هل ينقرض الجاموس السوري؟
يعتقد أن الجاموس قد أدخل إلى بلادنا في بدايات القرن العشرين من الهند، لكن الدراسات الحديثة تشير إلى أنه كان موجوداً في العراق منذ القرن السادس الميلادي، وانتشر في المنطقة منذ ذاك الزمن ومازال موجوداً في مناطق الأهوار في الجنوب العراقي حتى الآن، وتوجد منه أعداد قليلة في سورية في القامشلي والمالكية والغاب.
يتميز الجاموس بكبر حجمه فمتوسط وزنه هو 800-1000 كلغ، وهو محب للبيئات غزيرة المياه كالمستنقعات حيث يمضي قسطاً كبيراً من يومه في المياه، المجاورة للمراعي الخصبة، كما في قطينة والغاب.
ويروي كبار السن أن الجاموس الذي ربي في الغاب في بداية القرن الماضي قد تم شراؤه مقابل كميات محددة من القمح، وانتشرت تربيته في القرى المحاذية لبحيرة الغاب، وفي القرى الموجودة داخل البحيرة، تلك التي لا تغمرها المياه أثناء فيضان العاصي.
وسميت بعض القرى بناء على وجوده كقرية «الجماسة»، كما أطلق المربون أسماء فتيات على إناث جوامسيهم لتعلقهم بها مثل: فريدة وجميلة وصبحة وشمس وغيرها.
وتزايدت شريحة المربين المعتمدين على تربية الجاموس ومنتجاته من لحوم وألبان، يقول أحد المربين القدامى: كانت أعداد الجاموس تزيد أعداد الأبقار بضعفين أو أكثر في الغاب.
ولعب المربون دوراً في التحسين الوراثي للجاموس من حيث الإنتاجية للحوم والحليب حتى كادوا يسمونه «الجاموس السوري».
عندما جُفف الغاب
بدأت تربية الجاموس بالتراجع عند البدء بمشروع تجفيف الغاب في ستينيات القرن الماضي، وتراجع المسطحات المائية والمراعي، ووزعت معظم الأراضي حسب قانون الإصلاح الزراعي على الفلاحين، وبقي القليل منها بصفة مراعٍ، لكن المرسوم الزراعي للاستثمار الزراعي للعام 1989 أعطى معظمها لشركات الاستثمار الزراعي (غدق وبركة) ولم يبق من تلك المراعي شيء يذكر.
ونتيجة جفاف الأرض تراجعت أعداد الجواميس، ولم يبق إلا أعداد قليلة من الرؤوس موزعة على عدد من القرى، حيث بقيت بعض البرك، واعتُمد في تغذيته على العلف، وهو مكلف جداً لمثل هذا الحيوان الضخم.
تعالت أصوات سكان الغاب للحفاظ على الجاموس، إذ أصبح مهدداً بالانقراض ههنا، ونتيجة لضغوطات عديدة، تم إحداث محطة بحوث الغاب لتطوير وتحسين الجاموس في العام 1995، وهي تقع في قرية ناعور شطحة في الجوار من محطة تربية الأسماك، وتتوفر فيها البيئة المائية التي تغذيها ينابيع الجبال الساحلية المحيطة.
هل ينقرض؟
حددت مهام المحطة بدراسة خصائص الجاموس واحتياجاته وطاقته الإنتاجية، وتطوير سلالات متخصصة بالحليب، وتطوير قدراته الوراثية بالتربية الحديثة، ودور الرعاية والتغذية المحسنة في رفع خصوبته، وتحديد المقننات الغذائية في أطواره العمرية المختلفة، وتحديد السلوك الغذائي في المراعي الطبيعية.
حيث هدفت إلى تحسين الجاموس السوري خوفاً من انقراضه، والاهتمام بالقطيع لدى المربين والرعاية البيطرية، مما ساهم في ازدياد عدد الرؤوس من 300 رأس في العام 1994 إلى 736 رأساً في العام 2000، إضافة إلى قطيع المحطة البالغ عدده 83 رأساً في العام 2000، ووصل العدد إلى 1200 في العام 2009.
علماً أن دائرة التغذية في المحطة تعمل على تحسين عجول الجاموس بالتغذية على الأتبان المعالجة باليوريا.
وتقوم دائرة التربية بدراسة معدلات النمو اليومي للمواليد، تحت نظام التربية نصف المكثفة، ودراسة المواصفات، الإنتاجية والتناسلية، ويجري الاهتمام في دائرة الصحة الحيوانية بمرض البروسيلا (الإجهاض الساري).
تعاني المحطة من جملة من المشاكل أهمها غرق أراضي المحطة سنوياً وبالتالي فشل وجود مراعٍ مفتوحة والحصول على مراعٍ علفية.
الباحثون يجدون الحل
وقد قدم باحثو المحطة مقترحات لمعالجة هذه المشكلة، منها: أن تحفر في نصف مساحة المحطة أحواض لتربية الأسماط، وتنقل التربة الناجمة من الحفر إلى المساحة المتبقية من المحطة مما يبقيها مرتفعة لا تغرق وخاصة إن زرعت بنباتات تناسب رعي الجاموس أو نباتات علفية مناسبة.
ويستفاد من تلك الأحواض بمحصول سمكي، ويفضل أن تكون أنواعاً محلية بحيث لا يتعارض وجودها في الأحواض مع وجود الجاموس أثناء فترة السباحة في الحوض.
ولم تقابل هذه المقترحات حتى الآن بالجدية اللازمة لدراستها، مع العالم أن كادر المحطة متخصص ومتحمس للعمل، ولديه طموح جدي لتطوير المحطة.