وجدتها: التراكم الضروري في العمل البحثي
في نوع من الوعي الذاتي تزايدت أعداد الباحثين في المجال العلمي في السنوات الماضية، متناسبة مع الاحتياجات الوطنية المتزايدة على الدوام رغم أن مؤسسات البحث العلمي، التي في معظمها متوسطة وصغيرة الحجم وذات طاقات علمية وتقنية وتمويلية محدودة تكاد لا تصل العتبة الحرجة اللازمة للانطلاقة الفعلية للبحث والتطوير، إن الأعداد المطلوبة للإنطلاق، والتي لم تصل بعد إلى النقطة الحرجة تتعرض لضغوط كبيرة في سبيل تخفيضها، ويمكن تفسير ذلك بطريقة واحدة فقط، ألا وهي الوقوف في وجه التقدم البحثي، الذي يعد المقدمة الضرورية للتنمية والنمو الضروريين في هذه المرحلة وفي المراحل كلها.
إن تراكم كميات من الأبحاث التي يؤديها عدد متزايد من الباحثين، هو ما يُوجد الأرضية الضرورية لفرز الأفضل من البحوث والباحثين ويعزز أهمية البحث العلمي في عمليات التنمية والتطوير، وخاصة في مواجهة العجز الكبير الناجم عن انقطاع سلسلة التطور الطبيعي الذي سببته الحرب.
إن إيجاد قاعدة وطنية علمية وتقنية متطورة تعمل على مواجهة التحديات العلمية والتقنية الراهنة والمستقبلية والوصول إلى المستوى المطلوب، يتطلب حشد وتعزيز وتنمية القدرات والإمكانات العلمية والتقنية، وتوجيهها نحو الأولويات والاحتياجات الوطنية، كما يتطلب تنمية وتطوير النظم والبنى المؤسسية للتعليم، والبحث العلمي، والتطوير التقني، وتوفير البيئة المناسبة اللازمة للإبداع والابتكار والتطوير، وهو ما لا يتأتى إلا من خلال خطة وطنية للعلوم والتقنية، تجسد رؤية استراتيجية واضحة وشاملة بعيدة المدى تعمل على تحديد الأولويات، ورسم التوجهات المستقبلية للمنظومة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار، وتحقيق الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة.
يستند إعداد هذه الخطة على جملة من الأنشطة والمراحل بدءاً من التعرف على الوضع الراهن للعلوم والتقنية، فاستشراف مستقبلها محلياً وعالمياً، ومروراً باستنباط الغايات، فبناء المشاهد ورسم السياسة الموصلة لتلك الغايات، وانتهاءً بصياغة الأهداف المحددة، ووضع البدائل والخيارات للاستراتيجيات الفرعية، ومن ثم وضع البرامج التنفيذية والمشروعات.