الانتخابات النقابية: يأس.. إحباط.. لا مبالاة!
قالت منظمة العمل الدولية في تقرير حديث لها إن الحقيقة المرَّة تتمثّل في عدم قدرة نحو 375 مليون عامل وعاملة على كسب ما يكفي للحفاظ على أنفسهم وأسرهم تحت خط الفقر المدقع الذي يبلغ 1.25 دولار يومياً.
بعد تأجيل موعد إجراء الانتخابات النقابية حوالي السنتين من استحقاقها بسبب الأزمة التي تعصف في البلاد، قررت قيادة الاتحاد العام لنقابات العمال مؤخراً إجراءها (بمن حضر) وبالأماكن الجغرافية التي تسمح بذلك، ودون أيّة حملة دعائية للمرشحين ودون أيّة برامج..
إن ذلك تم مع استبعاد تام لمحافظة «الرقة» عن هذا الاستحقاق. وطبعاً بالكيفية بنفسها التي كانت تجري فيها الانتخابات قُبَيل الأزمة (قائمة جبهة وما إلى ذلك..). ولا شك أن الانتخابات مرهونة بظرفها السياسيّ، فهل الظرف الراهن يخدم نجاح العملية الانتخابية؟ لقد كان الموعد السابق لإجرائها في أواخر عام 2012 لكن تم تأجيلها بسبب أن أكثر من ثلث البلاد كان ضمن المناطق الساخنة، وأكثر من ثلث الشعب السوري خارج منازلهم نازحون ومهجرون، وأن الوضع الأمنيّ بشكل عام لا يبشّر بالخير، وأنّ.. وأنّ.. فهل تغيرت الآن الظروف السياسية والميدانية نحو الأفضل لتقرر قيادة الاتحاد خوضها؟!.
تأجيل الانتخابات
كلنا يدرك أن النقابات على درجة عالية من الأهمية في حياة العمال لما لها من دور وتأثير على واقعهم المهنيّ وعلى حياتهم المعيشية. وكنا نتمنى أن تؤجل الانتخابات إلى وقت لاحق تكون من ضمن تفاصيل «سلة» الحلّ السياسيّ للأزمة العامة لسورية، إلى جانب انتخابات الإدارة المحلية والنيابية والرئاسية.
وإذا كان لدى بعض من يدافع عن الانتخابات الحالية بحجّة إطالة أمد التأجيل وأصبح هناك شواغر في اللجان النقابية بسبب الوفاة والتقاعد وغيرها.. فهي ليست كافيّة ومبررة لإجراء انتخابات بقوائم مغلقة. ومن جهة أخرى، فإن إدارة العملية الانتخابية بعقلية ما قبل الأزمة، تضيف فرصة ضائعة أخرى للعديد من الفرص التي جرى إهدارها، بدءاً من اللقاء التشاوريّ في تموز 2011، والذي تمّ التهرّب من تنفيذ توصياته الهامة، إلى انتخابات الإدارة المحلية إلى النيابيّة إلى الرئاسية وانتهاءً بالانتخابات النقابية التي تركت أكثر من إشارة استفهام. وهذا ما سوف نلمسه من الاستطلاع التاليّ الذي أجريناه في شركة كهرباء اللاذقية التي أجرت الانتخابات في 28/10/2014:
حقوقيّ كناخب
العامل محمد. أ: «صدقاً لم أسمع بموعد الانتخابات إلا بعد إجرائها! ولم ألتقِ مع أيّ ممثل نقابيّ ليوضّح لي حقوقيّ كناخب، ولا أعرف اسم رئيس لجنتنا النقابية ولا رئيس اتحاد عمال المحافظة، ولا حتى اسم رئيس اتحاد نقابات العمال. إننا نعيش غربة حقيقية تاريخياً مع قياداتنا النقابية بمختلف مراتبها».
العامل سومر. ز: «دخْلك، وما الفائدة من هذه الانتخابات؟ سواء حصلت أم أُجِّلت النتيجة واحدة.. نشاط النقابيين يقتصر خلال الحملة التي تسبق موعد إجراء الانتخابات بأيام ليضمن فوزه، وبعدها تنساه لأنك لن تراه.. هذا سابقاً، أما في هذه الدورة فقد تمادى المرشحون في استخفافهم بنا لدرجة أنهم استغنوا تماماً عن أيّ حملة دعائية بسبب ثقتهم بنجاحهم بالتزكية كون القوائم مغلقة».
لا مبالاة
النقابي هيثم. ق: «يا أخي نحن شعب لا يقرأ، لقد علّقنا على مدخل الشركة جداول بأسماء العمال والمرشحين وأوضحنا مناطق توزّعهم وموعد الانتخابات.. وقلنا أهلاً وسهلاً بمن يرغب بالترشح وبغض النظر عن انتمائه السياسيّ.. إلا أنه لا حياة لمن تنادي! هناك لا مبالاة غير مفهومة إطلاقاً من قبل العمال!!».
أخيراً، وبعد أن باشرت النقابات انتخاباتها معتمدةً على اللون الواحد – المعارضة لا وجود لها – ضاربةً عرض الحائط بكل الملاحظات والاقتراحات التي قدّمناها، لا يسعنا إلا القول: سيأتيّ اليوم الذي تستعيد فيه النقابات دورها الوظيفيّ من خلال الاختيار الصحيح لممثليها، شاء من شاء وأبى من أبى.. وإن غداً لناظره لقريب.