الإعلانات بين المراحيض والروايات الأدبيّة
مايكل ساندل مايكل ساندل

الإعلانات بين المراحيض والروايات الأدبيّة

ورد في كتاب مايكل ساندل «ما لا يستطيع المال شراءه» عن الصبغة السوقيّة التي تجد مكانها بيننا دون حدود، متمثلة بشكل جزئي بالإعلانات:

تعريب: عروة درويش

... سمحت الشاشات الموضوعة بشكل استراتيجي للمعلنين أن يسترعوا انتباه الناس خلال اللحظات القصيرة في اليوم، والتي لا يكون فيها حتّى لأكثر الناس تعجلاً وتشتتاً الخيار سوى بالوقوف والانتظار – كما في المصاعد بينما تنتظر الوصول لطابقك، وفي الصرّاف الآلي عندما تنتظر سحب نقودك، وفي محطّة البنزين عندما تنتظر ملئ خزانك، وحتّى عند المباول في المطاعم، والبارات، وبقيّة الأماكن العامّة.

اعتادت إعلانات التواليتات أن تتضمن ملصقات غير مشروعة وكتابات على جدران أكشاك المراحيض وبقيّة جدران التواليت، عليها أرقام هواتف مومسات وخدمات مرافقة. لكن بدأ الاتجاه الجديد يسود في التسعينيات. فوفقاً لمقالة في (أدفرتايسنغ إج): «أبعد المعلنون، أمثال شركات سوني ويونيليفر ونينتندو ومعهم أكبر شركات المشروب وشبكات التلفزة، الساقطات والمهووسين جانباً لبثّ رسائلهم التجارية أمام مجموعة ممّن حلّوا أزرار بناطيلهم وأنزلوها للأسفل». أصبحت إعلانات مزيل العرق والسيارات والتسجيلات وألعاب الكمبيوتر متقنة الصنعة، مألوفة على جدران الحمامات والمباول. بحلول 2004، شكّلت شركات إعلانات التواليتات، والتي تستهدف الجمهور الشاب الثري المجبر بالتأكيد، مجال أعمالٍ بقيمة 50 مليون دولار. لدى شركات إعلان التواليتات منظمتهم التجارية الخاصّة، والتي عقدت مؤخراً مؤتمرها السنوي الرابع عشر في لاس فيغاس.

وفي حين بدأ المعلنون يشترون مساحات إعلانية على جدران التواليتات، وجدت الإعلانات طريقها كذلك إلى داخل الكتب. لطالما كانت المنتجات مدفوعة الأجر إحدى مظاهر الأفلام والبرامج التلفزيونية، لكن في 2001، قامت الروائية البريطانية فاي ويلدون بتأليف كتابٍ بتفويض من شركة المجوهرات الإيطالية «بولغاري». وافقت ويلدون، مقابل مبلغ مالي غير معلن، على ذكر مجوهرات بولغاري في الرواية اثنا عشر مرّة على الأقل. نُشر الكتاب الذي حمل اسم «روابط بولغاري The Bulgari connection» عن طريق دور نشر هاربر كولينز في بريطانيا، وغروف-أتلانتيك في الولايات المتحدة. لقد تجاوزت ويلدون عدد الإشارات المتفق عليها للمنتج، بذكرها بولغاري 34 مرّة.

أبدى بعض الكتّاب غضبهم من فكرة رواية ممولة من شركة، وناشدوا محرري الكتب ألّا يقوموا بعرض كتاب ويلدون. قال أحد النقاد بأنّ وضع المنتجات سوف: «يذوّب ثقة القراء في أصالة القصّة». أشار آخر إلى أنّ الجمل المثقلة بالمنتج مبتذلة، كما في جمل مثل: «تقول دوريس: قلادة بولغاري في اليد أفضل من اثنين على الشجرة». أو: «لقد احتضنا بعضهما معاً لبرهة، وتمّ استحضار كلّ العاطفة. وقد قابلته في بولغاري على الغداء».