ثلاث مشاهد من النكبة
– ثلاثة مشاهد من النكبة، بلسان أصحابها، رووها قبل سنين، وغاصت حكاياتهم في الذاكرة..
المشهد الأول: بيت جبرين “قرية مهجرة على بعد 21 كيلو متر شمال غرب مدينة الخليل”
قال الضابط للفلاح، “لماذا تحرث هذه الأرض؟ لأنها لي؟ إنها لنا من أربعة آلاف عام وسنحرثك معها!”، ثم لاحقًا قتلوه في التسعين من عمره.
أقسم أني رأيت دموع الحصان فوق جثته، وبعد سنين كانت الشجرة التي قُتل تحتها، على قائمة “اليونسكو” للتراث العالمي
المشهد الثاني: دير ياسين غرب القدس
“قتلو أبي أمام عيني ثم جاءوا بعد أيام يسألون أمي عنه ليعتقلوه، بكت أمي، ثم قتلوا أخي خالد بأعقاب البنادق ثم فجروا رأسه، كان في السادسة عشر من عمره يومها، بكت أمي أيضًا.
لاحقًا، وجدنا أنفسنا في عربة تمضي نحو القدس، أنزلونا عند منطقةٍ قريبة من باب العامود، قال الجندي لأمي: “قولي للملك أننا سنعيدكم بعد عشرة أيام لقراكم”.
كنت في الثامنة والعشرين وأنا اليوم في الثامنة والتسعين، سبعون عاماً وما زلت أحلم بهم، كل ليلة! وأسمع أصوات القنابل في رأسي وأذكر ضحكة أخي خالد.
المشهد الثالث: اللجون، قرية عربية فلسطينية تقع على بعد 16 كيلومترًا شمال غرب جنين، وكيلومترًا واحدًا جنوب ما تبقى من المدينة الكنعانية مجدو.
“عدتُ بعد 44 عامًا لأرضي التي صار ملكاً “للكيبوتس”، رأيت الشجرة التي زرعتها بيدي، كان هناك رجل يهودي، قال لي إنه صاحب الأرض، طلبت منه أن يسمح لي بالدخول وتدخين سيجارة فقط أسفل تلك الشجرة؟ سمح لي بذلك، دخلت هناك، عاد كل شيء كما كان قبل 44 عاماً.. (صوت التجار في اللجون، ضحكة عمي الذي قتلوه في سهل مجدو، زغاريد أم العبد ولهاثي خلف الحراث)، دخنتُ سيجارتي وانطفأت من دموعي، يومها خرجت من هناك، لم أدخن بعدها، لم أصل “الكيبوتس”، ولم أتحدث مع أي يهودي منذ ذلك الحين.
وسميت “اللجون” بهذا الاسم نسبة لمعسكر فيلق روماني تابع لولاية فلسطين السورية، أقيم في موقع القرية، وأطلق عليه اسم “ليجيو”.
إضافة مهمة: على هذه القصص وغيرها تربت أجيالٌ من الفلسطينيين، لا تسألو أهل غزة لماذا يتظاهرون؟!، ولا تسأل عن سبب تشبث الفلسطينيين بحق العودة، في هذه القصص ذاكرة كاملة، وأجوبة لكل الأسئلة…
(بعض القصص وثقت مؤخراَ ضمن مشروع فازال شيخ “أثر الذاكرة”)
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني