الحراك المدني أسلوب ضغط لإنهاء الأزمات العالقة في لبنان
لا يزال عدم الاستقرار والحراك المدني السمة التي تغلب على المشهد اللبناني خلال الفترة الأخيرة فمن المظاهرات والاعتصامات التي شهدها الشارع على خلفية أزمة النفايات والتي لا تزال تراوح مكانها إلى التحركات الأخيرة في لبنان نفذت الادارات والمؤسسات العامة بما فيها المؤسسات التربوية أمس إضراباً عاماً بدعوة من هيئة التنسيق النقابية للمطالبة بزيادة الرواتب. وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية إن الادارات.
والمؤسسات العامة والثانويات والمدارس الرسمية في المناطق اللبنانية وبعض المدارس الخاصة والمعاهد لبت دعوة هيئة التنسيق النقابية للإضراب.
ونفذت هيئة التنسيق النقابية اعتصاماً أمام وزارة الشؤون الاجتماعية في بيروت، وطالب المتحدثون امام المعتصمين، الكتل النيابية بإدراج سلسلة الرتب و الرواتب على جدول أعمالها، وفي جلسة حكومية عاجلة.
ويأتي الإضراب احتجاجاً على عدم إدراج سلسلة الرتب والرواتب(تصحيح الرواتب) على جدول أعمال الجلسة البرلمانية لمجلس النواب اللبناني في حال انعقادها.
وقبيل هذا الإضراب شهد لبنان خلال الفترة الأخيرة عددا من الاعتصامات والاحتجاجات التي انتهجها اللبنانيون كوسيلة ضغط للخروج من الأزمات المختلفة، فبالزيّ الأبيض والكمامات الطبيّة، وفي مظاهرة حملت عنوان «الكوليرا جايي، صار بدها جلسة»، جاب ناشطو الحراك المدني في لبنان،أخيراً، شوارع بيروت وصولاً الى منزل رئيس الحكومة تمام سلام، لإيقاظه من نومه ودعوته لعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء، تحمل بنداً واحداً هو ملفّ النفايات لإقرار المراسيم المطلوبة لحلّ الأزمة.
وتحت شعارات عدّة، أبرزها «نعود الى الشارع، لنعود الى الوضوح» و«الساحات لنا.. كونوا كتار»، طالب المشاركون من مجموعات «طلعت ريحتكم» و«الشعب يريد» و«من أجل الجمهورية» و«شباب 22أغسطس» و«حلّوا عنّا» و«جايي التغيير» و«عالشارع»، في بيان، بعقد جلسة للحكومة في أقصى سرعة، كون الأزمة بدأت تأخذ منحىً خطيراً مع بدء هطول الأمطار.
ومن بوّابة هذا التحرّك الأبرز أخيراً، يشار إلى أنه ومنذ 22 أغسطس الماضي وبعد حراك «سلسلة الرتب والرواتب» الذي دام نحو سنتين (2013-2014) وأفشلته الطبقة السياسية الاقتصادية، دخل ناشطو مجموعات الحراك المدني الى المعادلة السياسية اللبنانية، وأصبحوا فجأة جزءاً مؤثراً في مشهدها، ومحلّ تكهّن حول تأثير حركتهم في الواقع السياسي اللبناني.
وتقف في مقدّمهم حركة «طلعت ريحتكم» التي ولدت أوائل شهر أغسطس الماضي من بين ثنايا طفرة حراك شعبي تصاعدي تسبّبت به أزمة النفايات، إضافة الى مجموعات أخرى تعمل ضمن هذا الحراك، كحملة «بدنا نحاسب» التي ولدت في أواخر شهر أغسطس الماضي بالإضافة الى مجموعات لا خبرة سياسية وتنظيمية لها.
محطّة لافتة
وفي 29 أغسطس الماضي، كانت المحطة الكبرى في تاريخ لبنان، إذ فاجأ الحراك المدني السلطة، في مظاهرة شعبية مدنية شبابية، كانت عابرة لكل الطوائف والمناطق والأحزاب، وتركّزت أساساً على دينامية وحيوية المجتمع المدني اللبناني ومنظّماته الناشطة التي تقاطعت لأول مرة في تاريخ لبنان الحديث، فصنعت حدثاً وطنياً استثنائيا، رفعت خلاله شعارات عدّة، وأبرزها الى جانب «طلعت ريحتكم» هو شعار «كلّن يعني كلّن»، والذي رفِع بعناد والتزام، من أجل التأشير الى فساد الغلبة الساحقة في السلطة، بحسب منظّمي التظاهرة.. ومنذ ذلك الحين، توالت الاعتصامات المدنيّة والتحرّكات الاحتجاجية التي تنقّلت من ساحة الى أخرى، تحقيقاً لـ«الثورة على الفساد المتغلغل» في بنية الطبقة السياسيّة، وفي هيكليّة الدولة بأطرها السياسيّة والإداريّة. لكن الصرخات والمطالبات لم تلقَ حتى الآن آذاناً صاغية.
بلورة الحراك
وبين الأمس واليوم، وفي حين يستعدّ المجتمع المدني لمواصلة تحرّكه تحت شعار «كلنا سوا لمكافحة الفساد»، احتجاجا على عدم إيجاد حلول لملفّ النفايات كما ملفات أخرى، يرى مراقبون أنه من إعادة بلورة خطاب الحراك، وتوحيد لغة الجهات المنظّمة له، وتفعيل المطالبة بقانون انتخابي يعبّر بالفعل عن تطلعات الناس وخياراتها، والانخراط في عملية تفاوضيّة مع الحكومة، وصولاً إلى فرض الحلول مع تحديد آلياتها. أما المضيّ في النهج الانفعالي، فمن شأنه تحويل الحــراك إلى أزمة مضافة إلى الأزمات القائمة.
إلى ذلك، أعلن قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي أن أزمات المنطقة والإرباك الداخلي لا يمكن أن يؤثر على قرار الجيش الحازم في حماية الوحدة الوطنية والحفاظ على الاستقرار.
وقال إن قضية العسكريين المخطوفين لدى التنظيمات الإرهابية لا تزال تراوح مكانها، نتيجة عدم التزام هذه التنظيمات بالحلول المقترحة، مؤكدا أن هذه القضية ستبقى في طليعة اهتمامات قيادة الجيش، التي تسعى الى تحرير هؤلاء العسكريين بكل السبل المتاحة.
المصدر: البيان