ألمانيا تعجز تجارياً لأول مرة منذ 30 عاماً، وشبح إفلاسات واسعة و«تدفئة على الحطب»
أظهر تقرير لمكتب الإحصاء الفيدرالي في ألمانيا (Destatis)، أن البلاد سجلت في مايو الماضي عجزاً في التجارة الخارجية بلغ مليار يورو، وذلك لأول مرة منذ العام 1991.
وجاءت النتيجة مخالفة لتوقعات المحللين، الذين استطلعت آراءهم وكالة DailyFx، حيث توقعوا اتجاهاً معاكساً تماماً عندما ظنّوا أن ألمانيا سوف تسجيل فائض عند 2.7 مليار يورو، لكن ما حدث في الواقع هو تسجيل عجز لأول مرة منذ العام 1991، وفقاً لما ذكرته وكالة «بلومبرغ».
وانخفضت الصادرات في مايو/أيار الماضي بنسبة 0.5% مقارنة بشهر أبريل/نيسان الماضي بعد ارتفاعها بنسبة 4.4% في الشهر السابق (مارس/آذار 2022)، خلافاً لتوقع الخبراء بزيادتها بنسبة 0.9%. في حين نمت الواردات في الشهر نفسه (مايو/أيار 2022) بنسبة 2.7% على أساس شهري بعد ارتفاعها بنسبة 3.5% في أبريل 2022، بخلاف ما توقه المحللون من نمو بنسبة 0.9%.
هذا وذكرت وكالة «بلومبرغ»، اليوم الإثنين، أن البنوك الألمانية تخشى حدوث حالات واسعة من العجز عن السداد في ألمانيا بعد تراجع إمدادات الغاز من روسيا إلى أكبر اقتصاد في أوروبا.
وقالت الوكالة نقلاً عن مسؤولين كبار في القطاع المالي: «ستضطر البنوك في ألمانيا إلى تخصيص أموال إضافية لتغطية الزيادة المحتملة في حالات التخلف عن السداد إذا انقطعت البلاد عن الغاز الروسي».
ووفقاً للوكالة فإن هذا السيناريو سيؤدي إلى ركود في أكبر اقتصاد في أوروبا، وبشكل خاص يولي المقرضون في ألمانيا اهتماماً خاصاً بأعمال الصيانة المخطط تنفيذها لخط الأنابيب «السيل الشمالي»، وقال مصرفيان كبيران طلبا عدم ذكر اسميهما، إن هناك احتمالاً ألا تستأنف عمليات توريد الغاز عبر المسار بمجرد اكتمالها.
وتراجعت إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا إلى دول أوروبية، منها ألمانيا عبر خط الأنابيب «السيل الشمالي» (أنبوب غاز من روسيا إلى ألمانيا عبر قاع البلطيق) في منتصف يونيو/حزيران 2022 بسبب ما قيل إنه مشكلات تقنية إذ إنّ كندا رفضت إعادة توربينات غازية إلى روسيا بعد صيانتها بذريعة العقوبات المفروضة على موسكو.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت «نورد ستريم» (Nord Stream) الشركة المسؤولة عن تشغيل خط الأنابيب «السيل الشمالي»، عن وقف مؤقت في ضخ الغاز من روسيا إلى أوروبا لتنفيذ أعمال الصيانة.
وقال المشغل في بيان يوم الجمعة، إنه سيتم إغلاق «السيل الشمالي» من 11 وحتى 21 يوليو الجاري لتنفيذ أعمال صيانة مجدولة.
هذا ولفت موقع Focus إلى أن الاعتماد الخطير للصناعة الألمانية والسكان على إمدادات الغاز الروسي، يهدد بعواقب تنذر بالخطر على البلاد في حال انقطاعها.
ونشر الموقع مقالاً جمع فيه إجابات على الأسئلة الأكثر إلحاحاً فيما يتعلق بعواقب توقف إمدادات الوقود الروسي.
ويشير المقال إلى أنه من بين 40 مليون منزل ألماني، نصفها يتم تسخينها بالغاز، و55% منها تحصل على الغاز من روسيا. وحوالي 37% من الغاز المستورد في ألمانيا مخصص لاحتياجات الصناعة، بينما تستهلك الصناعات الكيماوية والصيدلانية 15% من الوقود الأزرق.
وذكر الموقع أنه في حال اعتماد مستوى خطر أعلى بسبب نقص الوقود، ستكون الحكومة قادرة على الحد من استهلاك الغاز والتأثير على الرسوم الجمركية، مشيرا إلى ان «السعر في هذه الحالة يمكن أن يرتفع، خمسة أو حتى عشرة أضعاف».
في الوقت نفسه، طمأن المقال السكان بأن الأسر والمؤسسات الاجتماعية ستكون لها الأولوية في توزيع الغاز، مشيرا إلى أنه من المستحيل البقاء على قيد الحياة في فصل الشتاء في ألمانيا دون تدفئة، حيث يصل متوسط درجات الحرارة في شهر يناير إلى أربع درجات تحت الصفر.
وشدد المقال على أنه سيتعين على الألمان الاقتصاد في استهلاك الطاقة «بشكل جذري»، بما في ذلك عدم تدفئة جميع الغرف في منازلهم، ونسيان استخدام الفرن، والطهي بالكهرباء، والبدء في استخدام مواقد الحطب.
كما سيتعين على الدولة أن تتعامل مع ارتفاع أسعار الوقود، لأنها غير قادرة على «إلغاء العجز». وكل هذا سيؤدي إلى موجة إفلاسات وزيادة في التوتر في المجتمع.
ويرى المقال انه على الرغم من كل الجهود التي تبذلها السلطات، لن يكون من الممكن التحول بسرعة إلى مصادر الطاقة الأخرى. وخلص الموقع إلى أن ألمانيا تنتظر زيادة في البطالة والفقر والدين العام، بينما قد ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى ثمانية بالمائة.
وتواجه ألمانيا كغيرها من الدول الغربية ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم بسبب فرض عقوبات على موسكو وسياسة التخلي عن وقودها. وبسبب ارتفاع أسعار الوقود، وخاصة الغاز، فقدت الصناعة في ألمانيا إلى حد كبير مزاياها التنافسية، والتي أثرت أيضا على مجالات أخرى من الاقتصاد الألماني، الذي يعد الأقوى في الاتحاد الأوروبي.
معلومات إضافية
- المصدر:
- نوفوستي