المنتخب السوري ليس شركة خاصة
منتخبنا ملك لجمهوره، ووطنه، وليس شركة خاصة تدار لصالح قلة قليلة بهدف الربح
فهد عربي فهد عربي

المنتخب السوري ليس شركة خاصة

نشرت صحيفة الاتحاد الناطقة باسم منظمة الاتحاد الرياضي العام في عددها 1791 الصادر في يوم الأحد الماضي، مادة بعنوان (منتخبنا الكروي بين التخويف والتشويق والتشويش)، استغرب فيها كاتب المادة، ما وصفها «بنغمة النشاز الجديدة في أفق المنتخب»، والتي جاءت بالتزامن مع بدء رحلته التحضيرية، وذلك استعداداً لمباراة الصين المصيرية، ضمن التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم.

تأتي المادة السابقة ذكرها رداً على احتجاجات جمهور الكرة، ومتابعي المنتخب، ورفضهم لبعض القرارات الإدارية في الفترة القريبة الماضية، ومطالبتهم بتبريرات مقنعة لها، حيث تم استبعاد مدرب الحراس صفوان الحسين لدواعٍ صحية، وكذلك استبعاد اللاعب أسامة أومري بحجة رفضه تلبية الدعوة!

وسرعان ما تبيّن أنها «مجرد ذرائع»، فالكابتن صفوان قائم على رأس عمله مع فريق الاتحاد، وظهر لاعبنا في فيديو مسجّل يعلن أنّه لم يرفض الدعوة بتاتاً. تجاهل القائمون كل الضجة التي عبرت عنها جماهير المنتخب، وكالعادة «إدن من طين وإدن من عجين»، والأسوأ أن المادة أتت لتهاجم المطالب المحقة بالتوضيح والتفسير!

والمادة المنشورة في وسيلة الاتحاد الإعلامية، تعبر عملياً عن موقف أو رد المنظمة الكروية على حالة الغضب بين جماهير الكرة، وسنحاول هنا أن الوقوف عند بعض النقاط الواردة في المقال المذكور، لنحاول قراءة الرسائل التي يريد الاتحاد إيصالها للجماهير، والتي حملتها المادة بعبارات مثل (نغمة جديدة – حبكة درامية – فيلم هندي – بطل خارق حارق ساحق – لعبة جماعية)...

«نغمة جديدة تعزف في أفق منتخبنا»
يتجاهل المعنيون الاحتقان الكامن في نفوس جماهير الكرة،  والذي يعبرون عنه اليوم من خلال الإعلام الجديد، الذي يعتبره المقال «نغمة جديدة»، فالجمهور محتقن من الطريقة (المبكية المضحكة) والإهمال الذي تدار به الأمور، ولا أحد ينسى الطريقة التي خرج على إثرها منتخبنا عام 2008 من تصفيات مونديال 2010، لأن الاتحاد في ذلك الوقت، لم يكن يعلم حقيقة نظام التأهل، وقد «تفاجأ به» في نهاية التصفيات قبل بداية المباراة الختامية بيومين أمام فريق الإمارات، علماً بأنّ التصفيات تمتد خلال فترة تقارب العامين! ولم يكن أسوأ من ذلك سوى الطريقة التي خرج بها منتخبنا عام 2011 ضمن تصفيات مونديال 2014 فالاتحاد حينها لم يكن يعرف كيفية إتمام الأوراق الثبوتية للاعبنا جورج مراد، ليقرّر الاتحاد الدولي خروجنا لذلك السبب، وذكرت تسريبات في ذلك الوقت أنّ تلك الحادثة مفتعلة أملاً ممن ارتكبها ليرأس الاتحاد في الانتخابات اللاحقة...

إنّ ذاكرتنا ما زالت حية بالكثير من الانتكاسات، وثقة الجمهور تكاد تكون معدومة بالقائمين، والخشية من تكرار الأخطاء موجودة،  ولكن ما ينبغي لفت الانتباه إليه، اختلاف خصوصية اليوم عن الأمس، ففي السابق كانت تتردّد الإشاعات عن أخطاء القائمين على الأمر وسذاجتهم، والتي لا تعرف حقيقتها في الحال، إلى أن تصدر الصحف الرياضية المختصة أو يحين موعد البرنامج الرياضي الأسبوعي ليكون من «ضرب ضرب ومن هرب هرب»، أمّا اليوم فلا يكاد يحدث شيء كبير كان أم صغير، حتى ينتشر بسرعة فائقة، فيقابل بانتقادات هائلة كماً ونوعاً، بحكم انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الالكتروني، فعلى ما يبدو، أن هذه الميزة هي النغمة الجديدة التي لم يعها البعض حتى اليوم ثمّ عن أي أفق يتحدّث هؤلاء، إذا كان التخبّط والارتجالية طابعاً مميزاً لإدارة المؤسسة الكروية، في ظل غياب خطط علمية واضحة؟

«مفردات الذعر والحبكات الدرامية»
اعتبرت المقالة المذكورة أن البعض من الإعلامين وأصحاب مواقع التواصل الاجتماعي، تعمّدوا عن علم أو جهل، إلى «بث الذعر» من خلال المفردات التي كتبوها وأرجع الحبكات الدرامية التي نشرت بهدف الإثارة فقط، وميّز القسم الأول منهم اللذين يعتمدون على التشويق في الحبكة الدرامية، ساخراً منهم بعدم استطاعتهم الخروج من بين جدران مدارسهم الإعلامية، وأنّ ذلك لا يعنيهم (أي لا يعني القائمين)،  ومصححاً لهم بأنَ تسويقهم لأنفسهم أمر مقبول، شريطة ألا يضر بالمصلحة العامة. في حين أرجع البعض الأخر إلى تعمدّه التشويش وهو الأمر غير المقبول من وجهة نظره.
علينا أن نسأل: ألا يستحق إقالة مدرب واستبعاد لاعب إلى توضيح بسيط فقط؟! دون الحاجة للحبكات الدرامية والتي سرعان ما تأكد انها غير صحيحة، فمن الذي يعشق الحبكات الدرامية الجمهور المعترض أم القائمين؟ وأين الكاتب الخائف على مصلحة المنتخب من الحبكات الدرامية للقائمين، والتي نذكر منها فقط على سبيل المثال لا الحصر العرض الوهمي لمورينيو!

«الغربة والظروف الصعبة وواجب التعايش معها»
عندما تقرأ تلك الكلمات بين أسطر المقال، فإنك ستتذكر حالاَ الذرائع السابقة للقائمين قبل الأزمة، والجاهزة لتبرير إقصائهم لخبراتنا الوطنية المتألقة خارج الوطن مع فرق محترفة، تحت شعارات (مصلحة الوطن أولاً – لا خبرة لديهم – العمل المؤسساتي)، هذا من جهة، من جهةٍ أخرى يغض المقال النظر عن التفاصيل الحقيقية لاحتقان الجماهير بخصوص موضوع اللاعبين المحترفين، فمنذ أكثر من عقد، ويماطل القائمون في تلبية رغبات الجماهير بدعوة اللاعبين السوريين المحترفين في أوروبا، وقد سئموا ملاحقتهم على وعودهم، ولجانهم التي تشكلت وحلّت، وحلّت وتشكلّت مرة وأخرى ودون أي جدوى، أمّا أن يصل الأمر كذلك بالنسبة للاعبين المحترفين في دوريات عربية، ففي هذا الكثير من التجاهل لرغبة جماهيرنا!

«لعبة جماعية لا فيلم هندي بطله خارق حارق ساحق»
تبين لنا المقالة، أننّا وقعنا بخطأ اختزال الفريق بلاعب أو اثنين، لما فيه من انتقاص بقدرات بقية لاعبي الفريق وإخلاصهم، وهو على حق في ذلك، ولكن باعتبار أنه من المعروف أن كرة القدم لعبة جماعية واتحادات وجماهير، وليست فيلم هندي بطله خارق حارق ساحق كما يقول، فهل يمكن أن يوضح لنا القائمون على الاتحاد وإعلامه الفيلم الهندي في الاتحاد ذاته، والمتمثل باستجلاب أسماء لا علاقة لها بالرياضة، ووضعها في مركز القرار وبصلاحيات مفتوحة.   

منتخبنا ليس شركة خاصة
تغيّرت الكثير من التفاصيل ما بين اليوم والأمس، ورغم ذلك ما زالت عقلية الإقصاء لخبراتنا الوطنية عن العمل ثابتة ومستمرة، وتدار شؤون كرتنا بعقلية هاوية لا علمية، لتناسب المصالح الخاصة لقلة قليلة، ولتتعارض مع مصالح الملايين من جماهير المنتخب ومصلحة كرتنا كذلك. وإن كان سابقاً يتجاهل المعنيون ذلك، فليكن بعلمهم أنّ درجة احتقان جماهير هذه الرياضة كبيرة اليوم، وقد خرج الجمهور عن تقليده المعتاد، وذلك بعد أن بيّن الواقع عقم القوانين المعتمدة في المؤسسة الكروية مع تتالي الإخفاقات، غير المفهومة إلا بالمصالح الضيقة لأصحاب القرار. منتخبنا ملكنا جميعاً ولم يعد الجمهور يرضى «بالمشاركة المشرفة»، أو يقبل بتبريرات الظروف الصعبة، وذلك لعلمه بقدرات لاعبي فريقنا الفنية، والتي تؤهلهم للوصول إلى منصات التتويج، إنّ منتخبنا ملك لجمهوره، ووطنه، وليس شركة خاصة تدار لصالح قلة قليلة بهدف الربح، وما عليهم إلا العمل ثمّ العمل للاستفادة من الثروات البشرية الموجودة في بلدنا من خبرات ولاعبين.

دعم المنتخب واجب الجميع
تفرض الأخلاقيات دعم منتخب الوطن خاصةً في الفترة الحالية مع وصوله لمرحلة حاسمة، فمن المرات القليلة في تاريخه التي وصلنا فيها إلى ما وصلنا إليه الآن، وبجهد لاعبيه بالدرجة الأولى، الأمر الذي يتطلب منا عدم التسامح مع أي خطأ إداري يرتكب، ودفعهم إلى العمل لدعمه، فعلاً وقولاً. فليخرج المعنيون من غرفهم المغلقة وليعتادوا التعامل معنا بوضوح، فقد جاء الوقت الذي يجب أن نعلمهم أن «طريقة عملهم السابقة قد ماتت»، فأخذ الشيء في السر ممنوع وكل سلوك معيق لمسيرة منتخبنا مرفوض، ولن نقبل بما هو أقل من التأهل، والظروف الصعبة المعيقة التي يتذرعون بها لم تعد مقنعة، ولا بدّ من تذكيرهم بالمنتخب العراقي 2007الفائز بكأس آسيا في ظروف مشابهة للظروف التي نقاسيها اليوم.

الجدير ذكره، أنّ منتخبنا يستعد للقاء منتخب الصين في ماليزيا منتصف الأسبوع القادم، في الجولة السابعة للتصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم في روسيا 2018، في مباراة لا ينفعنا فيها سوى الفوز للحفاظ على آمال التأهل، وتحضيراً لها من المقرّر أن يلتقي فريق اليابان في طوكيو يوم غد، وكان منتخبنا تعادل مع الفريق العماني ودياً يوم الجمعة الفائت.

آخر تعديل على الثلاثاء, 06 حزيران/يونيو 2017 22:30