الاتصالات ترفع أجرة المكالمات الدولية وتدرس رفع المحلية... مواطنون يشبهون تصرفها بـ«تجار الأزمة» ويتخوفون من سلسلة رفع لأسعار «الخدمات»
ضاق المواطن السوري ذرعاً، من تلاعب التجار بالأسعار ورفعهم لها بشكل غير منطقي، وكانت الحكومة والجهات الرسمية ملاذه الوحيد لشكوى حاله، إلا أن الأمل بالحل بدأ بالتضاؤل والتلاشي شيئاً فشيئاً على حد تعبير البعض، والملاذ الآمن بالنسبة إليهم بدا بمظهر التاجر، .
خاصة بعد أن أعلن أحد المعنيين في شركة الاتصالات السورية عن وجود دراسة حول رفع الاتصالات المحلية عبر الهواتف الثابتة، ويأتي ذلك بعد فترة من رفع الشركة لتعرفة الاتصالات الأرضية من سورية إلى مختلف الدول
أثار تصريح مدير الإدارة التجارية في الشركة السورية للاتصالات «فؤاد يوسف» ،لإحدى الإذاعات المحلية، بأن «هناك دراسة لرفع تعرفة الاتصالات المحلية عبر الهاتف الثابت»، استياء الكثيرين، مما وجدوا فيه زيادة للخناق الاقتصادي عليهم.
وعلى هذا، قال موسى، طالب جامعي، لصحيفة قاسيون إن «دراسة رفع أجرة الاتصالات المحلية تجعل الحكومة في صف التجار الذين نهبوا جيوب المواطن السوري عن بكرة أبيها، لتأتي بعد ذلك شركة الاتصالات وتزيد من سعر خدماتها في وقت حرج».
دور التاجر بحلة رسمية
ومن جهتها قالت رباب (موظفة) إن «الحكومة التي كانت تشبعنا بتصريحاتها حول محاولاتها الحثيثة لخفض الأسعار وكبح استغلال تجار الأزمات، بدت وكأنها تتصرف مثلهم، فكيف سنصدق أنها ستقوم بخفض سعر الدولار وهي ذاتها تقوم برفع أسعارها على أساس ارتفاع سعر الصرف؟».
«رفع الاتصالات الدولية عبر الهاتف الثابت، ودراسة رفع أجرة الاتصال داخلياً، تنذر بوجود سياسة جديدة من مؤسسات الدولة لرفع أسعارها على المواطن بشكل رسمي، بحجة التجار ذاتها بارتفاع سعر الدولار» بحسب البعض، الذين عبّروا عن مخاوفهم من «أن تحذو باقي الجهات الرسمية حذو شركة الاتصالات وأن تكون هذه الخطوة كمحفز لهم برفع أسعار خدماتهم لاحقاً».
مخاوف من رفع أسعار الخدمات
شركة الاتصالات السورية، لم تؤكد بشكل قاطع رفع تسعيراتها على المكالمات المحلية، لكن تصريح مدير الإدارة التجارية في الشركة السورية للاتصالات «فؤاد يوسف» رجّح رفع أجرة الاتصالات قريباً لوجود عدة اعتبارات طارئة، بقوله إنه «من الممكن أن يكون هناك رفع لتعرفة الاتصالات المحلية حسب نتائج الدراسة القائمة، التي تأخذ بعين الاعتبار تكاليف التشغيل والصيانة وأجور العمال، بالإضافة إلى مواد التشغيل وقطع الغيار المرتبطة بالقطع الأجنبي، وارتفاع سعر المحروقات المستخدمة لتشغيل مولدات الكهرباء».
وتبريرات يوسف انصبت على «مؤثرات جديدة» طرأت على الساحة لم تكن موجودة سابقاً، وبحسب تعبيره، فقد يتم رفع أسعار الاتصالات المحلية إن طالت هذه المؤثرات تكاليف الشركة.
وشكلت هذه المبررات شبه تأكيدات بالنسبة للبعض حول وجود زيادة قادمة لتعرفة الاتصال الداخلي في سورية، لكنها وبحسب يوسف، لن تكون بذات نسبة الارتفاع التي طالت الاتصال الخارجي كونه مرتبطاً بالقطع الأجنبي بنسبة 100%، في حين لاترتبط المكالمات المحلية بهذا القطع سوى بنسبة قليلة عبر قطع الغيار.
بعد «MTN» و«سيرياتل».. شركة الاتصالات
ولم يكن قرار الشركة السورية للاتصالات، السابق حول زيادة تعرفة الاتصالات الأرضية من سورية إلى دول العالم منذ أيام، بنسبة تراوحت ما بين 58% إلى 700% بحسب بعض المصادر، مناسباً في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، بالنسبة لشريحة واسعة من المواطنين، وخاصة أن الأزمة الحالية دفعت نسبة كبيرة من العائلات والأفراد للهجرة أو السفر خارج البلاد، ما جعل الاتصال الخارجي ضرورة ملحة، فبعد أن رفعت شركتا «MTN» و«سيرياتيل» أجرة الاتصال الدولي، لجأ المواطنون إلى الهاتف الثابت الذي ألحقته شركة الاتصالات بركب الشركتين السابقتين.
وبحسب تبريرات الشركة السورية للاتصالات لرفع أجرة الاتصال الدولي، فإن أسعار الاتصال الخارجي لا تحدده الشركة بمفردها، وإنما تعتمد على الأجور التحاسبية بين الدول، التي تخضع لاتفاقية ثنائية يقوم بموجبها كل طرف بتسديد قيمة الاتصالات الصادرة من طرفه إلى الطرف الآخر بالقطع الأجنبي.
وأوضحت الشركة أنه هناك تعديلات على الأسعار لا بد من إجرائها حسب تغيّر سعر الصرف، ووفقاً للاتفاق مع الطرف الآخر على التقاضي المالي، فقد جرى تعديل أسعار الاتصالات الدولية وتوزيعها على ثماني شرائح، مع تحديد الأسعار بالحدود الدنيا التي تمكن من استعادة التكاليف المدفوعة لكل اتجاه.
ونفت الشركة ما نشرته بعض المواقع الالكترونية عن زيادة قيمة أسعار الاتصالات الدولية لدى الشركة بنسبة كبيرة جداً تصل إلى 700%، مشيرةً إلى أن الزيادات الكبيرة التي أشارت إليها المواقع على الانترنت ليست على الاتصالات الدولية، بل على الاتصالات الفضائية، ثريا، وإلى بعض الدول والجزر البعيدة.
الاتصال الخارجي زاد الأزمة بلّة
ومن جهته قال المدير التجاري في شركة الاتصالات، إن «رفع أسعار الاتصال الخارجي كان أقل نسبةً بخصوص أهم الدول التي يتعامل معها المواطن في سورية بكثرة مقارنة بباقي الدول، وضمت الشريحة التي طالها الرفع بنسبة قليلة، حوالي 102 دولة معظمها دول عربية ودول أوروبية وكندا وأميركا».
وقال حسام طالب سوري مقيم حالياً في مصر إن «رفع تعرفة الاتصالات الدولية من سورية إلى الخارج ليس مدروساً بالنسبة للظروف الراهنة، وسيحرمنا من التواصل مع أسرنا كما السابق، فبدلاً من الحديث معهم يومياً، سيصبح ذلك أسبوعياً وبدقائق أقل من السابق، فأسرتي ليس لديها مدخول ثابت حالياً، وهم لا يجيدون استخدام الانترنت كبديل عن الاتصالات الهاتفية».
وكانت شركتا الاتصال الخليوي الوحيدتان في سورية «MTN» و«سيرياتيل» قد رفعتا مؤخراً، أسعار خدمة الجوال الهاتفي الدولية، بنسب مختلفة، حيث ارتفع بالنسبة لتركيا من 30 ليرة إلى أكثر 1200 ليرة للشركة الأولى وأكثر من 700 ليرة للشركة الثانية للدقيقة الواحدة، وبيّنت «سيريتل» بحسب موقعها الالكتروني أن هذه الأسعار مرتبطة في جزء منها بالتغيّرات في أسعار صرف العملات.
في حين، ارتفعت أجور المكالمات الأرضية من سورية إلى السعودية ومصر واليمن وليبيا والأردن ولبنان والإمارات والكويت وعمان، ارتفعت إلى 27 ليرة للدقيقة و22 في أوقات التخفيض من الساعة العاشرة مساءً وحتى الساعة السادسة من صباح اليوم التالي، بعد أن كانت 17 و18 ليرة للدقيقة الواحدة، حيث كان الارتفاع بنسبة 80%.
وارتفعت أجور الاتصالات إلى 27 ليرة للدقيقة الواحدة أيضاً، و 22 وقت التخفيض، لكل من تركيا والصين وإيران، وروسيا واستراليا وفرنسا وقبرص وبلجيكا وهولندا وبلغاريا وألمانيا وسويسرا والبرازيل وفنزويلا وأمريكا والأرجنتين، حيث كانت كلفة الاتصال للدول الأوربية 20 ليرة ووقت التخفيض 17، ولدول أمريكا اللاتينية 25 ووقت التخفيض 20، بهذا تكون نسبة الارتفاع لهذه الجهات بنسبة 35 %.
وبلغت تعرفة الاتصالات الأرضية 45 ليرة للدقيقة، و35 ليرة وقت التخفيض لكل العراق والسودان وبريطانيا وأرمينيا، في حين ارتفعت للجزائر والمغرب وجنوب السودان، إلى 65 ليرة للدقيقة، و52 ليرة وقت التخفيض، كما ارتفعت أجور المكالمات إلى تونس ودول أفريقية مثل توغو وتشاد إلى 90 ليرة، ووقت التخفيض 72 ليرة.
المواطن ضحية خسائر شركة الاتصالات
وأشارت «المؤسسة العامة للاتصالات» العام الماضي- قبل أن تصبح شركة-، إلى أن إيراداتها بلغت لغاية عام 2011 حوالي 80 مليار ليرة سورية، وارتفعت أرباحها المتحققة في العام ذاته إلى 61.36 مليار ليرة سورية، في حين بلغ إجمالي الخسائر المالية منذ بداية الأزمة ولغاية 31/3/2013 نحو 13 مليار ليرة سورية دون محافظات حلب والرقة وإدلب ودير الزور والحسكة التي لم ترد بياناتها بحسب الشركة.
ولا يزال المواطن السوري يصارع البقاء اقتصادياً وسط جشع التجار ونيران أسعارهم التي لا تجد من يلجمها من الجهات المعنية في الحكومة، في حين بدأت الأخيرة عبر مؤسساتها الخدمية، باتباع سياسة التاجر ذاته والتذرع بذرائعه التي كانت تنتقدها سابقاً.