على أعتاب الامتحانات.. طلاب سورية الجامعيون يعانون «كل شيء»
وسط ظلام المنزل الدامس بأحد أحياء ركن الدين العشوائية بدمشق، ارتدى عمر وهو طالب جامعي في السنة الثانية من كلية الحقوق، قبعة تشبه ما يستخدمه «عمال المناجم» بحسب وصفه، لها ضوء في مقدمتها يستطيع التحكم به وتوجيهه إلى الكتب والمحاضرات التي يذاكرها «بمعاناة» مع اقتراب فترة الامتحانات
وصف عمر حالته «بالمأساوية»، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي بمواعيد غير منتظمة ولساعات طويلة، عدا عن الأعطال شبه اليومية، والتي تؤدي بعض الأحيان «لانقطاع التيار لأيام دون اكتراث عناصر الطوارئ أو تلبيتها للاتصالات والشكاوى مهما انهالت عليهم» حسب تعبيره.
الكهرباء أولى العوائق
وقال الطالب الجامعي في شكواه إن «أهم العوامل التي تعيق تركيز الطلاب في دراستهم خلال هذه الفترة هي التقنين العشوائي والأعطال المتكررة في شبكة الكهرباء، في حين لا تحل محلها وسائل الإنارة الأخرى من شموع وغيرها من أمور بشكل مثالي، فقد تؤدي هذه الوسائل إلى فقدان التركيز وآلام في العيون وصداع في الرأس خلال ساعات الدراسة الطويلة».
وتعاني دمشق خاصة، وسورية بشكل عام من انقطاعات متكررة وغير منتظمة وطويلة للتيار الكهربائي، وصلت في بعض المناطق مثل «ضاحية قدسيا وصحنايا وركن الدين» إلى 6 ساعات متتالية بعض الأحيان ، عدا عن الأعطال المتكررة نتيجة «ضعف» الشبكة الكهربائية وكثرة الضغط عليها في فصل الشتاء وسط شح مادتي المازوت والغاز اللتان تُستخدمان للتدفئة أيضاً.
طلاب «نازحون»
مشكلة «عمر» لم تكن مشكلة الطلاب الجامعيين الوحيدة في هذه الأزمة، فقد اشتكى آخرون ومنهم «نغم» طالبة الماجستير في كلية الإعلام بأنه «مع مرور العام الثالث على الأزمة السورية، حاولنا كطلاب التأقلم مع الظروف الصعبة، إلا أنه وفي كل يوم تخلق مشاكل جديدة».
وتابعت «عدا عن قضية الكهرباء والتقنين العشوائي، فقد نزح بعض الطلاب الجامعيين وغيرهم من منازلهم مؤخراً نظراً للظروف الأمنية الجديدة التي طرأت على مناطق كانت آمنة منذ أشهر، ما أدى إلى فقدانهم التركيز والقدرة على الدراسة في أجواء غير مناسبة، وخاصة بظل وجود أكثر من عائلة في بعض المنازل التي قطنوها، أو انعدام عوامل التركيز في مراكز الإيواء».
أزمة السير سبب آخر
شكاوى «عمر» و«نغم»، أُضيفت إليها عوامل أخرى فاقمت على الطلاب الجامعيين مشاكلهم، فبحسب الطالب الجامعي في كلية الاقتصاد «بشر» فإن «الطلاب السوريين يعانون كل شيء وبشكل يومي، فحتى الوصول إلى الجامعة أصبح بحد ذاته معاناة، وقد لا يستطيع العديد من الطلاب الوصول إلى محاضراتهم أو قاعاتهم الامتحانية في الوقت المناسب نتيجة الازدحام المروري الخانق في شوارع العاصمة وخاصة للقادمين من أطراف المدينة».
ولم تنته مشاكل الطلاب عند هذا الحد، فقد شكل حصولهم على المقررات والمحاضرات الجامعية من المكتبات الموجودة داخل كلياتهم عائقاً آخر، نتيجة ارتفاع أسعارها بشكل «لا يصدق»، ما لا يتناسب وقدرتهم المادية كونهم «مستهلكين وغير منتجين».
احتكار ورفع أسعار
وقال طالب الأدب الانكليزي مهند، إن «مستثمر واحد في كلية الآداب بدمشق احتكر جميع المكتبات الطلابية، ونتيجة عدم وجود غيره في الكلية، قام برفع أسعار المحاضرات المصورة لأضعاف، بالإضافة إلى رفع سعر التسجيل لديه في الفصل الواحد حيث بلغ 7 آلاف ليرة للفصل الدراسي الواحد».
وأضاف «لا يمكن لطلاب الأدب الانكليزي شراء المحاضرات وما يطلبه اساتذة القسم إلا من مكتبة هذا المستثمر كونه لا يوجد غيره، فليست لدينا خيارات أخرى، وعلى الرغم من عمل هذه المكتبة واستغلالها للطلاب ضمن الحرم الجامعي، إلا أنها لا تخضع للرقابة أو الضبط لأسعارها».
مكتبات ومخالفات
وعلى هذا، قال نائب رئيس جامعة دمشق أمجد زينو، في تصريحات صحفية إنه «تم رصد شكوى بخصوص مخالفات لمكتبات الكليات في جامعة دمشق، وعلى أساسها تم ضبط أحد الأكشاك التي تقوم بتصوير وبيع النوط، وقمنا بتوجيه إنذار الى المستثمر» مؤكداً أنه «في حال تكرار هذه المخالفة سيتم إلغاء عقد المستثمر».
وبالنسبة للمقررات الجامعية المطبوعة والمباعة في هذه المكتبات، قال زينو إن «بعض الكتب في الكليات غير متوفر وعلى هذا الأساس نقوم عن طريق الجامعة بتأمين الكتاب وتصويره في تلك المكتبات».
وأضاف إنه «لا يوجد اسم مستثمر معين يتكرر لأن ذلك يعتمد على العرض والطلب للمناقصات التي تتجدد كل فترة، حيث أن كل مكتبة لها سعر استثمار بحسب مساحتها. وتقدر قيمة العقود الاستثمارية لهذه المكاتب سنوياً، ما بين أربعين إلى خمسين مليون ليرة» بحسب زينو، الذي أكد أنه «لابد لجميع المستثمرين أن يلتزموا بالتعليمات التي وضعتها الجامعة بخصوص التعامل مع الطلاب».
عدم توفر السكن الجامعي، غلاء القرطاسية، الاشتباكات وسقوط الشهداء يومياً من الأسر السورية، وصعوبة التنقل بين جامعات المحافظات، زادت هموم الطلاب هموماً أخرى، حيث قال محمد وهو طالب جامعي في جامعة تشرين بمحافظة اللاذقية علماً أنه من سكان مدينة دمشق إن «السفر إلى الكلية أصبح صعباً جداً نتيجة انقطاع الطرقات تبعاً للأوضاع الأمنية الساخنة على المناطق المحاذية لطرقات السفر، فقد قطع طريق حمص- دمشق عدة مرات ما أجبرني على التزام المنزل او المدينة الجامعية- حسب تواجدي- ولمدة أشهر».
وتابع «خسرت الحضور في عدة محاضرات عملية ونظرية نتيجة اعتكافي المنزل بعد انقطاع طريق حمص- دمشق المرة الأولى، وأنا حالياً معتكف المدينة الجامعية في اللاذقية بعد انقطاعي للمرة الثانية».
طلاب محرومون من السكن
وعن مشكلة الحصول على سكن جامعي، قال أحد طلاب جامعة دمشق مفضلاُ عدم ذكر اسمه، إن «جامعة دمشق لم تمنح هذا العام السكن الجامعي للكثير من طلاب الكليات الأدبية بحجة أنها ليست بحاجة لحضور يومي فيها، متجاهلة المسافات التي قطعناها للوصول إلى دمشق، وغلاء أجارات المنازل في العاصمة، والغرف في السكن المشترك».
وبدوره، نفى مدير السكن الجامعي بدمشق ابراهيم جمعة كل ما ذكر، وقال بحسب تصريحاته لإحدى الإذاعات السورية إن «السكن الجامعي متوافر وبشكل يلبي جميع طلاب الجامعات سواء الفروع النظرية أو العملية، وأن إدارة السكن الجامعي بصدد اتخاذ العديد من الإجراءات لتأمين حاجة جميع الطلاب»، مشدداً على أن «الإدارة لم تحرم أي طالب من الحق في الحصول على سكن في المدينة الجامعية».
وأكد جمعة بأن إدارة المدينة الجامعية بصدد استلام وحدتين جديدتين في سكن الطبالة وستكون داخل حيز الخدمة قبل بدء الامتحانات الفصلية للفصل الأول، وبرر تأخير تثبيت الطلاب في السكن الجامعية والتأخير في إيجاد سكن لطلاب الفروع الأدبية بأنه «ناجم عن الضغط الكبير على المدينة الجامعية، وعدم وجود شواغر».
وقال مدير السكن الجامعي: «إن السكن الجامعي في السنين السابقة كانت قدرة استيعابه 14 ألف طالب، بينما هذه السنة عدد المتقدمين على السكن 25 ألف طالب».