بوتين يوجه خطاباً شاملاً إلى الروس: الغرب منحلٌّ أخلاقياً.. ولن يتفوّق علينا عسكرياً

بوتين يوجه خطاباً شاملاً إلى الروس: الغرب منحلٌّ أخلاقياً.. ولن يتفوّق علينا عسكرياً

خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، ليؤكد الدور الريادي لبلاده في العالم كمحرك أساس للملفات الدولية ومؤسس للحلول الديبلوماسية، غامزاً من قناة الأميركيين والغربيين، من خلال إعلانه عن تفوق روسيا العسكري ومواجهتها للانحلال الأخلاقي الذي يغزو الغرب.

وفي خطاب إلى الأمة من قصر الكرملين لمناسبة الذكرى العشرين لإقرار الدستور الروسي، دافع بوتين، عن رؤيته لـ«روسيا صاحبة مسؤولية تاريخية في عالم غير مستقر»، قائلاً إن «العالم يزداد تناقضاً واضطراباً. وفي هذه الظروف فإن مسؤولية روسيا التاريخية تتعاظم».
وأوضح الرئيس الروسي «نحن لا ندّعي لقب القوة العظمى وليست لدينا أي رغبة في الهيمنة عالمية كانت أو محلية، ولا نهاجم مصالح أحد ولا نفرض على أحد وصايتنا، ولا نعطي دروساً لأحد»، في إشارة واضحة إلى الولايات المتحدة.
وأضاف بوتين «لكننا نسعى إلى أن نكون رواداً»، مشيراً إلى عزمه على إنجاح مشروع الاتحاد الاقتصادي للجمهوريات السوفياتية السابقة، الذي تدعو روسيا أوكرانيا بإلحاح إلى الانضمام إليه.
وقدّم بلاده على أنها آخر حصن «للتقاليد المحافظة» وخاصة بالنسبة إلى مفهوم الأسرة أمام ما اعتبره «الانحلال الأخلاقي في العالم الغربي»، مضيفاً أنه «يوجد كل يوم في العالم المزيد من الذين يدعمون موقفنا المتمثل في الدفاع عن القيم التقليدية التي تشكل منذ آلاف السنين القاعدة الأخلاقية والروحية لحضارة كل شعب».
وأخيراً حذر بوتين الولايات المتحدة، من دون تسميتها، من أي محاولة للحصول على تفوق استراتيجي. وقال ساخراً إن «المشكلة النووية الإيرانية إلى زوال، لكن منظومة الدفاع المضاد للصواريخ إلى بقاء».
وأكد أنه «يجب أن لا تساور أحداً الأوهام في إمكانية تحقيق تفوق عسكري على روسيا. هذا شيء لن نقبله أبداً»، مذكراً بأنه أطلق برنامجاً «غير مسبوق» لإعادة تسليح روسيا.

سوريا وإيران
أكد الرئيس الروسي أن موسكو لم تعرّض مصالحها والاستقرار العالمي للخطر من خلال إسهامها في منع التدخل العسكري في سوريا، معتبراً أن نجاح روسيا في إقناع المجتمع الدولي بتبني خيار الشرعية والسلام في سوريا بدلاً من خيار الحرب.
وقال «تمكنّا، حتى الآن على الأقل، من تفادي التدخل العسكري الخارجي في الشؤون السورية وانتشار النزاع في المنطقة. لقد عملنا بحزم واتزان من دون أن نعرّض مصالحنا والاستقرار العالمي للخطر. من وجهة نظري، هكذا يجب أن تتصرف دولة ناضجة ومسؤولة».
وأضاف «استطعنا مع شركائنا تحويل مجرى الأحداث من الحرب إلى تسيير العملية السياسية السورية وتحقيق التوافق الوطني»، مشدداً على أن «السابقة السورية أكدت الدور المركزي للأمم المتحدة في السياسة العالمية فيما أثبتت التطورات في سوريا وإيران أنه يمكن، ويجب، حل أي مشكلة دولية بوسائل ديبلوماسية فقط من دون اللجوء إلى القوة التي لا آفاق لها وتثير رفض معظم دول العالم»، مؤكداً أن «الصفقة النووية الإيرانية خطوة مهمة، لكن لا بد من حل أوسع يضمن أمن جميع دول المنطقة بما فيها إسرائيل». وشدد على حق إيران بالطاقة النووية.

الدرع الصاروخية
من جهة أخرى، أكد الرئيس الروسي أن الأهداف الحقيقية لمنظومة الدرع الصاروخية الغربية لا تتفق مع تسميتها إذ أنها تنضوي ضمن سلسلة القدرات الهجومية الاستراتيجية، مضيفاً «كانت الولايات المتحدة، على مدى فترة طويلة من الزمن، تعلن أن الهدف الرئيس لمنظومة الدرع الصاروخية التي يتم إنشاؤها في أوروبا هو اعتراض صواريخ قد تطلقها إيران. فيما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأسبوع الماضي، أن الحل التام للوضع المتعلق بالقضية النووية الإيرانية يجب أن يلغي مسألة إنشاء منظومة الدرع الصاروخية في أوروبا من قبل الولايات المتحدة والناتو».
ورأى القائد الأعلى للقوات المسلحة الروسية أن الدرع الصاروخية والأسلحة الكيميائية ستقوّض التوازن الاستراتيجي للقوى، مشيراً إلى أن نظام الدرع الصاروخية يهدد كل الاتفاقيات بخصوص الأسلحة النووية، ومعلناً عن إمكانية إلغاء جميع الاتفاقات مع «الناتو» في حال تطوير أنظمة الضربة الخاطفة ونشر الدرع الصاروخية.

أوكرانيا
وفي ما يخص الموضوع الأوكراني، لوح بوتين بالمزايا الاقتصادية لتقارب بين كييف وموسكو، مؤكداً أن باب الاتحاد الجمركي مفتوح لأوكرانيا، وأن مشروع التكامل هذا أفضل لها.
وقال «نحن لا نفرض شيئاً على أحد، لكن إذا رغب أصدقاؤنا في ذلك فإننا مستعدون لمواصلة العمل سوياً». وأضاف الرئيس الروسي أن أوكرانيا عبرت عن رغبتها هذه السنة، وحتى قبل أن تتراجع عن توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي مؤخراً «بحضور كل لقاءات الترويكا (التي تضم روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان) بصفة مراقب». وأكد بوتين أن «مشروعنا للتكامل يقوم على مبدأ المساواة والمصالح الاقتصادية الحقيقية».

روسيا
أشار بوتين إلى أن التباطؤ الاقتصادي يرجع أساساً إلى أسباب محلية، وانتقد الحكومة على أسلوبها في تنفيذ مراسيم أصدرها العام الماضي.
وقال بوتين «مرّ عام ونصف العام منذ أن أصدرت المراسيم، لكن أتعرفون ما الذي أراه؟ إما أن شيئاً تمّ بشكل تسبّب في الأثر السلبي على المجتمع أو لم يتم شيء على الإطلاق». وأضاف «الأسباب الرئيسة وراء التباطؤ الاقتصادي ليست خارجية بل داخلية. إذا نظرت إلى الناتج المحلي الإجمالي، فنحن الآن من بين أعلى خمس دول في العالم. لكن إذا نظرت إلى مؤشر مهم مثل إنتاجية العامل، تجد أننا نتخلّف عن الاقتصادات الرائدة في عامل أو اثنين أو ثلاثة».