بعد صدور قرار إنهاء الإجازات..العمال بانتظار التنفيذ الكامل له
هاشم اليعقوبي هاشم اليعقوبي

بعد صدور قرار إنهاء الإجازات..العمال بانتظار التنفيذ الكامل له

ما إن صدر قرار الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية – شؤون مجلس الوزراء قرار رقم 2533/ص - والذي تضمن توجيهاً إلى الجهات العامة كافة بقرارات وتعليمات عامة، طالب فيها الجهات بالاطلاع والتقيد بمضمونه، وذلك قبل صدور الإجراءات التنفيذية له، والتي من المفترض أن ترافق القرار

سارع العمال والموظفون لدى الجهات العامة لإنهاء إجازاتهم القسرية المأجورة، عملاً بالفقرة (ي) من القرار، ومفادها «توجه الجهات العامة بالإيعاز لمديري التنمية الإدارية لديهم لإبلاغ العاملين لديهم لإنهاء الإجازة المأجورة الممنوحة والعودة إلى العمل أصولاً من تاريخ 1-9 – 2025 ورغم عمومية القرار ومركزية صدوره، تم التعامل من قبل الجهات العامة بخصوصية غير واردة في متن القرار، أو حواشيه، بل مجرد اجتهاد لا يرتكز على قواعد قانونية، وغرد البعض خارج السرب تماماً، كما فعلت الشركة السورية للاتصالات، التي مددت الإجازة المأجورة بعد صدور القرار لمدة شهرين، أو كما فعلت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية عبر مديرياتها بعدم استقبال الموظفين المطبقين للقرار، ومنعهم من الدخول لأماكن عملهم بحجة عدم ورود كتاب رسمي بذلك لتقوم لاحقا ًبإجراء جديد لن تجد له أي مرتكز قانوني، بسابقة لم يعرف القطاع العام مثلها من قبل، بل كانت وما زالت من أساليب وإجراءات القطاع الخاص.

في تاريخ 1-9 -2025 أصدرت لجنة تسيير الأعمال في الشركة السورية للاتصالات قراراً ممهوراً بختمها وتوقيع رئيسها تحت الرقم 584/1 القاضي بتمديد الإجازة المأجورة للعاملين في الشركة السورية للاتصالات لمدة شهرين بدءاً من 1-9-2025 وإنهاء العقود المبرمة معهم مع نهاية هذه الإجازة لعدم حاجة الشركة لهم، وفق القوانين الضابطة لعمل الشركات والاتصالات والنظام الأساسي كما جاء في كتاب القرار، كونهم لا يخضعون لقانون العاملين الأساسي، بل لقانون الشركات وهذا ما استغلته الشركة وأتاح لها إزاحتهم عن عملهم ومصدر عيشهم وفق تأويلهم، علماً أنهم سابقاً كانوا يخضعون لقانون العاملين، ورغم ذلك تعاملت الشركة على أنها ليست جهة عامة رغم أنها كذلك، ولكن بنظامها الخاص الذي لا يخولها اعتبار نفسها جهة خاصة، وخارج القرار الصادر عن الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، وبعيداً عن وضع نفسها خارج القرار، وغير ملزمة فيه، فهي قامت بقرارها الخاص بتعقيد وضع الشركة وعمالها بشكل كبير، وأطاحت بحقهم في العمل والأجر دون مبرر موضوعي، بل الاكتفاء بمقولة عدم الحاجة، مع العلم بأن الشركة غير مكتفية من ناحية الموارد البشرية، بالإضافة أن هذه ليست عقلية ومسؤولية جهة حكومية، بل عقلية رب عمل ينطلق من مصالحه الضيقة لا غير.

موظفو المنافذ وإشارات استفهام كبيرة؟

بالنسبة لموظفي المنافذ البرية والبحرية بمديرياتها ومؤسساتها، فإنها بالمرحلة الأولى لم تمضِ بتنفيذ القرار بذريعة عدم تبليغه لها بشكل مباشر، ومنعت الموظفين من إنهاء إجازاتهم والتحاقهم بوظائفهم ومنعت دخولهم إلى أماكن عملهم حتى الساعة، لكنها قامت بإعداد تعهد خطي دون ترويسة رسمية توضح الجهة القائمة عليه ومضمونه البيانات الشخصية والمديرية التابع لها والمسمى الوظيفي والإقرار بالأهلية القانونية والإرادة الحرة، وبأن الحضور شخصي وتحمل المسؤولية عن دقة البيانات إضافة إلى وضع نفسه تحت التصرف الكامل للجهة التابع لها، والتعهد بالالتزام بتوجيهاتها وتعليماتها الإدارية النافذة تحت طائلة المسؤولية، وفرض العقوبة القانونية والموافقة على النقل لأي جهة عامة، إذا اقتضت المصلحة العامة، وفق تقديرات الإدارة المختصة والتعهد بالموافقة على أي إجراء نقل تقوم به الجهة العامة، وفق نص المادة 136 من قانون العاملين الأساسي50 ويختم التعهد الخطي بأن الموقع عليه يدرك أن أي مخالفة قانونية للأنظمة والتعليمات المكتوبة والمعلنة سابقاً وليس فقط لمضمون التعهد ستعرضه للمسائلة الإدارية والقانونية، وفقاً للأنظمة واللوائح النافذة، وطبقاً للإجراءات القانونية الواجبة، وبذلك يكون هذا التعهد الخطي سابقة غير مسبوقة ويضع إشارات استفهام كبيرة حول الغاية منه ومسوغات تعميمه، علماً بأن جميع من تم اقصاؤهم من عملهم تم استبدالهم بموظفين آخرين، وهم على رأس عملهم دون بيانات وجداول رسمية وواضحة، ودون ملاك محدد، وهو ما يجعل لهذا القطاع بالذات خصوصية مجهولة المصدر والقرار.

عمال مشاغل الوسيم مجبورون على التعهد

في مشاغل الخياطة التابعة لشركة الوسيم، ولعدم تطبيق القرار فور صدوره، قامت الإدارات هناك أيضاً بصياغة إقرار خطي شبيه بسابقه، يضع فيه العامل نفسه بتصرف الجهة التي يتبع لها، ويتعهد بتنفيذ إجراءاتها في النقل والندب، ومن يعرف مشاغل الوسيم يعلم تماماً بأنها مشاغل مناطقية، أي أنه إذا جرى نقل أو ندب عاملة ما من مشغل لآخر، أو لجهة عامة أخرى، فسيتعذر عليها الالتزام بالعمل بسبب المسافة، خاصة أن القرار الصادر من الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية أعطى الصلاحية بالنقل ضمن المحافظة نفسها، وبذلك قد يجري نقل موظف من ريف جنوبي لآخر شمالي ومن مدينة إلى أخرى، وهذا ما يجعل العمل غير مجدٍ وشاقٍ، وقد تعوقه ضرورات اجتماعية بالغة الصعوبة، كالسكن ومدارس الأولاد وأجور المواصلات ..الخ، ويأمل العاملون المعنيون أن يتم توضيح ذلك بالإجراءات التنفيذية للقرار، التي ما زالت غائبة حتى الآن، مما يجعل تطبيقه مرهوناً بعقلية هذه الجهة الحكومية أو تلك.

إيقاف المواصلات تقنين أم تطفيش؟

أما الجهات التي التزمت بالقرار فلدى عمالها مشاكلهم الخاصة أيضاً، فعشرات الجهات أوقفت المواصلات الخاصة بالعمال تحت بند تخفيض النفقات، وهذا بحد ذاته مصيبة، فأجور النقل من وإلى العمل ستأكل نصف الراتب، هذا إن كانت ضمن المدينة، أما إذا كان العامل من سكان الريف البعيد فسيطير الراتب كله، وأصبحت الاستقالة خياراً أفضل له، ونرجو أّلا تكون هي الغاية من وراء منع العمال من حق النقل، وهناك من لم يجد له مكاناً يمارس عمله به، سواء كان غرفة أو مكتباً صغيراً، وهذا ينطبق على الموظفين بالقطاع الخدمي والإداري، وهنالك العمال المنتجون الذين أوقفت معاملهم، وإنهاء الإجازة بالنسبة لهم تحصيل حاصل، فلا عمل قائماً يعودون إليه، وبناء على ذلك كله، وريثما يتم إصدار الإجراءات التنفيذية للقرار، لا بد من الجهة المصدرة للقرار من متابعة كافة الجهات الحكومية المشمولة بالقرار، ورصد كل ما يخالف جوهر القرار ويمس بمصالح العمل والعمال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1242