الألعاب الإلكترونية بوصفها مخدّر يأسر الدماغ
الأرجح أنه لم يكن مفاجئاً لمتابعي الشأن المعلوماتي ما سرّبته «منظمة الصحة العالميّة» أخيراً، عن اعتزامها تكريس إدمان الإنترنت Internet Addiction مرضاً نفسيّاً في تصنيفها العلمي المقبل. وإذ يسير الحديث عن إدمان الإنترنت منذ سنوات طويلة، تحديداً قبل بداية الألفية الثالثة، فالأرجح أن ما لفت في إعلان المنظمة الدوليّة هو أنه جاء بعد أسابيع قليلة من موجة عاتية من النقاش عن العلاقة بين الألعاب الإلكترونية و... الانتحار.
وتذكيراً، ظهر أول مستشفى لعلاج إدمان الإنترنت عام 1999، وأسسته الطبيبة النفسيّة الأميركية كيمبرلي جونز، وكان مختصاً بالتحديد بعلاج إدمان الجنس الافتراضي Cyber Sex عبر شبكة الإنترنت. ومذاك، لم تتوقف الأرقام والمعطيات عن التدافع عن إدمان الإنترنت، خصوصاً إدمان الألعاب الإلكترونية.
في أواخر آب (أغسطس) من العام الحالي، انشغلت وسائل إعلام أميركيّة وعالميّة من بينها هيئة «بي بي سي» البريطانية، بحادثة إقدام الشاب الأميركي ديفيد كاتز (24 سنة) على قتل شخصين وجرح 11 آخرين بواسطة مسدس، عقب خسارته في مسابقة للألعاب الإلكترونية تُحاكي مسابقة كرة الريغبي الأميركية، في أواخر آب 2018. واختتم كاتز تلك الفورة من العنف القاتل، بالانتحار بإطلاق الرصاص على نفسه.
والأرجح أن ذلك الانتحار الذي اختتم مشهد العنف الفردي المنفلت في «جاكسونفيل» بولاية فلوريدا في مسابقة للألعاب الإلكترونية، كان تعبيراً مكثفاً عن مشكلة شبابيّة معاصرة هي: الانتحار بالألعاب الرقمية.
وآنذاك، لم يركّز الإعلام كثيراً على كون حادث «جاكسونفيل» انتحاراً شبابيًاً، وأنه يتصل بالتكنولوجيا الرقمية. ربما لا يصعب الحديث عن عنف دموي مارسه كاتز (قتل وجرح آخرين) ثم ارتدّ على صانع العنف نفسه بالانتحار.