في السخرية السياسية
لا شك أن التهكم والسخرية من الأوضاع السائدة موقف سياسي إعلامياً يتناول بالنقد اللاذع البنى السياسية والاقتصادية الاجتماعية، وساعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي في انتشار هذا النمط عبر منصاتها كالتويتر واليوتيوب وغيرها.
انتشرت السخرية السياسية عبر هذه المنصات حتى أصبح لها نجومها المعروفون وصفحات وقنوات واسعة الانتشار، بعضها عمل فردي بحت، وبعضها الآخر من أجل جمع المال، وبعضها غير بريء يعمل لصالح جهات إعلامية ما. تصنف السخرية السياسية والنقد اللاذع كشكل من الأشكال الضرورية لحرية التعبير عن الرأي وحرية الإعلام، وتقارب بعض الصفحات التي تنشط في هذا المجال، أن تكون أشبه ببرلمان فيسبوكي لبحث القضايا العامة للناس، بسبب عدم فعالية المنابر الأخرى في الحديث عن هذه القضايا، ولجوء شرائح واسعة إلى منابر افتراضية للتعبير عن رأيها.
تصل درجة السخرية السياسية إلى نقاط لم تستطع وسائل الإعلام المهيمنة الوصول إليها، وتكاد تشمل كل ما هو سائد، هي بحد ذاتها حمّالة أوجه في حال انعدام طرح الحلول للقضايا التي تسخر منها، وتغرق بالتالي في الموقف اليومي العاجز سياسياً أمام السائد.
اكتشفت بعض الجهات الإعلامية وغير الإعلامية أهمية ذلك، وشاهدت في الوقت نفسه موقفها اليومي العاجز سياسياً وبدأت تستفيد منها لأنها لا تستطيع تغيير البنى السائدة فعلياً إذا لم تطرح الحلول اللازمة.
ظهر على إثر ذلك نجوم السخرية السياسية المصنعون، الذين يسلطون نار السخرية والانتقاد السياسي المحق لتسويق استنتاجات سياسية خاطئة في شكل جديد لعقلية الوصاية وهيمنة السائد. يحتل أبطال السخرية عبر الصفحات الفيسبوكية العملاقة وقنوات اليوتيوب حيزاً كبيراً من الأعمال الساخرة اليوم، بسبب تراجع دور التلفاز، حتى أن برامج التلفاز الساخرة الشهيرة نفسها بدأت تنتقل إلى هذه المنصات.
أما حول الأهمية السياسية لهذا النمط، فقد يتحول بعض ممثلي الأعمال الساخرة إلى منصات تنطلق منها المعارك الإعلامية المقبلة، وربما توازي المعارك السياسية في الحدة والقوة.