وجدتها : بين العالم والفنان
هل كان ليوناردو دافنشي عالماً أم فناناً؟ تفترض التقسيمات الحديثة أن المرء يمكن أن يكون بارعاً في شي واحد فقط، لكن وقائع الحياة تقول غير ذلك
فحين يتلقى المرء تعليماً متكاملاً، وليس تعليماً مهنياً مخصصاً لتكون عبداً في خدمة أصحاب العمل فقط، -كما يسمي غرامشي التعليم المهني- يمكنك أن تصبح إنساناً متكاملاً، شيءٌ ما يشبه فلاسفة العهود الغابرة الذين كانوا أطباء ورسامين ومؤرخين وموسيقيين، فهل كان هناك من يدين إبداعهم؟
تغيرت مفاهيم العصر، واستطاعوا فرض مفاهيمهم الضيقة التي تخدم جيوبهم، وتجعلك كعبد سعيداً بعبوديتك الممنهجة، وتمشي واثقاً أن الأمور على ما يرام، طالما أنك تعمل بشكل جيد في أحد المجالات وبراعتك لا يشق لها غبار، رغم كميات الغبار المتراكمة فوق مواهبك وإمكانياتك الأخرى، تلك الإمكانيات التي لا تخدم السيد لا تفيدك حتماً، بل قد تضرك –أي قد تضر السيد- لأنه هو الأنا العليا التي تفكر بدلاً عنك، وبدلاً عن المجتمع كله.
هذي العقول المفكرة مضرة عموماً وهي تصبح مفيدة في حال واحدة لاغير، وهي أن تكون عقولنا، هكذا تتحدث أفعالهم، في تعبير لا مواربة فيه عن نواياهم، ليست الكتابة هنا ما بين السطور، إنها السطور بحد ذاتها ، افتح عينيك واقراً بصوت عالٍ وقرر، أتريد الاستمرار في عبوديتك أم أن لديك خيارات أخرى؟