كيف أصبحت شيوعياً؟
الرفيق المحترم أبو غيفارا نحييك، ونسألك أن تحدثنا كيف أصبحت شيوعياً:
أنا من مواليد عاموده 1944 محافظة الحسكة، ومن عائلة شيوعية كادحة ارتبطت بالحزب منذ نشوء منظماته هناك
ويعود الفضل إلى أخي الرفيق الراحل جمعة قجو، الذي كان يجسد بسلوكه العملي ومواقفه المبدئية قيم ومثل الأخلاق الشيوعية، كما كان لدراستي الجامعية في الفلسفة الماركسية تأثير عميق في بلورة أفكاري عن الظلم الاجتماعي والصراع الطبقي، ولا أنكر دور رفيقة حياتي (أم غيفارا) التي كانت ولا تزال مع وحدة الحزب، وأتذكر أنها قالت بأسى عندما اعتصم بعض الرفاق في مكتب الحزب المركزي: إذا تعرض الحزب للانشقاق في هذه المرة أيضاً فسأترك التنظيم، وسأبقى شيوعية، فأجبتها لكن لن ندير ظهرنا لحزبنا.
وبعد تأدية خدمة العلم في منتصف السبعينيات، انتسبت إلى منظمة الحزب في عامودة في فرقة حزبية تضم الرفيقين، المدرس محمد حلال، والمعلم هادي على ما أذكر وكان الرفيق حميد سيد صالح يشرف على المنظمة حينها ودون أن أصرح علناً بأنني منظم بل صديق ومؤيد وذلك بناءً على طلبه.
وقد كان بيتنا أشبه بمكتب للمنظمة وخاصة أثناء الدعاية والتحريض الانتخابي لمرشحي الحزب لمجلس الشعب والإدارة المحلية. وأول مهمة كلفتني بها المنظمة بإلقاء محاضرة على الرفاق عن الديالكتيك الماركسي وأخرى عن الرسالة التاريخية للبروليتاريا.
ورغم عمري الحزبي القصير آنذاك، فقد كلفتني المنظمة بعدة مهام نقابية وجبهوية، فقد مثلت الحزب في تأسيس الجمعية التعاونية السكنية كأمين للسر، وفي مجلس إدارة الجمعية التعاونية للنقل والمواصلات كأمين للصندوق، كما كنت ممثلاً عن الحزب في الوحدات النقابية لنقابة المعلمين لعدة دورات متتالية.
وأخيراً انتخبت ممثلاً عن الحزب في المكتب التنفيذي لمجلس مدينة عامودة، وفي عام 1982 أوفدني الحزب إلى المدرسة الحزبية في جمهورية ألمانيا الديمقراطية وكنت آنذاك عضو الفرقة الوحيد في قوام الوفد، واندهش الرفيق عبد الوهاب رشواني عندما قلت: «عضو فرقة»، وأثناء تعرض الرفاق في الحزب الشيوعي العراقي للملاحقة في عام 1988، ولجوء معظم قياداته وكادراته إلى سورية، احتضنت منظمة عامودة عدداً لا بأس به منهم، وقمت مع رفاقي بتقديم العون المادي والمعنوي لهم، هذا الحزب الذي كنا ولا نزال نأمل فيه أن يحتل المكانة التاريخية المرموقة، والتي تتلاءم مع نضاله وتاريخه المجيد.
وكلفت كمدرس بإقامة دورات تعليمية مجانية لأبناء الرفاق والأصدقاء والفقراء، وإصدار ملخصات تعليمية رُصد معظم ريعها للمنظمة، وبحجة نشاطي الحزبي والانحياز للطلبة الشيوعيين جرى نقلي من ثانوية لأخرى، كما جرى نقلي من أمانة المكتبة إلى أمانة المخبر بناء على قرار سياسي وتحت يافطة (مقتضيات المصلحة العامة).
ومن الرفاق الذين أتذكرهم ولهم بصمات واضحة على المنظمة وهم الآن في ذمة الخلود، محمود جانكير، جمعة قجو، عبد الرزاق كاكلو، صالح ميرزو، حميد سيد صالح، رشيد كرد، وأخيراً ملا سراج. وآخرون لا نزال نعمل معاً في إطار اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين.
أعتز بأنني ابن هذه المنظمة العريقة التي أنجبت هذه الكوكبة من الرفاق، الذين ساهموا في تشكيل فرق من المقاومة الشعبية لحماية حدودنا الشمالية حينما تعرضت سورية لمؤامرات الدول الاستعمارية، كما أعتز بأنني ابن هذه المدينة التي احتضنتهم، والتي كانت تدعى حينها (موسكو ثانية)، وضحّت بأكثر من مائتي شخص وهم في ريعان شبابهم في حريق سينما عامودة التي تصادف هذه الأيام الذكرى الخمسين لها.
أتوجه بالتحية إلى أرواح هؤلاء الشهداء وإلى شهداء الحزب والوطن، كما أتوجه بالشكر لصحيفة قاسيون على هذه الاستضافة، ومن على منبرها أتوجه إلى جميع الرفاق داخل الفصائل وخارجها وخاصة الشباب والنساء أن يلتفوا حول اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين ومبادراتها، وأتمنى أن يكون الاجتماع الوطني التاسع الذي نراهن عليه كثيراً انعطافة ومحطة هامة من أجل استعادة الشيوعيين السوريين لدورهم الوظيفي – التاريخي، وإعادة بناء ذلك الحزب القوي الموحد والعودة إلى الجماهير وتحسس نبضها والدفاع عن حقوقها.