في صراع العلم والفساد
حاولت العديد من رموز الفساد على الدوام، لَيّ ذراع الحقيقة العلمية كي تتناسب ومصالحها، من خلال مجموعة كبيرة من الاستراتيجيات والسياسات، في شتى المجالات، طوال فترة استشراء الفساد وانتشاره، على مهل تارة وعلى عجل تارة أخرى.
لكن الفترات الأخيرة، المتمثلة في دخول مرحلة الحرب إلى سورية، علت للمعركة أبعاداً أخرى تفوق بما ليس له قرين أياً من مراحلها السابقة.
فبات تهديد العلماء والباحثين والعاملين العلميين من طبيعة الأمور، ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى التهديد العلني، لكن المؤسف فوق ذلك، هو تواطؤ بعض الجهات في عملية التهديد تلك، حتى تلك الجهات التي من المفترض أن تكون هي الجهة الحامية والمدافعة عن حقوق المواطنين، والساهرة على التحقق من تطبيق القانون على أتم الأحوال.
وبات تزوير الوثائق سهلاً وعلنياً، وليس هناك أي مجال للخجل في الإقرار، بأن الأمور يمكن أن تكون «حبية» من أجل تزوير تقرير علمي، لتمرير صفقات مليونية، على حساب أي ضمير علني يمكن أن يوجد لدى العاملين العلميين.
يضطر بعض الباحثين نظيفو اليد إلى الاستعانة بدعم من زملاهم المشابهين لهم، في الذود عن مصالح ما تبقى من هذا الوطن الجريح، لصون ما تبقى من كرامته، في محاولات أخيرة لإثبات أن تجمع الشرفاء في وجه الفاسدين يمكن أن يجدي نفعاً.
إن استعانة الفاسدين بالجهات الرقابية والوصائية، لتمرير صفقات فسادهم، هو جزء من الحرب القائمة على سورية وفي سورية، ولا يقل هؤلاء شراً عن أولئك الحاملين للسلاح الأمريكي والصهيوني من التنظيمات.
إنهم يعلمون أن هذه هي الفرصة الأخيرة لهم، ليسرقوا أكثر ما يمكن، إنهم يخافون انتهاء الحرب، ويتمنون لو تبقى أطول وقت ممكن، فهي فرصة ذهبية لكل الفاسدين، لكنهم وفي مسار فسادهم هذا، يدوسون على ما تبقى من كرامة الباحثين، دافعين العديد منهم إلى الهرب، خوفاً على حياتهم وحياة أطفالهم، مفرغين هذا البلد من طاقات طالما استثمر فيها.
ويأتي بعد ذلك من ينكر تسرب طاقاتنا البشرية العلمية.
إنها حرب مفتوحة على كل الجبهات، حان لها أن تنتهي لتتوجه نيرانها إلى صانعي الفساد.