الاعتصامات العمالية لؤلؤة في بحر من الظلام
سامان كريم سامان كريم

الاعتصامات العمالية لؤلؤة في بحر من الظلام

إن احتجاجات واعتصام العمال في شركة نفط الجنوب في البصرة، هي لؤلؤة في بحر من الظلام، هي الوميض الذي يرى فيه الإنسان مستقبله، وهي حدث عمالي أهم خلال أكثر من عقد، وخصوصاً منذ مجيء الاحتلال وموديله في الحكم الإسلامي الطائفي، والقومي.

إن الاحتجاجات الحالية في البصرة، من حيث مدتها الزمنية وتنظميها، ومدى انتشارها من الناحية الإعلامية هي الأهم خلال عشرة السنوات السابقة، وهذا تعبير عن ارتفاع الوعي الطبقي لدى العمال من جانب، وانتشار اللحمة الطبقية في القطاع النفطي في البصرة من الجانب الثاني، يضاف إلى ذلك ظهور عدد من العمال الطليعيين الذين كسبوا ثقة أكثرية العمال، وهذه كلها تضاف إلى الرصيد النضالي للطبقة العاملة.

إن محتوى أي نضال طبقي للعمال، هو نقد عملي بوجه الرأسمال وسلطته، وهنا بوجه شركة نفط الجنوب والشركات الأجنبية، والسلطة التي تدافع عن الرأسمال، بعبارة أخرى إذا كنَّا نطلب التغيير، فالحركة الثورية العمالية هي التي تحقق التغيير المطلوب، وليس النقد،  كحركة احتجاجية هي نقد نضالي، وعملي بوجه طغيان رأس المال هذا هو محتوى النضال الطبقي للعمال بغض النظر عن أشكال بروزه، لأن الترجمة السياسية والفكرية، والنظرية لهذه الحركة تظهر على صعيد الشعارات والمطالب، وتصريحات العمال، وخصوصاً قادة الاحتجاجات، والأشكال التنظيمية التي تلحم العمال وتوحدهم، من هنا تبرز رؤيتهم حول العالم وأفقهم النضالي، وتبرز مدى سعة وعمق الوعي الطبقي لدى قادة الاحتجاجات بشكل خاص، والعمال بصورة عامة، لأن فصل العمال على أساس القومية أو «الوطنية» أو «الأجنبية»، كلها تصب في خانة هدم الاتحاد العمالي، وشق صفوف الطبقة العاملة، وتشرذمها بيد العمال وحركتهم، هذه هي المصيبة والمرض الفتاك التي تعاني منه الحركة العمالية في العراق، وباقي البلدان في العالم العربي، والطبقة العاملة في مصر نموذج آخر.

إن هذه الشركة كانت موجودة، وتم دمجها بوزارة النفط في سنة 1987 بقرار من صدام حسين، وتم إبطال قانون شركة النفط الوطنية على أثره، وبعد مجيء الاحتلال، وقوانين بريمر سيئة الصيت، فتحت الأبواب مرة أخرى لمناقشة هذا القانون.

حين نتحدث عن توحيد الصفوف، يتطلب أول ما يتطلبه، اكتساب الرؤية السياسية لهذا الأمر أي أمر توحيد الصفوف، بدون اكتساب وإدراك الوعي الطبقي اللازم لهذه المهمة في داخل الصف الطليعي للطبقة العاملة، ليس بإمكاننا أن نتحدث عن توحيد الصفوف، هذا الوعي هو البداية، وهذا الوعي هو وعي البيان الشيوعي لماركس وانجلز، بعد ذلك يتطلب النضال الطبقي على الصعيد اليومي من أجل تحسين الأمور المعاشية هو بؤرة وإطار لهذه العملية، أي عملية توحيد الصفوف، إن لم نقل كل مطالبهم مشتركة، نقول إن أكثرية مطالب العاملين هي مطالب واحدة، في سبيل زيادة الأجر، أو تقسيم الأرباح السنوية، أو الضمان الصحي، أو ضمان البطالة، هذه المطالب هي مطالب عالمية على صعيد الطبقة العاملة، وهي التي توحد الصف العمالي، إذا لدينا الرؤية التي نعمل عليها، إننا نمارس نضالنا وفق تقاليد الأممية العمالية.

إن البرجوازية تعمل، وكأن العالم كله أرض وملكٌ لها، وتعمل كما يحلو لها، وتصدر رأسمالها إلى أبعد بقاع العالم، رأسمال يتكون عالميا، ومتعدي القوميات، تعمل كطبقة موحدة عبر مؤسساتها العالمية والمحلية، إننا نرى ذلك كيف تعمل الحكومة العراقية عبر قوانينها المختلفة، قانون الاستثمار، وقانون دمج الشركات، مشروع قانون النفط والغاز، وقانون شركة النفط الوطنية، وهي كلها قوانين متفق عليها من كافة الأطراف البرجوازية العراقية، الكردية والعربية، والإسلامية، وأيضاً مع البرجوازية العالمية عبر مؤسساتها العالمية، أو عبر الاتفاقيات المشتركة، إذاً هذه القوانين هي قوانين، وسياسات في سبيل أن تنعم البرجوازية العالمية، والمحلية بجنة الأرض، ومتفقون لتحميق الطبقة العاملة وتضليلها عبر الوطنية والأجنبية لكي تنعم الطبقة العاملة بجهنم الأرض!!.

اعملوا ومارسوا نضالكم الطبقي بصورة موحدة، مثل ما تمارسه البرجوازية بصورة موحدة على رغم اختلافاتهم في وجهات النظر والرؤى، وفكوا الأغلال السياسية التي ركبتها البرجوازية في أعناقكم، الوطنية والأجنبية، والأوهام الدينية والطائفية، حينذاك ستشرق شمس الحرية والمساواة بسواعدكم النضالية.

 بتصرف عن «إلى الأمام»