الذهب العتيق
ناريمان عاطف ناريمان عاطف

الذهب العتيق

تعمَّدَت نحو ثلاثين سيدة التخلصَّ مما علق بهنَّ من أدران باتت تشكل الثقافة المشوهة السائدة اليوم. وخلال طريقهن الذي أدى بهنَّ أخيراً إلى إحياء حفلِهنَّ الثاني على مسرح مجمَّع دمر الثقافي يوم الثلاثاء، الواقع في التاسع من الشهر الحالي، التفَّ شالٌ خمري رقيق حول عنق كلِّ منهنِّ كاختزال لزيٍّ موحَّد، وحوَّطهنّ عنوان (دهب عتيق) ليشكَّلا معاً إطاراً لمظلةٍ يجتمع في ظلها كورال بقيادة المايسترو حسام الدين بريمو.

امتلأ المسرح المغلق في المجمع طوال ساعة وثلث هي زمن الحفل، ولم تتسع مقاعده للجمهور الذي اضطر بعضه للحضور وقوفاً أو جلوساً على الدرجات للاستماع إلى اثنتي عشْرة أغنيةً انتمت إلى ما يصطلح السوريون على تسميته اليوم )الزمن الجميل(، ولعل محاولة الكورال التعلَّق بذلك الزمن وطموحات جيله، يكمن وراء اختيار اسمه المعتَّق. تراوحت الأغاني بين الشعبي والشعبي الوطني (ميَّل يا غزيِّل- سهل حوران- ..)، والكلاسيك العربي (أنا قلبي إليك ميَّال- بين الرضا وبين الدلال- خفيف الروح- اسأل مرة علي-..)، وما أسس له سيد درويش وعُّرِفَ فيما بعد باللون اللبناني أو الرحباني (يا لور حبك- بيتك يا ستي الختيارة- يا رايح عَ ضيعتنا-..). رافق الكورال مجموعة من العازفين على الآلات الموسيقية الشرقية (الناي- البزق- القانون- إيقاع- عود)، والغربية (أوكورديون- كمان- تشيللو- كونترباص)، ما أغنى جمالية الحفل. وكان لافتاً تفاعل الجمهور مع مروحة الأغاني هذه، بما ينفي فرضية (الجمهور عايز كِده) الرائجة والمروِّجِة لأغنية اليوم المؤرَّضَة التي تمثل شكلاً فاقعاً من أشكال الاغتراب الثقافي.
تأسس كورال (دهب عتيق) عام 2017 برعاية وزارة الثقافة وقيادة المايسترو حسام الدين بريمو، وبمبادرة بضعةِ نساء شكَّلن النواة الأولى للكورال الذي أقام حفله الأول نهاية العام المذكور بنحو عشرين سيدة، واتَّسع فيما بعد ليحيي حفله الثاني بنحو ثلاثين امرأة جميعهنَّ عاملات من مختلف الأعمار ، يُدرِكن أن المجهود الجماعي حتى لو كان غنائياً يحتاج تنحيةَ العامل الأناني جانباً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
909