناس كلهم

إذا ما.. تمنى المترفون الأمانيا

غداً يطلع الإنسان في الأرض كوكباً        تباهي به الأرض النجوم الدراريا ).

(أن حبك للنضال سيحفز أجيال الشباب، وهم سيكملون مشوارك من أجل كرامة الوطن والمواطن).

وبالمناسبة - كما يقال – الشيء بالشيء يذكر.. أذكر أني قرأت قبل أكثر من أربعين عاماً وصية قديمة جداً من أب لولده هي:

(كثرت التجاعيد في وجهي، وأصابني الكبرُ.. وأصبحت كثير النسيان، وعظامي ما تنفك تؤلمني في قيامي وقعودي.. أما أنت يا بني فإني أرى فيك عكازي، خذ بيدي وخذ مكاني أيضاً وأعطني أذنك لأحكي لك الذكريات.. فالجاهل الحقيقي من يجهل نعمة الاستماع.. هؤلاء يموتون وهم أحياء.. وأنا يا بني أريد لك المعرفة، فالمعرفة سر الحياة.. اجعل العقل مرشدك وإن أردت أن تعرف الصديق، لا تسأله عن اسمه.. اقترب منه وامتحن قلبه.. ابتني لنفسك بيتاً صغيراً وابحث عن إمرأة تحبها املأ قلبها بالفرح.. تكون لك حديقة ورد).

 هذه الوصية القصيدة من أيام الفراعنة وصاحبها اسمه بتاح حوتب!