آراء حول تنفيذ استراتيجية إنهاض الأرياف الصينية
أكدت ((الآراء حول تنفيذ إستراتيجية إنهاض الأرياف)) التي أصدرتها الحكومة الصينية في فبراير عام 2018، أنه لا يمكن تحقيق تحديث البلاد إلا بإنجاز تحديث الزراعة والأرياف، وتنفيذ إستراتيجية إنهاض الأرياف، مطلب حتمي لحل التناقض الرئيسي الذي يواجهه المجتمع الصيني، وهو التناقض بين التنمية غير المتوازنة وغير الكافية وحاجة الشعب المتزايدة إلى حياة أفضل، ولإنجاز الأهداف الكفاحية عند حلول ذكرى المئويتين (إنجاز بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل عند الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، وإنجاز بناء دولةٍ اشتراكية حديثة قوية ومزدهرة وديمقراطية ومتحضرة ومتناغمة وجميلة عند الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية)، ولتحقيق الرخاء المشترك لكل الشعب الصيني.
أصدرت الصين ((الآراء حول تنفيذ إستراتيجية إنهاض الأرياف)) (يشار إليها بالآراء لاحقا) مع حلول الذكرى الأربعين لسياسة الإصلاح والانفتاح في الصين، ووضعت بذلك خطة للإسراع في دفع تحديث الزراعة والأرياف.
تتطلب ((الآراء)) دفع الارتقاء بالزراعة وتقدم الأرياف وتطور المزارعين على نحو شامل، بتضافر جهود وقوى كل من الحزب والدولة والمجتمع وبحزم أكثر وأهداف أوضح وإجراءات أكثر قوة وصرامة. إن إنهاض الأرياف لا يتعلق بتنمية الاقتصاد الريفي فحسب، وإنما أيضا يرتبط بالمجالات السياسية والثقافية والمجتمعية والحضارة الإيكولوجية في الأرياف.
ووفقا للأهداف التي تطرحها ((الآراء))، بحلول عام 2020، ستكون نهضة الأرياف الصينية قد شهدت تقدما هاما، بحيث يتم إنجاز تشكيل إطار نظامي ومنظومة سياسية بصورة عامة؛ وبحلول عام 2035، ستكون نهضة الأرياف قد حققت تقدما حاسما، بحيث يتحقق تحديث الزراعة والأرياف بصورة رئيسة؛ وبحلول عام 2050، ستكون نهضة الأرياف تحققت على نحو شامل، بحيث يتم إنجاز الزراعة القوية والأرياف الجميلة ورخاء المزارعين على نحو شامل.
تغيرات الأرياف
منذ بداية تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين، قامت الحكومة بإصلاح النظام الاقتصادي في الأرياف، واتخذت نظام المسؤولية التعاقدية الأسرية المرتبطة بالإنتاج على أساس الأراضي المملوكة للجماعة، وجعلت الصناعة تدعم الزراعة، وجعلت المدن تدفع تطور الأرياف، مما حقق التطور السريع في مجالات التجارة والصناعة والنقل في الأرياف، وتغيرت صورة الأرياف بشكل كبير. ومع تطور المجتمع، بدأ الجيل الجديد من المزارعين يعملون في المدن، وصارت بعض الحقول المتعاقد عليها بورا، ومع ذلك لم تقم الجهات الحكومية المعنية بإلغاء حق المزارعين في مقاولة الأراضي، وإنما قامت بتمديد أجل المقاولة بل وتشجع على تداول حقوق إدارة الأراضي، فأصبح المزارعون حملة الأسهم أو عمالا زراعيين.
أشار ((تقرير التنمية الريفية في الصين2017)) السنوي، الذي أصدره معهد التنمية الريفية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إلى أن الأرياف الصينية تغيرت بشكل ملموس في السنوات الماضية: فقد أصبحت الفجوة بين المناطق أقل؛ ويجري إصلاح نظام الملكية الجماعية بشكل نظامي؛ وأصبح الكيان الرئيسي لتأسيس المشروعات متعددا، وظهرت صناعات جديدة وأنماط جديدة ونشاطات تجارية جديدة؛ وتطورت سوق تداول الأراضي الريفية بسرعة؛ وتطورت الأجهزة المالية الريفية كثيرا.
هذه التغيرات تضع أساسا هاما لطرح وتنفيذ خطة إنهاض الأرياف.
تطوير الزراعة الحديثة حسب الظروف المحلية
تلعب الزراعة دورا رئيسيا في تنمية الأرياف. لا شك أن أول وأهم موضوع لإنهاض الأرياف هو دفع تطور الزراعة وجعل المزارعين يحصلون على الفوائد. إنهاض الأرياف يحتاج إلى دعم من الصناعات المزدهرة، وتطوير الصناعات المزدهرة يحتاج إلى مشاركة الأسر والتعاونيات الريفية، بما فيها كيانات الإدارة الجديدة والشركات الريفية.
في عام 2011، أسس 18 مزارعا من 6 أسر في قرية هوهو التابعة لإدارة مدينة شينغيانغ بمقاطعة خنان، تعاونية الزراعة، وأنشأوا "ورشة عمل لعناصر الإنتاج الزراعية" في 50 قرية بدائرة مدينة شينغيانغ، تقدم التمويل والمهارات والمعدات والمخازن وغيرها من الخدمات الكاملة للمزارعين. وفي الوقت ذاته، يتعاونون مع 30 مطحنة دقيق و20 مصنع أعلاف وشركة لتصنيع الأدوية، من أجل ضمان تسويق الحبوب في الوقت المحدد وضمان مصالح المزارعين.
حاليا، تضم تعاونية قرية هوهو 203 أسرة، وترشد 12 ألف أسرة من المزارعين في زراعة 50 ألف مو (الهكتار يساوي 15 مو) من الأصناف الجديدة من القمح والذرة، ويبلغ حجم إنتاج الحبوب أكثر من خمسين ألف طن سنويا.
مثال آخر، قرية دونغوانغتشوانغ الواقعة في دائرة مدينة تنغتشو في مقاطعة شاندونغ، وتعاني هذه القرية من ظروف غير جيدة في الزراعة؛ مما دفع الكثير من القرويين للعمل في المدن، فتحولت الأراضي الزراعية إلى أرض موات. في عام 2010، ومن أجل دفع تطور الزراعة المحلية، اتخذت تعاونية الإمداد والتسويق بمدينة تنغتشو نمط المساهمة للوصاية على الأراضي، حيث يساهم المزارعون في التعاونية بمساحة 1050 مو ، وتساهم بلدة شيقانغ بأربعمائة وعشرين ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 4ر6 يوانات)، فيما تساهم قرية دونغوانغتشوانغ بمساحة 61 مو من الأراضي الجماعية ومرافق الأراضي الزراعية. يتمتع المزارعون بأرباح عوائد التعاونية إضافة إلى مبلغ من تسعمائة إلى ألف يوان من الأرباح على الأقل لكل مو واحد. حتى الآن، حقق نظام الوصاية على الأراضي مائة ألف يوان للقرية و36ر2 مليون يوان للقرويين.
حتى اليوم، تم تطبيق هذا النمط أو أنماط مشابهة على نطاق واسع في المقاطعات الزراعية الكبرى، وتحقيق زيادة في المحاصيل الزراعية وفي عوائد المزارعين وأرباح التعاونيات.
طرق جديدة لزيادة العوائد بالتكنولوجيا
الزراعة هي الصناعة الأولى، إلا أن أرباح المنتجات الزراعية الأولية قليلة. لذلك، أصبحت زيادة المحتوى التقني في الزراعة وزيادة القيمة الإضافية للمنتجات الزراعية طريقة هامة لزيادة عوائد المزارعين.
لي يوي شنغ، مدير عام شركة وانغتشونغ الصناعية المحدودة بمقاطعة هاينان، لديه خبرة 21 عاما في العمل الزراعي. قبل 8 سنوات، عندما وجد أن 95% من الأناناس المزروع في الصين من صنف أناناس بالي، قرر متابعة صناعة الأناناس. بعد سنوات من الدراسات، وبالتعاون مع فريق تكنولوجي جامعي، اكتشف لي مجموعة ناضجة من تقنيات زراعة الأناناس الذهبي، بما فيها تكنولوجيا الري والتسميد وتربية شتلات الأناناس. وبدعم من منصة الخدمات المالية للزراعة والمناطق الريفية والسكان الريفيين، ازدادت مساحته الزراعية للأناناس الذهبي ثلاثة آلاف مو خلال سنتين، وحقق 50 مليون يوان من العوائد، واحتل 90% من سوق الأناناس الذهبي في الصين.
باعتبار قاعدة زراعة الأناناس الذهبي التي أنشأها لي يوي شنغ مركزا، يظهر تأثير الكتلة الصناعية للأناناس الذهبي في هاينان بشكل جلي: تم تشكيل صناعة جيدة النوعية ومستدامة التطور عن طريق الزراعة التقنية المعيارية، وتوظف قاعدة لي يوي شنغ وحدها أكثر من ألف عامل.
حاليا، يبذل لي يوي شنغ جهوده في ربط القاعدة بالطريق السريع، لكي يرفع مستوى مرافق الأجهزة. ويخطط لبناء معمل للتصنيع العميق لرفع عوائد المنتجات الزراعية ودفع اندماج الصناعة الثانية والثالثة في صناعة زراعة الأناناس الذهبي في محافظة لهدونغ الذاتية الحكم لقومية لي في مقاطعة هاينان.
قال كونغ شيانغ تشي، البروفيسور بمعهد التنمية الزراعية والريفية في جامعة رنمين في بكين: "ازدهار الصناعات يعني تحقيق الاندماج بين الصناعة الأولى والثانية والثالثة، بدلا من تطوير الزراعة وحدها فقط، بحيث تزداد أرباح الزراعة وعوائد المزارعين باستمرار واستقرار، ويزيد دور المنظمات القاعدية الريفية، ويجعل الأرياف دارا جميلة، ويحقق تحديث الأرياف في العصر الجديد."
على الصناعة أن تدعم تطوير الزراعة
الزراعة الحديثة هي الزراعة التي تحقق اندماج الصناعة الأولى والثانية والثالثة. يساهم الريف والمزارع مساهمة كبيرة في تطور الوطن وتطور المدن. حاليا، يجب على المدن دعم تطور الأرياف.
رنلاوتون قرية زراعية تقليدية كبيرة، تقع في بلدة دونغمينغجي في محافظة دونغمينغ بمقاطعة شاندونغ، أساس الصناعة فيها ضعيف جدا. لكن مع تطور موقع التسوق تاوباو، تغير حالها. في عام 2015، قام القروي تشو يونغ جين بتسويق لوحاته الزخرفية في الموقع، وقد جذبت أعماله الفنية ذات الميزات المحلية إعجاب الجماهير. وبعد ذلك، قام بتسويق المنتجات الزراعية المحلية في الموقع أيضا، وأصبح أول تاجر إلكتروني في قريته. ومع تزايد الطلبات، ازداد حجم البيع بسرعة. وفي عام 2016، أنشأ شركة تجارة إلكترونية بمحافظة دونغمينغ ومركز دونغمينغجي لخدمات التجارة الإلكترونية ومركز دونغمينغجي للخدمات السريعة.
حتى اليوم، يوجد 72 متجرا إلكترونيا في قرية رنلاوتون ، يعمل 150 قرويا في التجارة الإلكترونية، ويبلغ حجم البيع سنويا 20 مليون يوان.
قال أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني لجامعة الزراعة في مقاطعة آنهوي، جيانغ تشون: "في عملية بحث الزراعة الحديثة، يجب متابعة مجالات عديدة: أولا، زيادة المحتوى التقني للزراعة، خاصة تربية وابتكار الموارد الزراعية؛ ثانيا، تعزيز بناء الزراعة الذكية؛ ثالثا، دمج صناعة الزراعة في صناعة المال الحديثة بشكل وثيق." وأضاف، "في الماضي، كانت الأموال تنتقل من الأرياف إلى المدن، حاليا، ومع تطور الصين، على المدن أن تدعم الأرياف، وعلى الصناعة أن تدفع تطور الزراعة، لتحقيق التطور المشترك بين المدن والأرياف."
طُرح مفهوم إنهاض الأرياف على أساس الفجوة بين المدن والأرياف، وحسب الحالة المتخلفة نسبيا لتحديث الزراعة مقارنة مع تطور التصنيع والمعلوماتية والتحول الحضري. حول هذا الأمر، قال رئيس الجمعية الصينية لمجتمع الحياة الرغيدة، وانغ جيوي لو: "من الضروري أن يتم دمج التطور بين الصناعة الأولى والثانية والثالثة، وبين المدن والأرياف عند تطوير الزراعة الحديثة."
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني